شفا – اختير البروفسور بسام دله من بين 2 % من العلماء في العالم في مجالات العلوم كافة بحسب تصنيف جامعة ستانفورد لعام 2021.
في حدث علمي بارز كشف تقرير من جامعة ستانفورد الأمريكية النقاب عن أسماء أبرز العلماء في العالم، ليكون من بينهم عالم أسترالي من أصل فلسطيني تميز ببحوثه العلمية الرائدة.
فلقد اختير البروفسور بسام دله من بين 2 % من العلماء في العالم في مجالات العلوم قاطبة بحسب تصنيف جامعة ستانفورد لعام 2021.
هذا الإنجاز هو ثمرة بحوث ودراسات متواصلة قام بها البروفسور بسام دله من خلال عمله الأكاديمي في أستراليا وخارجها.
الدكتور بسام دلة هو بروفسور في الهندسة الميكانيكية متخصص في علم الهندسة الفيزيائية والطاقة النظيفة.
حاصل على درجة الدكتوراه في الهندسة الميكانيكية من جامعة سيدني عام 1998، وترأس قسم الأبحاث في كلية الهندسة والتكنولوجيا في جامعة أديليد في ولاية جنوب أستراليا.
الاهتمامات البحثية:
تتنوع الاهتمامات البحثية للبروفسور دله وتشمل الطاقة النظيفة والديناميكا الهوائية، والطاقة المتجددة بما في ذلك الرياح، والطاقة الشمسية.
ويمتد اهتمامه بشكل أساسي في بحوث التفاعلات الكيميائية، وبنية واستقرار واحتراق وتخزين الطاقة، وأنظمة الطاقة الهجينة، وتكييف الوقود في العمليات الصناعية.
كما تركز أبحاثه حاليًا على تطوير تقنيات فعالة ومبتكرة لتخفيف انبعاثات الكربون. ويعمل أيضًا على وضع حلول تقنية لإزالة الكربون من الصناعات الثقيلة عبر إيجاد عملية تكاملية مرنة للمصادر المتجددة مثل الكهرباء واحتراق الهيدروجين والأمونيا وحرارة الشمس.
وعمل الدكتور بسام دلة في جامعة أديليد الأسترالية. ويعمل حاليًا في جامعة الملك عبدالله للعلوم والتقنية في المملكة العربية السعودية.
البروفسور بسام دله من بين أهم 2 بالمئة من العلماء المؤثرين في العالم وفي مجمل العلوم، فعلى أي أساس تم الاختيار؟
يقول دله: “كنت أعرف قدراتي وتأثيري في مجال عملي وتخصصي، ولكني تفاجأت عندما علمت أنني من بين 2 بالمئة من كل العلماء قاطبة وليس في مجال تخصصي فحسب، ولا شك أنني فخور جدا بهذا”.
ويقول دله إن الباحثين في جامعة ستانفورد ارتكزوا على موقع عالمي يدعى Scopus، وهذا الموقع يحوي سجلا فيه كل المقالات العلمية التي تنشر ومن اقتبس هذه المقالات أيضا. وهناك موقع مشابه يدعى Google Scholar فيه نفس المعلومات.
“أخذ هؤلاء الباحثون عدد الاقتباسات ومعايير أخرى منها عدد سنوات العمل وأهمية المجلات العلمية التي نشرت فيها وغير هذا، ووصلوا لهذه اللائحة في تدريج العلماء الذين نشروا مقالاتهم واختاروا 2 بالمئة منهم، والذين باعتقادهم وبحسب هذه المعايير، هم الأكثر تأثيرا في العالم في كل المواضيع وليس في موضوع واحد”.
ما هي أبرز المواضيع التي تناولها البروفسور دله في أبحاثه؟
بدأ دله أبحاثه في علم الاحتراق المعروف بالإنجليزية بcombustion وبالأخص نجاعة الاحتراق وتقليل انبعاث الغازات الضارة للبيئة عند حرق الوقود الاحفوري.
وركز دله في أبحاثه في السنوات العشر أو الاثنتي عشرة الأخيرة في مجالات الطاقة المتجددة، خاصة الطاقة الشمسية وطاقة الرياح والمد والجزر.
