إلى محمود الزهار: لم أفكر يوما بالكتابة إلى أحد من أعضاء حركة حماس لا بالشكل العلني ولا السري.. لكن ما جعلني اكتب لك بشكل خاص كونك أصبحت الزعيم الأول لسلطة الإمارة في غزة، وأصبحت المتحكم بمصير شعبي في غزة، واليوم أنت تترأس المجلس التنفيذي لإدارة حكومة حماس في غزة..
لعلك لا تعرفني.. أو لعلك تعرفني.. وأنا إن عرفتك شكلا أو صافحتك يوما فكان للصدفة مكانها.. لكن اعترف أنني أعرفك جيدا لأنني أتابع كل ما تقوله، وأتابع كل تصرفاتك علي الأقل بشكل متصل منذ اليوم الأول للانقلاب الذي تسميه أنت الحسم العسكري والذي اسميه أنا سيطرة العصابات المسلحة علي غزة .
إن الذي دفعني بالكتابة لك بشكل مباشر كونك أصبحت الزعيم المتحكم فينا، وبالهواء الذي يتنفسه الشعب.. والشيء الآخر هو مجمل حواراتك وتصريحاتك عن جزء من وطني غزة، والتي تقول فيها: “إن غزة تتمتع باقتصاد قوي وتقارنها بالضفة الغربية، وأن الوضع الاقتصادي تحسن كثيرا.. حيث هناك اكتفاء ذاتي في كثير من السلع بعد أن تم استغلال الكثير من أراضي المستوطنات السابقة وزراعتها، لدينا اكتفاء ذاتي في بعض الجوانب باستثناء البترول والكهرباء”.. إلى هنا انتهي الاقتباس من حديث الزهار إلى وسائل الإعلام..
هنا يفرض الزهار موقفة ويقحم نفسه بقضايا ليس له أي تخصص بها سوى كونه الحاكم ورئيس إدارة غزة.. والاهم من ذلك، ما زال الزهار يتغنى بالمقاومة مقنعا نفسه بأن حركة المقاومة الإسلامية حماس التي تشكلت في منزل الشيخ احمد ياسين في الاجتماع التاريخي للحركة هي نفسها الموجودة اليوم، متناسيا بأن الاحتلال قام بالسيطرة علي العديد من المفاصل الأساسية للحركة إلى درجة أن الاحتلال هو من يصنع قرارات حركة حماس بشكل غير مباشر تساوقا مع أساليب العمل.. حتى أصبحت عناصر الحركة المسلحة هي من تحمي حدود قطاع غزة، وتحرص بعدم إطلاق الصواريخ من غزة.. وان الزهار نفسه يقول أن غزة ارض محررة ولا داعي للمقاومة من هنا، بل المقاومة يجب أن تكون في الضفة الغربية حيث الاحتلال الإسرائيلي.. وان الزهار لا يرى الاحتلال موجودا في غزة..
للأسف هذا هو واقع الأمر اليوم بالنسبة لحركة حماس بل تعدي الأمر ذلك إلى اعتقال ومصادرة سلاح المقاومين بل تعذيبهم في سجون الأمن الداخلي ومصادرة سلاح المقاومة ..
دعونا نعود إلى التصريحات الخاصة بالزهار فالحديث عن واقع الأمن الداخلي وطبيعة عمله ليس له مجال الآن والحديث عن المقاومة وطبيعتها في غزة يطول شرحه.. وهنا نقول للزهار أن تقارن غزة بالضفة هذا شأنك الداخلي، أما أن تقول غزة فيها اقتصاد يعتمد علي الزراعة لأنه تم زراعة المحاصيل في ارض المستوطنات المحررة، فهذا هو ادعاء لا يمكن أن يقبله أي احد.. ببساطة الكل يدرك أولا ارتفاع أسعار الخضروات في غزة بالرغم من اقتصادك الزراعي ومحاصيلك .. وعلي العموم أيضا انه ليس هذا السبب المهم الذي دفعني أن اكتب لك ..
أنت اليوم ومعك مجموعة مسلحين وبحجة فوزك في انتخابات المجلس التشريعي تسيطر علي غزة، وتحمي مجلسك بالمسلحين، وتدافع عن وجودك الذي أصبح فاقدا للشرعية بحكم انتهاء ولاية مجلس حماس التشريعي، والذي لم يعقد من الأصل، ولم يكن فاعلا.. وانك ترمي بنفسك، وتقنعها بعلاقاتك مع النظام الإيراني، والنظام البائد لبشار الأسد.. وتحاول فرض نفوذك مستفيدا من فوز الرئيس المصري محمد مرسي في انتخابات الرئاسة المصرية.. مقنعا أو مقتنعا أنت ورئيس مجلسكم في غزة إسماعيل هنية بأنكم امتداد طبيعي للإخوان المسلمين، وان حماسكم في غزة هي تتبع الإخوان المسلمين ..
اليوم أقول لك يا سيد زهار قف وفكر معمقا بان الإخوان المسلمين يرفضونك، ويرفضون رهانك الخاسر والأحمق.. انك تراهن علي أن تستمر في حصار شعبك في غزة وتجويعه.. إلا إذا اعتبرت أن من هم خارج حركة حماس ليسوا من شعبك في غزة.. وهذا أمر طبيعي بالنسبة لتفكيرك وأسلوبك ..
