المقصود هو اللواء البعثي الأسدي بهجت سليمان الذي يصرّ وبإلحاح على وضع صفة (الدكتور) قبل اسمه، مع أنّه كان و ما يزال لواءا في المخابرات البعثية الأسدية ، رغم تعيينه سفيرا في الأردن عقب اندلاع الثورة السورية ضد الأسد ونظامه في مارس 2011 . وهو يدّعي أنّه حاصل على درجة الدكتوراة من رومانيا دون أن يتجرأ على ذكر من أية جامعة رومانية، وهل هو يجيد اللغة الرومانية؟ وما هو موضوع أطروحة الدكتوراة الرومانية هذه، وفي أية سنة حصل عليها، وهل أقام في رومانيا للدراسة، ونحن وعموم الشعب السوري يعرف أنّه لم يغادر دمشق مطلقا منذ أن كان مدير أمن سرايا الدفاع التابعة لرفعت الأسد عم بشار الوحش. وعندما كنت في دمشق منذ عام 1982 حتى عام 1991 ، كان صديقي السوري أحد رؤساء تحرير جريدة تشرين البعثية الرسمية لعدة سنوات، يتمسخر على الدكتور بهجت سليمان، ويقسم لنا هذا الصديق أنّ هذه صفة بعثية خاصة لدى كبار الضباط فهم لا يكتفون برتبة لواء أو عقيد بل لا بد من اضافة صفة الدكتور قبلها، وكلها شهادات مزورة وتحديدا من رومانيا وبلغاريا وروسيا.
ومن المعلومات المعروفة والمتداولة عنه في الشارع السوري الذي لا يحظى فيه بأية نسبة من الاحترام والتقدير، أنّ ما أوصله لهذه السطوة والجبروت كونه فقط ضابطا علويا، كان من أقرب الضباط لرفعت الأسد منذ أن كان برتبة رائد، حتى في شهور محاولات رفعت الانقلاب على شقيقه حافظ، وعندما مالت موازين القوة العائلية لصالح حافظ، تقلّب حسب المصلحة فأيّد حافظ بعد طرده لشقيقه رفعت مع ملايينه من الدولارات إلى موسكو أولا ثم استقر في ماربيا الأسبانية متنقلا بين باريس و لندن، يبذخ بمليارات مسروقة من ثروة الشعب السوري. وفي العام 1988 رقّاه حافظ الأسد إلى رتبة عميد، وأصبح ( الدكتور العميد بهجت سليمان ) رئيسا لفرع 251 في إدارة المخابرات الأسدية. وهذا الفرع يسمّى أيضا (فرع الأمن الداخلي ) الذي يشرّف ويراقب كل تحركات المواطنين السوريين والعرب في داخل سوريا بمن فيهم الصحفيون، وبعد شهور قليلة تمت ترقيته إلى رتبة لواء فأصبحت صفته ( الدكتور اللواء بهجت سليمان ). وكان لنا صديقا صحفيا من عائلة سورية مشهورة (حذيفي) له قريب برتبة عقيد في (المخابرات الجوية) ينقل عن قريبه هذا، أنّه لا يمكن لوزير الإعلام أن يصدّر ترخيصا لصحفي سوري أو عربي للعمل في سوريا بدون الحصول على موافقة اللواء الدكتور بهجت سليمان.
أحد المتهمين في اغتيال رفيق الحريري
ومن المعروف أن (الدكتور) اللواء بهجت سليمان من الأشخاص الذين وردت أسماؤهم ضمن تقرير المحقق الألماني ديتليف ميليس، بأنّه واحد ممن خططوا وشاركوا في عملية اغتيال رئيس الوزراء اللبناني السابق رفيق الحريري عام 2005 ، والدليل على ذلك أنّ النظام أعلن عقب ذلك احالته على التقاعد شكليا رغم استمراره في مواصلة كافة أعماله وصلاحياته المخابراتية التي غالبا تقع ضمن الجرائم والقتل والتعذيب للسوريين والعرب، وقد كانت احالته للتقاعد وليس قتله فقط لأنه من المقربين لعائلة الأسد إجراميا، ويحركونه كما يريدون بدون أي اعتراض أو مناقشة، بينما غازي كنعان تمّ اغتياله في مكتبه بوزارة الداخلية وأشاعوا أنّه انتحر، عبر سيناريو ساذج لا يمرّ على معتوه أو فاقد العقل.وذلك لأنّ النظام لم يكن يضمن سكوت غازي كنعان وكتمه لأسرار الجريمة مثل بهجت سليمان. لذلك كان لا بد من التخلص منه وما معه من أسرار عن الجريمة.
