شفا – ترامب أعطى إسرائيل ضوءً أخضراً للإستمرار في بناء المستوطنات ، بقلم: سيفر بلوتسكر – عن صحيفة يديعوت احرنوت – ،
لا يمكن للمرء أن يكون متأكداً – لدى الرئيس دونالد ترامب لا يمكن للمرء أن يكون متأكدا من أي شيء – ولكن يجب أن نكون جاهزين. جاهزون لانعطافة حادة في نهج البيت الأبيض تجاه المستوطنات. فهي واردة في بيان ترامب، بتوقيع الناطق بلسان البيت الابيض كما نشر بعد إعلان نتنياهو نيته السماح بإقامة مستوطنة جديدة في “المناطق”. وقد كررها الناطق كلمة كلمة في المؤتمر الصحافي، يوم الجمعة الماضي.
لقرابة ربع قرن امتنعت حكومات “إسرائيل” عن إقرار إقامة مستوطنات يهودية جديدة في الضفة، وشددت على أن البناء في “المناطق” يتم فقط وحصرياً في “حدود” المستوطنات القائمة. فالحدود واسعة بما يكفي لاستيعاب نصف مليون يهودي آخر، دون اكتظاظ. أما اعلان نتنياهو فيتناقض مع هذا المبدأ غير المكتوب، وفي الايام العادية كان يمكن، بالتالي، توقع شجب حاد من البيت الأبيض.
ولكن الأيام غير عادية. بيان ترامب ليس فقط مصوغاً بلغة رقيقة، بعيدة عن الشجب، بل يعبر أيضاً عن سياسة جديدة تماما. فقد تقرر فيه انه برأي الادارة الأميركية فان المستوطنات القائمة “ليست عائقاً للتسوية”. وتقرر فيه أنه فقط إقامة مستوطنات جديدة وتوسيع المستوطنات القائمة الى ما يتجاوز حدودها الحالية “قد لا يجدي في تحقيق الهدف” الذي تحدد كـ “سلام بين الاسرائيليين والفلسطينيين”.
والاستنتاج الناشئ، الجلي لعين الجميع: ترامب يعطي حكومة إسرائيل ضوءاً أخضر للبناء كما تشاء في المستوطنات في “المناطق”، على ألا يخرج البناء عن نطاق حدوده؛ حدود رسمتها إسرائيل نفسها. وحتى لو خرجت، فلا بأس، فقد أوضح البيان أيضا بأن ترامب لم يبلور بعد موقفه النهائي في المسألة. وينتظر لقاء نتنياهو.
إن لم تكن هذه انعطافة فما هي الانعطافة، إذاً؟
مجموعة من المحللين في وسائل الاعلام الأميركية والاوروبية لم تتحرر بعد من رؤية ترامب مواصلا طريق الرؤساء السابقين وليس كثوري شعبوي. هكذا ايضا في حالة موقفه من المستوطنات: ها هو ترامب “يتبنى المواقف الاساس لسياسة اوباما الخارجية”، هتف اولئك المحللون. وهذا بوضوح أمر منفر.
ليس صدفة أن غاب عن البيان الرئاسي، وكذا أيضا عن التصريحات القليلة لترامب في موضوع النزاع الإسرائيلي – الفلسطيني، مصطلح “حل الدولتين”. يبدو على نحو ظاهر أن ترامب لا يؤمن باحتمال مثل هذا الحل ويميل الى تسوية من نوع آخر، تقوم على أساس فكرة الحكم الذاتي الفلسطيني.
فكرة الحكم الذاتي طرحت لأول مرة في اتفاقات كامب ديفيد في العام 1977. ومصطلح “حكم ذاتي” قبل 40 سنة يساوي اليوم ما يصفه نتنياهو بــ “دولة فلسطينية ناقص”، أو “سلطة زائد” بلغة ما بعد “أوسلو”. والمقصود، كما يبدو، خلق وضع يكون فيه في المنطقة بين البحر المتوسط ونهر الاردن حاكم صاحب سيادة أمنية أعلى واحد، هو اسرائيل، والسيادة المدنية المتبقية تتوزع كيفما اتفق بين اسرائيل وحكم ذاتي (جمهوري؟ جماهيري؟) فلسطيني ينال معظم رموز الدولة المستقلة، دون أن يكون كذلك.
من غير المستبعد أن تدعى الاردن للمشاركة في التسوية أو الصفقة – الكلمة المحببة لترامب – حيث تعكس في أساس الأمر الوضع القائم في “المناطق”. لا تخلى أي مستوطنة، وفي أقصى الاحوال تتحرك. وهذا فارق شاسع: في عهد شارون وبوش أخليت المستوطنات اليهودية من قطاع غزة ونُقل سكانها الى إسرائيل. في عهد نتنياهو وترامب عمونه تتحرك فقط، وسكانها لم يقتلعوا بل رُحّلوا (رغم أنفهم) بضع كيلومترات داخل الضفة.
بيان البيت الأبيض في موضوع المستوطنات ينخرط على نحو جميل في السياسة الخارجية للإدارة الجديدة. قد لا يكون ترامب يتطلع ليلغي بشطبة قلم الاتفاق النووي مع ايران، ولكنه لن يذرف دمعة إذا انهار النظام نتيجة لخطوات ايرانية وردود فعل أميركية. فالعقوبات التي فرضها في نهاية الاسبوع على ايران هيأت المساء السريع لذلك. ولا تستبعدوا من الحساب عملاً عسكرياً للولايات المتحدة في كوريا الشمالية، اذا ما اغريت هذه لتجربة على صاروخ نووي بعيد المدى.
لدى ترامب، كما قلنا، من الصعب أن نعرف مسبقاً إلى أين تهب الريح الباردة ولكن من المؤكد أن ما سيكون لم يسبق أن كان.