بايدن” … وآمال الفلسطينيين المعلقة بقلم : ماجد أبو دية
لا يقل اهتمام الفلسطينيين، عن اهتمام باقي شعوب العالم، بما فيهم الأميركان أنفسهم، عن متابعة مجريات الانتخابات الأميركية، لكن الفلسطينيين هم أكثر من تلقى ضرباتٍ قاسيةٍ في عهد الرئيس ترامب، الذي منح إسرائيل أكثر مما تمنته في تاريخ علاقتها بالولايات المتحدة، بدءاً بقتل حل الدولتين، مروراً بإعلان القدس عاصمة لإسرائيل، وصولاً إلى دعم إسرائيل في خطة ضم مناطق واسعة من الضفة الغربية، والتوسع الاستيطاني، وانتهاءً بوقف كافة أشكال المساعدات الأميركية، وإغلاق القنصلية الأميركية في القدس، وإغلاق مكتب بعثة منظمة التحرير في واشنطن.
يُعلق الفلسطينيون بصيص أملٍ على مرشح الديمقراطيين، الفائز حتماً بانتخابات الرئاسة، جوزيف بايدن، الذي يصف نفسه بصديق إسرائيل وحليفها منذ أكثر من 45 عاماً، حينما بدأ مسيرته بعضوية مجلس الشيوخ عن الحزب الديمقراطي عام 1973، حتى توليه منصب نائب الرئيس أوباما حتى عام 2017، لعب خلالها دوراً مهماً في تقديم إدارة أوباما أكبر هدية في تاريخ العلاقات الأميركية – الإسرائيلية، عندما حصلت إسرائيل على قرابة 38 مليار دولار من الدعم العسكري على مدى عشر سنوات، إلا أن “بايدن” وهو ينافس على موقع الرئيس، طرح مواقف أكثر وضوحاً واعتدالاً عما هو متوقع في سياسته الخارجية تجاه مجموعة من قضايا المنطقة العربية، وأهمها القضية الفلسطينية، فقد انتقد إسرائيل بشدةٍ بسبب استمرار التوسع الاستيطاني في الضفة الغربية، وإفشالها مساعي الإدارة الأميركية في تحقيق ما يسمى “السلام بين الفلسطينيين والإسرائيليين، وهذا كان مؤشر على سلوكه السياسي المتوقع تجاه القضية الفلسطينية حال فوزه بالانتخابات.
أعلن “بايدن” التزامه التام بحل الدولتين، دولتين متجاورتين قابلتين للحياة، وتعيشان معاً في سلامٍ وأمنٍ واعترافٍ متبادل، وعارض الضم والتوسع الاستيطاني، وشدّد على أنه سيتخذ خطواتٍ فورية، لاستئناف المساعدات الاقتصادية والإنسانية للشعب الفلسطيني، بما في ذلك مساعدة اللاجئين الفلسطينيين، وأنه سيعمل على معالجة الأزمة الإنسانية المستمرة في غزة، وسيعمل على إعادة فتح القنصلية الأميركية المغلقة في القدس الشرقية، ومكتب بعثة منظمة التحرير المغلق في واشنطن، كل هذه المواقف التي لم تحظى بها القيادة الفلسطينية طيلة فترة ولاية ترامب، أصبحت تشكل أمالاً كبيرةً للفلسطينيين، بإنفراجةٍ وانفتاحٍ في العلاقات المستقبلية مع الإدارة الأميركية الجديدة.
ستجد القيادة الفلسطينية نفسها، قريباً، أمام مطلبٍ واضحٍ بالعودة إلى مفاوضاتٍ مباشرةٍ مع إسرائيل، دون قيدٍ أو شرط، تحت رعايةٍ وضمانةٍ أميركية، ويبقى السؤال الأهم والحاضر دائماً: إلى أي مدى ستكون القيادة الفلسطينية جاهزة للتفاوض حول قضايا الحل النهائي، وقبل هذا كله كيف ستقدم نفسها كممثلٍ عن كل الفلسطينيين، في ظل استمرار حالة الانقسام الوطني، والسلطة تغرق في صراعات داخلية مع المخيمات، واعتقالاتٍ على خلفياتٍ سياسيةٍ بحق نشطاء فتحاويين، وتشرذم الحالة الداخلية، وتشقق الصف الوطني، حيث إن التاريخ والفرص لا تتكرر، وكل من كان سبباً في ضياع هذه السنوات من الانقسام، حان الوقت أن يستيقظ ضميره لأجل شعبه وقضيته، وإنهاء كل الخلافات، وطي صفحة الماضي، وإعادة اللحمة للشعب الفلسطيني ولقيادته المشتتة، استعداداً للتعامل مع تحديات المرحلة القادمة، وتحقيق منجزات ومكاسب تعوض شعبنا كل الخسائر الفادحة التي تكبدها.