ويقول إن تخصصه الآن هو الدمج ما بين الطاقة المتجددة والطاقة العادية “لأن الطاقة المتجددة مثل الشمس والرياح غير موجودة كل الوقت”.
4 براءات اختراع
وحقق البروفسور بسام دله نجاحات وسجل اختراعات في استخدام الطاقة المتجددة في مجالات أخرى غير توليد الكهرباء، مثل تصنيع الاسمنت والحديد والألومينيوم.
ويقول: “هذه المواضيع لا يتم بحثها كثيرا مع أنها مهمة، لأن توليد الكهرباء مسؤول عن 30 بالمئة فقط من كمية ثاني أوكسيد الكربون ولذلك الأبحاث التي عملت عليها كانت جديدة ومجددة، ولدي 4 براءات اختراع، كلها في هذا المجال، وهذا زاد من تأثيري لأن هذه المواضيع جدا آنية ومهمة”.
إنجازات الدكتور بسام دله سبقته إلى المملكة العربية السعودية
لم تخفَ جهود البروفسور دله في مجال التطور العلمي والتقني على المهتمين في هذا القطاع. فلقد شارك في مشاريع عديدة في دول العالم مثل اليابان وكوريا الجنوبية.
ومنذ سنتين قامت جامعة الملك عبدالله للعلوم والتقنية في المملكة العربية السعودية باستقطاب البروفسور دله ليكون ضمن فريق العلماء في مركز أبحاث “الاحتراق النظيف” في قسم العلوم والهندسة الفيزيائية.
ويقول دله إن خبرته كانت جواز سفره إلى جامعة الملك عبدالله للعلوم والتقنية.
“من الأمور التي تم على أساسها استقطابي لآتي وأعمل في السعودية، هي المواضيع التي عملت عليها في أستراليا، وكان لها اهتمام كبير هنا في السعودية”.
“جامعة الملك عبدالله للعلوم والتقنية هي جامعة خاصة عمرها 11 عاما وتستقطب العلماء الذين لديهم خبرات، ووجدوا أن خبرتي جيدة، خاصة أنني لا أركز فقط على الأمور الصغيرة في المختبرات ولكن كان لدي نظرة أبعد، فأنا أريد أن أطور تقنيات والسعودية معنية جدا بأن تطور التقنيات التي تخفض ثاني أكسيد الكربون”.
وتوافقت خبرة الدكتور بسام دله في أستراليا كقارة مشمسة وفيها من عناصر الطاقة المتجددة كالرياح والأمواج، مع البيئة الجغرافية السعودية، بالإضافة إلى ما تخبئه الأرض من معادن. ولذلك كان من الطبيعي أن تكون خبرته العملية محط اهتمام في السعودية التي تعهدت بأن تتوصل إلى “محايدة في الكربون” أي أن يكون صافي انبعاثات ثاني أكسيد الكربون صفريّ في عام 2060.
“هناك كثير من الأمور المتشابهة بين استراليا والسعودية في عدة مجالات، ومنها أن البلدين لديهما معادن وغازات، لكن السعودية تتميز بأن لديها بترول أكثر. وفي نفس الوقت لدى الدولتين طاقة شمسية وطاقة رياح جيدة جدا، بالإضافة إلى الحرارة الجوفية لباطن الأرض. لذلك فالتقنيات المفروض تطويرها في الدولتين متشابهة”.
“ووجدوا أن لدي الخبرة والاهتمامات والتوجه التقني التي ستستفيد منه الجامعة والدولة نفسها، ولذلك قدموا لي العرض لأعمل هنا”.
صحيح اني اعمل الآن في السعودية لكن أستراليا لم تخسرني
وهذا الأسبوع أعلن رئيس الوزراء الأسترالي سكوت موريسون عن تخصيص مبلغ 2 مليار دولار للجامعات ومراكز الأبحاث الأسترالية “من أجل تحويل الأفكار العظيمة الى مشاريع ونجاحات تجارية، ولكي تكون أستراليا في طليعة الدول المتقدمة علميا”.
ويقول البروفسور بسام دله: “لا شك أن أستراليا متقدمة علميا وخاصة بمواضيع الطاقة المتجددة. وهي تتناحر مع باقي الدول المتقدمة في تطوير تقنيات لاستغلال هذه الطاقة. ويريدون أن ينتجوا الهيدروجين لأن دولا مثل اليابان وكوريا سوف تستخدم الهيدروجين لتوليد الكهرباء”.
