شفا – رفضت المحكمة العليا الاسرائيلية هذا الاسبوع التماسًا مقدمًا من جمعيتا “ﭽيشاه- مسلك” ومركز الميزان، بإسم خمس طالبات من قطاع غزة طلبن التنقل بين غزة والضفة لدراسة الديمقراطية، النوع الاجتماعي والقانون في جامعة بير زيت في الضفة الغربية.
وكان القضاة قد قبلوا موقف السلطات الاسرائيلية التي ادعت في جلسة المحكمة بأن اسرائيل غير ملزمة بضمان حق سكان قطاع غزة بالدراسة في الضفة الغربية، وأن من حق اسرائيل كدولة ان تمنع تنقل الطالبات عبر اراضيها، على غرار منعها “سكان منطقة معادية” من العبور ضمن اراضيها.
وجاء رفض الالتماس بعد ان عبّر قضاة المحكمة العليا الاسرائيلية عن عدم ارتياحهم من الحظر التام الذي تفرضه السلطات الأمنية الاسرائيلية على عبور الطلاب من قطاع غزة الى الضفة الغربية منذ العام 2000.
وفي قرار المحكمة العليا في العام 2007، رفض القضاة التماسًا مشابهًا ولكنهم أوصوا السلطات الاسرائيلية بإقامة آلية لبحث حالات استثنائية يتم السماح بعبورها، بدلا من تطبيق المنع الشامل على خروج الطلاب.
أما في سير القضية الحالية، فقد أمرت المحكمة العليا سلطات الدولة في أيار الماضي، بإعادة النظر برفضها السماح لأربع من الطالبات بالعبور الى الضفة. ولكن السلطات الاسرائيلية رفضت العدول عن قرارها، فقامت المحكمة في آب وبتشكيل مختلف من القضاة، بإصدار أمر احترازي يطالب الدولة بتبرير رفضها.
أما في الجلسة النهائية للحكم، والتي بت فيها قضاة آخرون، جاء رأي الغالبية المكون من القاضيين ناؤور وزيلبرطال ليقضي بأن الدولة غير ملزمة بإقامة آلية لبحث حالات استثنائية بحيث تتمكن وفقها الطالبات الاربع من الدراسة في الضفة الغربية. في حين قال القاضي روبنشطاين، وهو يمثل رأي الأقلية، بأنه يجب اصدار أمر للدولة بإنشاء آلية لبحث حالات فردية يتم استثناؤها من الحظر الشامل على عبور الطلاب.
كما جاء رأي المحكمة موافقًا لموقف الدولة بأن اتاحة عبور الطالبات الى الضفة تؤدي الى “إضعاف سياسة الفصل المنسوبة لأسباب سياسة وأمنية”. وهذا يعني بأن القضاة وافقوا على تقييد حرية التنقل بين غزة والضفة حتى في حالات لا يتم فيها ابداء اسباب أمنية عينية ضد الأفراد الذين يطلبون التنقل.
ويقول عصام يونس، مدير عام “الميزان”: “إن تمسك السلطات الإسرائيلية برفض السماح للطالبات الوصول إلى أماكن دراستهن هو انتهاك لحرية التنقل والحق في الوصول إلى التعليم العالي في المؤسسات الفلسطينية التي أقيمت لصالح الفلسطينيين جميعًا، وتكريس لتصميم إسرائيل، قوة الاحتلال، على المضي قدما في سياسة العقاب الجماعي للسكان الفلسطينيين في قطاع غزة المخالف لنصوص القانون الدولي. هؤلاء النساء ومؤسسات حقوق الانسان التي تمثلهن، سيستمرون بتحدي الانتهاكات الإسرائيلية لحقوق الإنسان في الأراضي الفلسطينية.”
وتضيف نعمي هيجر، مديرة القسم القانوني في “ﭼيشاه- مسلك”: “للأسف قامت المحكمة بتبني موقف قانوني يتجاهل الواقع القائم. فسكان غزة لا يعيشون في دولة اجنبية وانما يرزحون تحت سيطرة اسرائيل في عدد من جوانب حياتهم – خاصة فيما يتعلق بسيطرة اسرائيل التامة على قدرتهم على العبور الى الضفة الغربية، والتي تربطهم فيها علاقات عائلية، اقتصادية وأكاديمية. يجب أن نذكر هنا ان في كل من غزة والضفة تسيطر حكومة مختلفة، ورغم ذلك اسرائيل حتى الآن تعترف بالمنطقتين كوحدة جغرافية واحدة، ولذلك فهي لا تزال ملزمة بالسماح بحركة العبور بينهما، وذلك وفقًا لتفتيشات امنية فردية.”
يذكر هنا أنه حتى الآن لا تتوفر في جامعات غزة أية مسارات تعليمية لدراسة الماجستير في موضوع الجندر أو الديمقراطية، لذلك فإن الفرصة الوحيدة لمجموعة الطالبات اللاتي يردن استكمال درجة الماجستير – وجميعهن ناشطات في مجال حقوق المرأة في غزة – هي الوصول إلى الضفة الغربية. رفض طلبهن هو أمر مثير للتساؤل خاصة على خلفية التسهيلات التي طبقت مؤخرا على انتقال الناس من غزة إلى الضفة – في كل شهر يتم تسجيل ما يقارب من 4000 دخول لمواطني القطاع إلى إسرائيل والضفة. بالاضافة الى ذلك، سمحت سلطات الدولة مؤخرًا لاثنتين من الطالبات الوصول الى الضفة الغربية لأغراض أخرى مؤقتة مثل العلاج الطبي والمشاركة بدورات أو ورشات عمل.