روح الإمارات بين الجبال ، بقلم : صفية محمد الشحي
احتفلت الإمارات، وكان عرساً مذهلاً، انطلق من قلب سد حتا، بروح من موسيقى ولغة شعرية وأصالة، قل أن يشاهد مثيلها في احتفالات من هذا النوع. الحفل الذي رعاه صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، حفظه الله، أنجزت مشاهده المحكمة كمطولة منسابة عبر الزمن عقول إماراتية، قدّمت حضارة هذه الأرض لشعبها وللعالم بأدوات معاصرة وتقنيات خلابة، تركت الحضور حابساً أنفاسه حتى لحظة إسدال الستار على الحكاية المعروضة على صفحة الماء.
استثمار عناصر طبيعة المكان بهيبة جبالها، وزلال مائها، وعطر هوائها النقي كان خطوة – فنان وليس مؤدٍ – تداخلت مع منحوتة تشبه اللؤلؤ العاكس لأسارير القصة، المتربع على اللحظة، في مزيج بين ماضي الحدث ومستقبله.
أما الموسيقى كجزء من نسيج الحدث كانت حكاية ثانية ولدت في ترددات «الندبة» معلنة لحظة الاحتفال الكبرى، منذ تفتح قريحة البشرية عن رموز للتواصل، اكتشفت في بطن هذه الأرض، التي نضحت عن عمر من الاكتشافات التي حولت هذه البقعة إلي جسر عبور من وإلى الحضارة.
«ديرتنا» هي تجربتنا الأولى في فن التجدد، وهي البوصلة العلامة لمسارات اخترقت سقف السماء إلى الفضاء. بهذه الرمزية ارتبط الجزء بالكل، وبهذا الكل عبدت طرق السماء والأرض، فاتحة بوابة التجارة والاقتصاد والدبلوماسية. ولم ينسلخ كل ذلك عن «خصوصية الإمارات بقبائلها الكريمة ونواخذتها، ومن شققت أيديهم فلجان العطاء، فاخضر التبر من بعد تشقق».
الدار لا اسم لها ولا عنوان بدون أهلها، وهكذا توالت صور الكريمات من سيدات تركن علماً وشعراً وإدارة وعبوراً متجدداً نحو مستقبلنا، لتقف صغيراتنا على مسرح التجربة المستقبلية، بأسئلة الكبار.
ترافقت هذه التحية لخمسين عاماً قادمة بتكنولوجيا العصر، فكانت طائرات، وتقنيات عرض تفاعلية، وسماء تزينت بلوحات الفرح، مكللة نشيدنا الوطني الشامخ حتى النهاية، لتظل الثقافة العربية الإماراتية سيدة اللحظة دون منازع، ودون خلل في الموازين. وقد رفعت الفرق القائمة على هذه الملحمة معايير الأداء الثقافي والإعلامي، ما يطرح أسئلة مثل: «كيف لنا أن نواكب كل هذه الدهشة؟ وكيف لنا أن نتعلم من التجربة ما يضيف لمستوى أدائنا في الساحة الثقافية دون خلل؟