التجارة تبدأ من خزانتك ، بقلم : منى الرئيسي
ليس كل شيء بالتقادم يفقد قيمته.. وهذا الكلام يفهمه جيداً عشاق «الفنتج»، فنظرة فاحصة داخل غرفة الملابس وخزائن المجوهرات والساعات والحقائب وحتى الأحذية، كفيلة بلمح مجموعة من القطع الثمينة وذات العلامات الراقية التي لم نعد نرتديها لمجرد مرور موسمها وموضتها، فالبعض لا يريد أن يقال عنه «دقة قديمة».
ولكن للكلاسيكيات سوق وأشخاص يقدرون حرفية ورقي بعض القطع التي كلما مرعليها وقت، زادت قيمتها، فبعض العلامات لا تعيد تكرار المنتج، ما يجعل الحصول عليها صعباً وحصرياً لفئات معينة.. ويكفي أن تزور واحداً من وكلاء الساعات العريقة مثل رولكس مثلاً أو محال هيرميس وشانيل لتطلع على قوائم الانتظار من الزبائن الذين ينتظرون قطعاً بعينها، ولديهم الاستعداد لدفع مبالغ مضاعفة تتجاوز قيمة المنتج للأفراد الذين يملكون القطعة بحالتها الجيدة، دون أي أضرار أو آثار تُفقد المنتج قيمته، فالعلامة التجارية وحدها لا تكفي أحياناً.
وفي المقابل هناك الكثير من قطع «الفنتج» التي تباع بسعر أقل ولكن في نهاية الأمر يتم إعادة تدوير استخدامها اقتصادياً بما يعود بالنفع على كل أطراف، وهذا هو الهدف الأول لظهور هذه الثقافة عالمياً في الستينات بعد أن تسببت الحروب في نقص عالمي في المنسوجات، ما دفع المتسوقين ليبحثوا عن طرق أخرى.
«الفِنتج» شكل من أشكال الاستثمار، فما تُرِك في خزانة الأمس أو توارثناه من أجدادنا يشكل ثروة اليوم بحسن الإدارة والتسويق والبحث عن السعر الأفضل، عبر المحال المختصة ببيع المستعمل والمزادات التي بات نشاطها واضحاً مؤخراً في السوق المحلي ولكن باجتهادات فردية أخذت وقتاً طويلاً لتحظى بثقة الناس، إلى جانب بعض الحسابات على وسائل التواصل الاجتماعي.
وهذا يستدعي من السوق المحلي والقائمين عليه وضع إطار تنظيمي لعملية «الفِنتج» بحيث تضمن ازدهار هذه الحركة واتساع رقعة متداوليها والذين أغلبهم اليوم من فئة الشباب، إلى جانب تفعيل أدوات الرقابة وفحص المنتج لضمان الثقة وعدم التلاعب الذي من السهل أن يطال هذا النوع من التجارة، لوجود سوق سوداء تبيع المقلد المتقن.
وقبل ذلك كله تعزير الوعي والثقافة بأنه لا عيب من ارتداء ما هو مستخدم وقديم هو الأهم اليوم، في ظل استنزاف الجيوب على ملابس وإكسسوارات تلبس مرة واحدة وترمى، وخاصة عند النساء اللاتي يرفضن تكرار لبس فستان السهرة مثلاً.. هل تعلمين أن الأميرة بياتريس تألقت بفستان جدتها الأبيض من تصميم ويليام هارنتيل في حفل زفافها، أي من خزانة الملكة إليزابيث الثانية؟