تناقلت وسائل الاعلام خلال الـ 48 ساعة الماضية توجيه دعوة ايرانية رسمية للقيادي الحمساوي اسماعيل هنية لحضور قمة دول عدم الانحياز. وحرصت قيادة الانقلاب في قطاع غزة، على إشاعة ما يوحي وكأن الدعوة حقيقية، حتى طالب محمد عوض، نائب هنية للخروج من «المأزق» بضرورة تشكيل «وفد مشترك»؟ حتى سقط البعض في مزالق اللعبة الخبيثة من حيث لا يدري، بأن «تمنى» على هنية عدم تلبية الدعوة.
لعبة الدعوة الايرانية لاسماعيل هنية، ليست أكثر من لعبة سمجة، شاء مروجوها إلى إشاعة اجواء من البلبلة والارباك في اوساط القيادة الرسمية. ومحاولة وضع العصي في مشاركة القيادة الشرعية في قمة عدم الانحياز، التي تناصر قضايا الشعب الفلسطيني، وذلك للحيلولة دون اتخاذ اية قرارات سياسية لدعم الاهداف الوطنية. وايضا لحرص حكومة نتنياهو اليمينية المتطرفة على إفشال القمة، لا سيما ان ليبرمان، وزير خارجية اسرائيل هاتف بان كي مون، الامين العام للامم المتحدة، طالبا منه عدم الذهاب لطهران.
جمهورية ايران الاسلامية، تعلم علم اليقين ان لفلسطين عنوانا واحدا، وممثلا شرعيا وحيدا، هو، منظمة التحرير الفلسطينية، ورئيس منظمة التحرير، الرئيس المنتخب من الشعب. ولا يوجد بديل له. ولا تستطيع ايران او مصر او قطر او اميركا او غيرها من الاقطاب والدول او المنظمات الدولية والاقليمية العبث بهذا الأمر. لان هناك ضوابط سياسية ودبلوماسية وقانونية تحمي مكانة القيادة الشرعية من التلاعب والعبث بمكانتها الوطنية.
لهذا اكد السفير الايراني في دمشق، ان الدعوة الرسمية وجهت لقيادة منظمة التحرير ورئيسها. ومع ذلك، وتفاديا لأية ألاعيب ايرانية او اسرائيلية او حمساوية، ليس مسموحا لايران توجيه دعوة لاحد زمن انعقاد قمة عدم الانحياز. وفي حال سعت الدولة المضيفة للتلاعب بهذا الامر، فان القيادة الرسمية ستنسحب من القمة. وهذا ما حصل سابقا في القمة العربية، التي عقدت في ليبيا قبل الثورة الشعبية، عندما حاول العقيد القذافي اشراك خالد مشعل، رئيس المكتب السياسي لحركة حماس في الوفد الرسمي، غير ان الرئيس محمود عباس رفض ذلك بقوة.
تدرك القيادة الرسمية بقيادة الرئيس عباس طبيعة العلاقات الثنائية بين ايران وحركة حماس. وكان اسماعيل هنية زارها قبل فترة وجيزة، وسبقه مشعل وغيرهما من قيادة حركة حماس. لكن هذه العلاقة الثنائية ليس لها علاقة بالعلاقات الرسمية بين القيادتين الايرانية والفلسطينية. وتستطيع جمهورية الملالي دعوة هنية او غيره في الوقت، الذي تشاء، ولكن في التعامل الرسمي بين الشعبين، ليس من حقها ولا من حق اي قيادة سياسية في دول العالم المختلفة دعوة فريق غير رسمي باسم فلسطين للمشاركة في اي فعالية عربية او اقليمية او دولية، إلآ اذا شاءت هذه القيادة قطع العلاقات مع القيادة الشرعية للشعب العربي الفلسطيني.
مع ذلك يبدو من خلال عملية العبث والتلاعب في مسألة الدعوة لحضور قمة عدم الانحياز، المقررة في 28 و29 الشهر الحالي، ان هناك توجها للاساءة والانتقاص من مكانة التمثيل الرسمي للقيادة الشرعية الفلسطينية. لا سيما ان لعبة دعوة هنية، تتزامن مع الحملة الشرسة، التي تشنها حكومة نتنياهو عموما وخاصة وزير خارجيتها ليبرمان بالتساوق مع الولايات المتحدة، وبعض القوى الرسمية العربية، التي تصب جميعها في إشاعة اجواء ضبابية حول مكانة القيادة الرسمية لمنظمة التحرير الفلسطينية والرئيس ابو مازن تحديدا، للتمهيد لارتكاب عملية ارهابية ضد الرجل والقيادة الوطنية، وتهيئة البديل المتساوق مع مشاريع الدولة ذات الحدود المؤقتة. الأمر الذي يفرض على القيادة الشرعية، التوقف أمام ما يجري بقوة ودون مجاملة، ووضع كوابح وموانع وطنية لدرء مخاطر الاستهتار بمكانتها ودور منظمة التحرير الفلسطينية، الممثل الشرعي والوحيد للشعب العربي الفلسطيني.