شفا – كشف التقرير السنوي لديوان الرقابة المالية والإدارية لعام 2020 عن تجاوزات خطيرة ومحسوبية في ملف التحويلات الطبية بوزارة الصحة في رام الله، أبرزها تمييزها مستشفى النجاح بمنحه أولوية في التحويلات دون أسباب واضحة.
وتضمنت التجاوزات التي كشف عنها التقرير، الانتقائية في تطبيق بعض البنود التي جاءت في نظام التأمين الصحي والعلاج خارج الوزارة رقم (11) لسنة 2006م، فيما يتعلق بإعفاء موظفيها بنسبة 100% من مصاريف العلاج بالخارج والتأمين الصحي.
وقال الديوان إنه أجرى رقابة امتثال على التحويلات الطبية للعامين 2018-2019م، بهدف التحقق من سلامة الإجراءات المتبعة في إدارة التحويلات الطبية، وتبين أن وزارة الصحة تستند في عملها على قرار مجلس الوزراء رقم (113) لسنة 2004م بنظام التأمين الصحي الحكومي، ولا تستند لنظام التأمين الصحي والعلاج خارج الوزارة رقم (11) لسنة 2006م الواجب التطبيق.
وأضاف “أن وزارة الصحة تقوم بتطبيق بعض البنود التي جاءت في نظام التأمين الصحي والعلاج خارج الوزارة رقم (11) لسنة 2006م، فيما يتعلق بإعفاء موظفيها بنسبة 100% من مسـاهـمـة الـعـلاج خارج الوزارة ومن مساهمتهم في الأدوات والمعدات المستخدمة في العمليات الجراحية، مما يشير إلى الانتقائية في التطبيق.
محسوبية لجامعة النجاح
وكشف ديوان الرقابة عن أنه “تم منح أولوية في التحويلات الطبية لمستشفى النجاح، دون وجود أسباب واضحة لمنحه الأولوية، وفقاً للبند رقم (2) من الاتفاقية الموقعة مع المستشفى بتاريخ 2013/02/25م.
وأوضح أن نسبة التحويلات الطبية للمستشفى للأعوام 2016 م و2017 م و2018م بلغت ما نسبته 18% من إجمالي قيمة التحويلات الطبية، وهي النسبة الأعلى بين مسـتشفيات محافظات الضفة الغربية وقطاع غزة”.
وأكد الديوان أن “هذا يشير إلى غياب المعايير الأم للأسس التي يتم الاسـتـنـاد عليها في اختيار مزودي الخدمة الذين يتم تحويل المرضى لهم”.
التحويل للداخل
وكشف التقرير عن الاستمرار في تحويل المرضى لمسـتشـفيات الداخل الفلسطيني المحتل بالرغم من قرار الرئيس محمود عباس بوقفها في شهر 2019/03م، موضحًا أنه تم إصـدار (3,826) تحويلة طبية، بعد قرار وقفها وحتى تاريخ 2019/12/31م، دون وجود أسباب واضحة للاستمرار في التحويل.
وجاء في التجاوزات التي كشف عنها التقرير “أنه تم صرف قيمة العلاج نقدًا لعدد من المرضى، علماً بأنهم تلقوا الخدمة الطبية في مستشفيات خارج مراكز وزارة الصحة، ودون أن يكون قد تم تحويلهم من وحـدة شـراء الخدمة للعلاج”.
وبين أنه تم منح تحويلات طبية استثنائية بناء على قرار وزير الصحة في حينه لمرضى موجودين خارج مراكز ومستشفيات وزارة الصـحة، خلافاً للإجراءات المتبعة في التحويل، من حيث وجود تقرير طبي صادر من مراكز ومستشفيات الوزارة ومعتمد وفقاً للأصول.
ولفت التقرير إلى وجود ضعف في إجراءات الضبط الداخلي في متابعة الإجراءات التي تسبق إصـدار التحويلات، من حيث وجود نقص في بعض المعززات اللازمة في ملفات التحويلات الطبية من بينها عدم وجود المصادقات اللازمة للأطباء على طلب التحويل، أو لا تتوفر طلب التحويل نفسه في الملف، كما يتم طلب التحويلات من أقـسـام المستشفيات لعدد من المرضى بتاريخ يسبق تاريخ دخولهم للمستشفى الحكومي.
واعتبر الديوان أن “هذا الضعف لا يعطي تأكيدًا حول سلامة الإجراءات المتعلقة بالتحقق من اكتمال معززات التحويل قبل طلبها”.
