ثقافة غرس الإنسانية قبل المعرفة ، بقلم : سحر الزارعي (سحر الزارعي)
لا أحد في هذا العالم – تقريباً – ينكر فضل المعرفة وأهميتها على صناعة الحضارات وتقدم الشعوب وعلى سائر تفاصيل الحياة اليومية ومواجهة التحديات المستجدة التي تواجه البشر.
المعرفة سلاح متجدّد بيد البشر يجب أن يتم توظيفه في غرس الخير وتعزيز مفهوم المحبة والسلام ومد جسور التواصل بين الثقافات وتبادل الفائدة بكل أشكالها وأنواعها وفتح مساحات النقاش الحضاري مع الآخر بكل رحابة صدر وتقبُّل للاختلاف.
لكن قبل المعرفة هناك أمر صعب، وهو يتزايد صعوبةً مع الوقت وتطور نوعية الضغوطات والتحديات والعوائق التي يواجهها البشر! ألا وهو تنصيب الإنسانية كأولوية لا يمكن التخلي عنها نهائياً تحت أي ظرف من الظروف، لا مبررات ولا مسوّغات مقبولة حتى لو مؤقتاً.. في التخلي عن جوهر الإنسان في داخلنا. إن صدق الاتصال مع الروح الإنسانية التي فُطرنا عليها هو بيت القصيد.. طبيعتنا الأصلية أننا إخوة في الإنسانية، وأي فكرة تدعو للعنف هي مرفوضة تماماً إلا في حالات خاصة ومن قبل السلطات المختصة وليس الأفراد.
لماذا أصبحت المهارات أهم الشهادات حسب عدة معايير عالمية مستجدة؟ لأن النتائج على الأرض أهم ألف مرة من روائع الأقوال والعروض والمؤتمرات ورسائل الدكتوراه! الفعل أهم من القول! والقول الذي لا يكون بنية دعم الفعل يُصنّف تحت مصطلح «ثرثرة» لأنه مضيعة للوقت والجهد.
من لا يعرف كيف يكسب الناس لن يكسب أي شيء في الحياة، تخيّل أنك ابتكرت لقاحاً لفيروس كورونا لكن لا أحد من البشر على كوكبنا يطيق سماعك ولن يمنحك أي فرصة للحديث! سيضيع الابتكار هباءً.
أنواع معينة من الحوادث النوعية تقرع أجراس الإنذار بخصوص مستقبل البشرية التي لا خيار لها سوى العيش معاً والتعايش الرحيم لتحقيق الاستمرارية. مثقفون وجامعيون وعلماء ومبدعون، يقذفون ابنهم أو ابنتهم من نافذة المنزل بحجة مخالفة أوامرهم! لا قيمة لهم كبشر وبالتالي قيمتهم صفر في المعرفة والتأثير ومكانهم المصحات النفسية.
أطالب بابتكار مؤشر إنسانيّ عالميّ متطوّر يجعل «الإنسانية» نتيجة يجب أن تستحقها وليست كلمة تتبجّح بها بينما تؤذي أقرب الناس إليك.