سفير في الأردن أم خلية مخابراتية؟
إنّ تعيين ( الدكتور) اللواء بهجت سليمان سفيرا للأسد في الأردن لم يأت من فراغ، ولكن بسبب حساسية العلاقات الأردنية الأسدية المتوترة دوما بسبب ملفات عديدة يعرقل حلّها النظام الأسدي، هذه العلاقات والملفات التي تحتاج لخلية مخابراتية وليس سفيرا دبلوماسيا، وبهجت سليمان هو المسؤول منذ توليه رئاسة فرع الأمن الداخلي عن مئات الاعتقالات التي طالت أردنيين تحديدا، بمن فيهم قيادات بعثية أردنية مثل حكم الفايز الذي أمضى في السجن قرابة ثلاثين عاما، وضافي اجميعاني و مجلي نصراوي اللذين أمضيا في السجن قرابة ربع قرن، غير قائمة المفقودين منذ ما يزيد على خمسة وثلاثين عاما، وأعلن القائمة رسميا المحامي الأردني هاني الدحلة ، رئيس المنظمة العربية لحقوق الإنسان في الأردن، بتاريخ الثاني والعشرين من فبراير 2007 ، وتضمنت القائمة 52 مواطنا أردنيا ومن ضمنهم الشابين الأردنيين ماهر و وفاء عبيدات اللذين تمّ اعتقالهما بأمر مباشر من بهجت سليمان عام 1986 وهما ما زالا طالبين في جامعة دمشق دون سن العشرين أعمارهما، أي أنّهما اليوم في سن يقارب 55 عاما دون معرفة أهلهم في الأردن إن كانوا أحياءا أم أمواتا. ولأنني كنت أعرف الشابين شخصيا أثناء اقامتي في دمشق، وهذه معلومة أكشفها للمرة الأولى، اتصلت بصديقي الصحفي من عائلة (حذيفي) وطلبت منه توسط قريبه العقيد آنذاك في المخابرات الجوية للإفراج عنهما، لأنني متأكد أنّه لا نشاطات سياسية لهما مضادة لسوريا أو النظام، وبعد يومين اتصل بي العقيد شخصيا ليخبرني: أنّه اتصل باللواء بهجت سليمان المسؤول عن الأمن الداخلي فأكّد له اعتقالهما ولكن عليه نسيان الموضوع وعدم مراجعته فيه ثانية. أمّا قائمة الاغتيالات ضد أردنيين وعمليات ضد أهداف ومؤسسات أردنية في الخارج فلا داعي لتكرار ذكرها، فقد أكّدها باتريك سيل في كتابه ( الأسد..الصراع في الشرق الأوسط ) والبعثي السوري السابق اللواء عبدو الديري في كتابه ( أيام مع القدر) الذي يوثق فيه تجربته الطويلة في حزب البعث السوري.
ويستمر مبتهجا بعمله المخابراتي في الأردن
إذ فور وصوله سفيرا للأسد في عمّان أقام في الخامس والعشرين من مايو 2011 حفل عشاء لصحفيين أردنيين موالين ومطبلين للنظام الأسدي بينما رفض الحضور غالبية الصحفيين الأردنيين لتضامنهم مع الشعب السوري الذي يقتله يوميا نظام الأسد بدم بارد أو بدون دم على الإطلاق. ويكتب الدكتور اللواء في مواقع اليكترونية أردنية مقالات مديح لنظام الأسد موقعة باسمه رغم أنّ بعضها لكتاب أردنيين لهم مصلحة البهجة مع بهجت سليمان ونظامه. ويتجول في عمّان لدرجة القاء خطابات في مجالس عزاء لأردنيين، ولكن عندما يحين الجدّ وتستدعيه الخارجية الأردنية يوم التاسع عشر من أغسطس 2012 للاحتجاج على سقوط قذائف أسدية على قرية الطرّة شمال الأردن، يخالف الأعراف الديبلوماسية ويرفض الحضور بحجة أنّه في اجازة العيد، بينما رئيسه في سوريا لم يأخذ اجازة عيد ولو لساعة واحدة، مستمرا في قصف المدن السورية خاصة حلب ودمشق بكافة أنواع الأسلحة، ويرسل القائم بأعمال السفارة لتسلم مذكرة الاحتجاج الأردنية.