وأضاف “كما لم يتوفر تأكيـد حول قيام الوزارة والمستشفيات والمراكز، ولجان التحويل، ووحـدة شراء الخـدمـة بالإجراءات الكافية التي تضمن التحقق من وجود الحاجة الفعلية للتحويل، من حيث التحقق من عدم توفر الأدوية والأجهزة والمعدات من خلال التنسيق مع المستودعات في الوزارة وعدم توفر شاغر في المستشفيات من خلال التحقق الفعلي من ذلك، أو من وجود فترة انتظار طويلة من خلال التحقق من سجل الدور في المستشفيات، كما جاء في التقرير”.
“اختلاف التكلفة وعدم المتابعة”
ونوه الديوان إلى أنه اكتشف “عدم وجود تأكيد معقول حول قيام الوزارة بالإجراءات الكافية والمناسبة للتحقق من تلقي المرضى الذين يتم تحويلهم للخدمة الطبية المناسبة وبالجودة المطلوبة، خاصة في مستشفيات الداخل”.
وأكد أنه لا يوجد تأكيد حول قيام الوزارة بالإجراءات الكافية والمناسبة للتحقق من قدرة مزودي الخدمة الذين يتم تحويل المرضى إليهم، على توفير الخدمات الطبية المناسبة من حيث وجود الأخصائيين والأجهزة والمعدات التي يستخدمها مزودو الخدمة ومدى كفاءتها في العمل.
وكشف التقرير عن تحويل المرضى لمستشفيات غير سارية الترخيص، مبينَا أنه تم تحويل (410) مرضى لأحد المستشفيات خلال الفترة من شهر 2017/12م وحتى شهر سبتمبر عام 2019، علماً بأن المستشفى خلال تلك الفترة لم يكن ساري الترخيص.
كما كشف عن اختلاف تكلفة التحويلات الطبية الفعلية للأعوام 2016م -2018م، ما بين وحدة شـراء الخدمة والإدارة العامة للشؤون المالية، والتقارير الصحية السنوية الصادرة والمنشورة على موقع الوزارة الإلكتروني.
وقال الديوان: “بلغت تكلفتها وفق كشـوف وحـدة شـراء الخـدمـة وخصومات المقـاصـة (817,042,636) شـيـقـل (849,789,971) شيقل (1,034,698,411) شيقل على التوالي، وبلغت قيمتها وفقاً للتقارير الصحية السنوية المنشورة على موقع الوزارة (566,720,668) شيـقـل (431,074,755) شيقل (724,622,913) شيقل”.
ارتفاع كبير بالتحويلات
ورغم قرار وقف التحويلات والتخفيض الكبير من عددها بقرار من الرئيس عباس، إلا أن التقرير كشف عن “استمرار ارتفاع إجمالي تكلفة التحويلات الطبية وارتفاع أعدادها منذ البدء بإصـدارهـا وحتى عام 2018م، واستمرار ارتفاع نسبة التحويلات الصادرة لخارج دولة فلسطين”.
وبيّن أن نسبة التحويلات لخارج فلسطين بلغت (22.3%) في عام 2016 م، و(33%) في عام 2017م و(26%) في عام 2018م، من إجمالي قيمة التحويلات الطبية وفقاً للتقارير الصحية السنوية للوزارة.
ويأتي هذا الارتفاع على الرغم من أن الوزارة حددت هدف توطين الخدمات الصحية في فلسطين كهدف استراتيجي لها، وحددت نسبة تخفيض التحويلات الطبية إلى الحد الأدنى وهو (7%) من مجموع التحويلات وفقاً للاستراتيجية الوطنية الصحية 2017-2022م، وفق الديوان.
كما جاء في التقرير أن لم يتوفر تأكيـد حـول صـحـة البيانات المدخلة على النظام المحوسب (Erferral) لعام 2018م، خاصة فيما يتعلق بتكلفة التحويلات (الحد الأقصى للتغطيـة) والآلية التي يتم التصنيف بناء عليها.
كما كشف عن وجود عدد من البيانات المهمة والأسـاسـيـة والتي تتعلق بتفاصيل حول التحويلات لم يتم إدخالها على النظام (نوع التحويلة والتشخيص الطبي والجهة المحول لها)، بالإضافة إلى اكتشاف أن ما نسبته (62%) من التحويلات الموجودة على النظام لم يتم تحديد سبب التحويل لها.
وأظهر تقرير ديوان الرقابة المالية والإدارية عن خروقات وتجاوزات لعدة وزارات حكومية ومؤسسات تابعة للسلطة في العديد من الملفات، خاصة في مخصصات “وقفة عز”، وملف الحج، وأثار موجة كبيرة من الغضب والاستهجان.