توت حاوي حاوي توت بقلم : ثائر نوفل ابو عطيوي
توت حاوي حاوي توت، القصيدة الشهيرة لشاعرنا الأجمل شاعر العامية المصرية عمنا أحمد فؤاد نجم، لروحه المناضلة وردة وسلام.
توت حاوي حاوي توت القصيدة التي تحاكي الواقع السياسي الفلسطيني بكافة تفاصيله ، وتشبه القصيدة بمفرداتها حكاية صندوق الدنيا أو صندوق العجب ، الذي يأتي بكل ما هو غير متوقع ولا يخطر على البال ، نظراً للحالة التي ترافقه من استغراب واندهاش قد تصل بالإنسان إلى حد الاستهجان من واقع لا يعترف بواقع الأمر والحال ، وكأنه لا يرى واقع الحال في كل الأحوال ، ولا يريد الاقتراب منه أو مسايرته أو التفكير للحاق في ركبه أو الوقوف أمام مرآته برهة من الزمن ، ويكون الاكتفاء هنا باختصار تغيير الحال من المحال.
توت حاوي حاوي توت ، الواقع السياسي الفلسطيني الذي يأتينا في كل يوم جديد بشيء جديد ، ولكن للأسف الوطني أن معطياته ومدخلاته ومخرجاته لا تأتي بالمطلق بالشيء الحقيقي الجديد ، بل هي حالة تراكمية في التفنن بإعادة التجديد لأمور ومفاصل وعناوين بثوب جديد ، مع بقاء حالة الواقع سائدة وجوهر المضمون كما هو بلا تأثير أو تغيير ولا حتى مجرد التفكير في احداث اختراق للواقع الحقيقي على طريق التبديل والتغيير في واقع معطياته لا تتناسب بالمطلق مع المحيط ومع كل ما يحيط ، وخصوصاً مع واقع أبناء شعبنا الفلسطيني الذي يتطلع منذ سنوات طوال إلى تغيير الواقع والحال ، وعدم البقاء على نفس اللحن والمنوال ، وفق أمنية يصبو إليها في عزف لحن جديد يحتوى على اتساع الأفق السياسي والادراك والاستماع إلى كل ما هو جديد من الموال ، حتى لا يبق رهينة التقوقع والانحباس في حال وكأنه السجن الإرادي الذي يتم اختياره طواعية وبرضا تام، رغم القناعة التامة أن ضرورة التغيير مطلب عام من أجل التأثير ومواكبة الواقع ،وعدم تعطل قارب العطاء والانتماء والإسهام في عملية البناء والنهوض الممكنة ،التي يتطلع لها الإنسان لقادم الأيام.
توت حاوي حاوي توت، حكاية الواقع السياسي الفلسطيني بكافة معطياته وتفاصيله في بقاء الانقسام والحديث الهلامي الحاضر الغائب عن الوحدة والمصالحة عنوان المحبة والسلام ، وحكاية تجديد الشرعيات والتغني بالديمقراطيات في ظل فرض سياسية الأمر الواقع وعدم الأهمية والاعتبار لصوت المواطن والرأي العام ، وحكاية شعب أنهكه الفقر وفتك به المرض وقتله الجوع، في ظل المطالبة والبقاء صامداً دون ركوع، وحكاية أجيال وأجيال أغرقتها المآسي والأحزان والهموم ، وكأنها قدرها ألا تستقبل المطر وتبقى شاحبة النظر نحو التطلع إلى الغيوم ، وتوت حاوي حاوي توت، حكاية قطار الانتظار الذي لم يأت ، لكي يأخذ المسافرين الحالمين نحو الغد والأمل والانتصار للحياة، من أجل وداع الحكاية الحزينة وتمزيق فصولها الممتلئة كآبة ورتابة ويأسا وأحزانا، لتجسد الحكاية الحقيقية المروية من سالف العصر والزمان أن الإنسان إنسان له هوية وعنوان، وليس كائنا آخر أو …. ، والسلام ختام على عالم الإنسانية والفكرة والإنسان.