ويشير إلى أمر مهم آخر:
“الأمر الثاني المهم لأستراليا، هو ما نسميه المعادن الخضراء، وهذا يعني أنهم سوف يصنعون معادن لا يكون لها أي تأثير على البيئة، أي أن لا يكون لها من الأساس أي انبعاث لثاني أكسيد الكربون”.
وردا على سؤال حول ما إذا كانت أستراليا قد خسرته، قال دله:
“الحقيقة أنكم لم تخسروني، فلا زال لدي مشاريع مشتركة مع جامعة أديليد… التعاون بين العلماء موجود في كل مكان، وأنا أعمل مع كثير من العلماء والأكاديميين في كل العالم ومنهم في أستراليا. لكن لا شك أن هناك تناحرا حول من سينتج الهيدروجين أولا وبأسعار منخفضة لكي يستطيعوا تسويقه، لأن هناك كثيرين يرغبون باستخدامه”.
رغم انشغالاتي شعرت أن من واجبي الوطني الدفاع عن قضية الشعب الفلسطيني
العمل الأكاديمي وانشغالاته العلمية وترأس مركز للأبحاث في جامعة أديليد في ولاية جنوب أستراليا لم تمنع البروفسور دله عن الانغماس في العمل السياسي فيما يتعلق بالقضية الفلسطينية.
فلقد أسس مع مجموعة من الناشطين الأستراليين جمعية “أصدقاء فلسطين الأستراليين” وترأسها لمدة من الزمن. وكانت هذه المجموعة ناشطة في إبراز قضايا الشعب الفلسطيني وحشد الدعم لها على الصعيدين الشعبي والرسمي في أستراليا.
ويقول: “لا شك أن عملي السياسي يدل على أنه مهم بالنسبة لي على الرغم من انشغالاتي. القضية الفلسطينية بالنسبة لي مهمة، وشعرت أن علي واجبا وطنيا للعمل لها”.
“كوني أكاديمي يعطيني إمكانيات لترتيب وقتي بطريقة أخرى وبحرية أكثر. وهذا ما سمح لي بدمج العمل السياسي بالعمل اليومي”.
“العمل السياسي بالنسبة لي ليس عملا أقوم به بعدما أذهب للبيت وفي ساعات فراغي، لكنني أقوم به من خلال عملي. هذا يزيد من عدد الساعات ومن مسؤولياتي ومن الطاقات التي أكرسها لكي أستطيع التوفيق بين الاثنين طبعا”.
ويقول البروفسور بسام دله إن هذه الإنجازات لم تكن لتتحقق لولا دعم وتضحيات العائلة:
“لا بد أن أذكر دعم زوجتي رائدة، وعائلتي، فلولا هذا الدعم والتضحية لما استطعت تحقيق الكثير مما حققت على الصعيدين المهني والسياسي”.
أنا متفائل جدا بما أستطيع تقديمه من خلال أبحاثي وأفكاري وبأن يكون لها تطبيق وتأثير في المستقبل
ويقول البروفسور دله إن من أهم الأهداف التي يريد تحقيقها بما يفيد البشرية والكرة الأرضية هي “القضية المصيرية لكوكبنا والتي نعمل عليها هي تخفيض والحد من ازدياد درجة حرارة الجو طبعا”.
“وتقول منظمة الطاقة العالمية IEA إن 40 بالمئة من التقنيات التي سنحتاجها للحد من زيادة حرارة الجو، ما زالت في الجامعات أو في مراكز الأبحاث. لذلك أنا أعمل مع زملائي هنا لتطوير تقنيات في المجالات التي تنتج ثاني أكسيد الكربون. وسوف اركز على تصنيع الاسمنت والحديد والسماد، وتوليد الكهرباء”.
“لدي مشاريع كثيرة، خاصة وأن هناك تقنيات كثيرة في هذا المجال. وعندي الآن مجموعة كبيرة تعمل معي ويوجد دعم كبير من الجامعة ومن الصناعة والشركات الكبرى هنا التي هي معنية بهذه التقنيات”.
“أنا متفائل جدا بما أستطيع تقديمه من خلال أبحاثي وأفكاري وبأن يكون لها تطبيق وتأثير في المستقبل”.