دعنا نتحدث بصراحة تامة سيد زهار..
إن القوة التي تسيطر فيها علي غزة، وأمنك الداخلي، لو سمح فقط بمظاهرة حرة تعبر عن الرأي.. يا هل ترى كم من الممكن أن يكون عدد المتظاهرين الذين س يخرجوا في مظاهرات مناهضة لحكمكم في غزة.. ؟!!
اعتقد أن الإجابة عند أمنكم الداخلي واضحة.. وأي عنصر من أمنكم الداخلي ممكن وبسهولة أن يجيبك علي هذا التساؤل.. فقط ارجع إلى أمنك الداخلي واطلب منه تقريرا مفاده ان لو سمحت حماس للتظاهر في غزة للشعب ماذا سيكون المشهد في اليوم الثاني..؟!!
عبر أكثر من ست سنوات مضت علي الانقسام، وتفرد حركة حماس في حكمها قطاع غزة وسيطرتها بالقوة المسلحة.. دعنا نتابع ما حدث او نسلط الضوء علي حياة السكان في قطاع غزة .. او بشكل آخر أين وصلت حركة حماس في غزة وهي تنفرد بالسيطرة علي القطاع .. ؟!!
آخر خبر نشر حول الأمن، وقبل كتابتي هذه الرسالة هو انتحار فتاه بشربها مادة سامة.. ومقتل شاب أخر بالرصاص من قبل مجهولين.. وانتحار شاب حرقا.. ومحاولة انتحار الآخر ..
بالطبع مجمل الأحداث علي صعيد الأمن والأمان للمواطن تتلخص بنظام السرقة الذي أصبح نظاما محميا.. والنصب في غزة أصبح تحت القانون في عهد مجلس حماس.. والا كيف تفسر والتساؤل هنا للزهار قضية “الكردي والروبي” وفشل كل محاولاتكم في ارجاع الحق لأصحابه .. ؟!!
الشيء المهم والتساؤل الاهم الذي لا بد منة لحكومة حماس في غزة ولمكتب حماس السياسي الذي يرفضون الإفصاح عن تفاصيله لأسباب لم نعد نفهمها .. هل باتت حماس بوجهة نظركم بديلا عن منظمة التحرير الفلسطينية..؟!! وهل تشكل حماس مرجعية للشعب الفلسطيني .. ؟!!
اليوم وبعد فشلكم في إدارة غزة تتوجهون إلى القاهرة لتصدير الأزمة الداخلية لحركة حماس.. ولفرض أجندة خاصة بكم علي الجانب المصري.. وتتفاوضون على غزة ضمن رؤيتكم لوضع غزة المستقبلي.. حيث تدعون أن قطاع غزة أصبح محررا ولا بد من إقامة الدولة الفلسطينية عليه.. ولا بد أن يكون الامتداد الطبيعي للدولة الفلسطينية جمهورية مصر العربية.. وتعملون علي إقامة المنطقة الحرة بين غزة ومصر بديلا عن الأنفاق وبديلا عن الاحتلال في خطوة نحو الاستقلال .. !!
إن هذه البدائل والتي يرفضها شعبنا الفلسطيني لأنها تأتي علي حساب الشهداء والتضحية ومسيرة النضال الوطني، كما أنها الأساس في وجود انقسام الدولة الفلسطينية، وإقامة دولة غزة علي حساب المشروع الوطني الفلسطيني، والمساهم الأكبر كي تكون حماسكم وحكومتكم في غزة هي البديل لتمثيل الشعب الفلسطيني ..
في حقيقة الأمر ورغم الانقسام، أبقت السلطة الوطنية الفلسطينية بقيادة حركة فتح علي مسؤوليتها لرعاية قطاع غزة.. وعملت علي تمثيل القطاع بشكل مباشر.. ورغما عن الانقسام كانت السلطة ومنظمة التحرير الفلسطينية هي الممثل الشرعي للشعب الفلسطيني في قطاع غزة، وهذا تجلي واضحا في حماية مصالح شعبنا ورفض أي شكل من إشكال الانقسام.. وللأسف نري اليوم أن قيادة حماس في الخارج وغزة تهرول لإعلان غزة منطقة محررة.. وقيام دولة غزة تعزيزا للانقسام علي حساب سكان قطاع غزة الذي تسيطر علية حركة حماس بقوة العصابات المسلحة ..
اعتقد أن هذا الطرح لا يمكن أن يعجب الكثيرين من أعضاء حركة حماس، ولكنه يقنع الكثيرين أيضا من أبناء الشعب الفلسطيني.. وان الاستمرار في سياسة الانقسام الحمساوية هي انتحار وقتل سياسي للشعب الفلسطيني.. فيجب علينا أن لا نفرح كثيرا للمنطقة الحرة التي تعطي الاحتلال صك غفران وبراءة من احتلال دام لقطاع غزة أكثر من أربعين عاما، وما زال القطاع يخضع لسيطرة الاحتلال الكاملة ..
إن من لا يري أن الاحتلال يقتل شعبنا في قطاع غزة، ويحتل أرضنا، ومعابرنا، ومياهنا فهو متواطئ مع الاحتلال الإسرائيلي ويقدم خدمات مجانية له …
سري القدوة