غضب شعبي ونقابي أردني وتريث رسمي
لذلك تسود أوساط غالبية الشعب الأردني حالة غضب من تصرفه غير الدبلوماسي هذا، وأدانه العديد من المسؤولين الرسميين دون ذكر أسمائهم للإعلام، بينما افتتح نشطاء أردنيون صفحة في الفيس بوك تحت اسم (معا لطرد السفير السوري من عمّان)، وشهدت شوارع الأردن حتى قبل تصرفه المخابراتي هذا تظاهرات وتجمعات تطالب بطرده لأنّه ممثل لنظام قاتل وسفّاح بحق الشعب السوري، إذ أصبح معدل القتل اليومي لا يقل عن مائة مواطن سوري. و خاصة بعد حشده لموظفي السفارة وبعض السوريين القادمين من دمشق خصيصا، يهتفون أمام السفارة في عمّان ( نحن شبيحة الأسد) وأكّد مراقبون لهذا التجمع أنّ بهجت سليمان كان يوجه التعليمات لهذه المظاهرة ونوع الهتافات من داخل السفارة.
لذلك كتب محمد حسن التل رئيس تحرير جريدة الدستور اليومية الأردنية يوم الثاني والعشرين من أغسطس 2012 حرفيا: ” إنّ الأمة كلها ومعها أحرار العالم، مطالبة اليوم بالوقوف إلى جانب الشعب السوري المنكوب، والذي كانت نكبته للأسف على يد نظامه، وإنقاذه من بحر الدم الذي أُغرق به ظلماً وبهتاناً، أمام نظر العالم وسمعه. علينا منذ الآن إسكات كل صاحب صوت نشاز لا ضمير لصاحبه، يدافع ويبرر الجرائم التي ترتكب على أرض سوريا، من درعا إلى حلب…وإننا اليوم نطالب الحكومة بطرد سفير نظام الأسد من عمان، وإغلاق سفارته، لكسره القواعد البروتوكولية، ورفضه تسلم مذكرة الاحتجاج الأردنية من قبل وزارة الخارجية، بعد سقوط القذائف من خلف الحدود على قرية الطرة، وجرح عدد من الأطفال، وترويع السكان هناك، كما نطالب بسحب سفيرنا من دمشق حتى تتحرر”.
ولكنّ الحكومة الأردنية تتريث في الأمر لحساسيته وارتباطه بملفات عديدة أساسا مغلقة ولا أمل في تفعيلها بين الدولتين بسبب إصرار نظام الأسدين السرّي والمعلن على عدم إقامة علاقات طبيعية متوازنة مع الأردن. وكافة التقارير المعلوماتية تفيد أنّ نظام الأسد كلما ازداد الحبل اقترابا من رقبته يعمد إلى خلط الأوراق عبر تصدير أزمته للجوار العربي، وقد بدأ بشمال لبنان فعلا خاصة في طرابلس حيث من حين إلى آخر حرب علنية بين السنّة والعلويين، وما تم كشفه بعد توقيف جوزيف سماحة واعترافاته المذهلة…لذلك فالحذر والحيطة والتأهب هو المطلوب أردنيا الآن، خاصة أنّ الخلية المخابراتية بهجت سليمان لها عملاء ومتعاونون كثر في الأردن، من منهم في الإعلام الأردني لا يخفي هذا الترابط مع الخلية، وتبقى العين على الخلايا النائمة خاصة من جماعة أحمد جبريل الذين فعلا دخل العديد منهم بجوازات سورية تحت غطاء لاجئين هاربين ،ولا أعتقد أنّ هذا يخفى على المسؤولين في الأردن….فلننتظر فالقادم أعظم توحشا من هكذا خلايا تبتهج بالجرائم والقتل حسب تعليمات اسيادها.
www.drabumatar.com