شفا – قال الكاتب والمحلل السياسي ثائر نوفل ابو عطيوي في حوار خاص مع مراسل شبكة فلسطين للانباء شفا، أن السلطة الفلسطينية لا تزال ومنذ نشأة الإنقسام السياسي في شطري الوطن تتبع سياسات التمييز بمختلف أنواعه من تمييز جغرافي ووظيفي ومالي واداري وإنساني بين المحافظات الشمالية من الضفة الغربية وبين المحافظات في قطاع غزة ، وكأن شقي الوطن جسدان منفصلان مختلفان بالمكاسب وغزة جسد منفرد بذاته لحمل الأعباء والنكبات وويلات المصائب ، هذا في إطار أن أهلنا الصامدين في ضفتنا الغربية ليسوا بالمطلق بأحسن حال على كافة الأحوال في الوضع المعيشي والإنساني لأشقائهم الأحبة من قطاع غزة ، فالضفة بكافة محافظاتها ومدنها وقراها وبلداتها الصابرة على ظلم صانع القرار في السلطة الفلسطينية من جهة ، والصامدة في وجه الاحتلال وممارساته القمعية اليومية.
واضاف ابو عطيوي لـ” شفا ” : سياسة السلطة الفلسطينية ومن خلال صانع القرار المتحكم في مفاصلها ومن حوله من أصحاب الأجندات المتنفذة الخاصة ومنذ زمن طويل لم تعد تربطهم بالحالة الوطنية الفلسطينية اي روابط من الممكن أن يستند عليها وطنيا وسياسياً ، وهذا يعود للعقل المسؤول المتحكم في مفاصل السلطة الذي لا يولي اي أهمية أو أدنى اعتبار للمعنى الوطني الملتزم المسؤول ، فكل ما يصبوا إليه ذلك المسؤول في السلطة هو جني المكاسب الخاصة أكثر واكثر وكأنه صفته المسؤولية ليست صفة عامة وطنية ، بل وصلت الحد وكأنها صفة ذاتية في إدارة ممتلكات خاصة شخصية ، وعدم وجود كيان للمواطن على اعتباره الأخلاقي أنه في أبسط المعايير هو الانسان ، ناهيك عن التفرد في صناعة القرار الوطني والسياسي دون العودة للمواطن والاحتكام للإرادة والرغبة الشعبية ، والتي على سبيل المثال الاعلان عن الانتخابات العامة ضمن الشراكة السياسية بين طرفي الانقسام والنزاع بثوب المصالحة الذي يخلو من الخيوط التي تمكن من تمتين ونسيج الثوب لتحقيق الوحدة وإنجاز المصالحة ضمن رؤية سياسية وهدف وطني واحد وموقف موحد يجمع عليه الكل الفلسطيني فعلا وعملا وليس قولا وخطابا كراميا فقط.
واشار ابو عطيوي : في موضوع منفصل لسياسة السلطة الفلسطينية ، وهو موضوع مسلسل العقوبات المستمر الذي ما زال مفروضا وبقوة على كافة مناحي الحياة في قطاع غزة منذ نشأة الإنقسام السياسي مرورا بالاجراءات العقابية المتلاحقة إلى العقوبات المستمرة على قطاع موظفين السلطة من أبناء غزة ، والتي تتمثل في قطع رواتب الموظفين بسبب معارضة سياسة السلطة من جهة ، وفرض الخصومات الإضافية المتتالية على قطاع الموظفين بغزة والتي تجاوزت نسبة الخصومات إلى أكثر من النصف واكثر .
وأكد ابو عطيوي أن سياسية قطع الرواتب والتمييز الجغرافي بين شطري الوطن الواحد وفرض الخصومات الإضافية على كاهل الموظف المغلوب على أمره الذي وصل به الحال إلى حالة من التسول الاجتماعي والامتهان النفسي أمام نفسه وأسرته والمجتمع سببه الرئيسي تعنت رئيس السلطة محمود عباس ومن حوله من المسؤولين الذي يراعون مصالحهم الشخصية دون أدنى اعتبار لمرعاة الوضع الإنساني للمواطن والموظف في قطاع غزة على حد سواء.
وقال : أنه لمن دواعي الاستهجان والسخرية أن تقوم السلطة في رام الله بتبرير فرض الخصومات السابقة وبالإضافة على كاهل قطاع الموظفين بغزة ، والتي من جملة التبريرات غير المنطقية والموضوعية إلقاء الحجج البالية في سلة الأزمة المالية والاقتصادية للسلطة ، في ظل السماع عن قروض ومنح تقدم بشكل مستمر من العديد من الدول ، وفي ظل عدم تأثر فئة محددة ليست بالبسيطة من موظفين السلطة في رام الله ، والذي يطلق عليهم كبار الموظفين والمسؤولين وعوائلهم والمحيطين بهم من خلال الامتيازات الممنوحة المستمرة والتي منها أيضا التوظيف الاستثنائي والعلاوات والترقيات لأبنائهم ولذويهم ، الذي وصل الأمر إلى التعيين والترقية في أعلى المناصب الوظيفية وما يرافقها من شؤون إدارية من مصروفات ونثريات لذات الشخص الواحد والمحيطين من حوله.
وأكد ابو عطيوي لـ” شفا ” : انه وفي ظل المعطيات السابقة لسياسة السلطة الفلسطينية وتعاملها الفوقي وبشكل تمييزي واضح تجاه قطاع غزة في كافة نواحي الحياة ، وفي ظل صمت عجز المجلس الوزاري الفلسطيني المسؤول الأول عن إدارة شؤون الحياة بكافة أنواعها للمواطنين والموظفين ، وفي ظل إطلاق العنان للتصريحات التي تأتي على لسان بعض المسؤولين وبعض الوزراء في السلطة بأن غزة لا تستحق أكثر مما تتم الحصول عليه من الموازنة العامة للسلطة ، بل وصل الحد إلى اعتبار أولئك المسؤولين أن غزة لابد أن يتم التنصل من اي استحقاقات هي بالأصل والأساس حق مشروع لها دستوريا وأخلاقيا، وأنه لمن دواعي الاستهجان والاستغراب كذلك أن يتم الحديث عن الانتخابات وتجديد الشرعيات والشراكة في الانتخابات بين طرفي الانقسام ، ومازال مسلسل العقوبات والإجراءات الإجرامية التي تستهدف كرامة المواطن والموظف في قطاع غزة قائمة دون حتى النظر إلى فكرة العدول والتراجع عن مسلسل العقوبات في ظل الحديث عن المصالحة والانتخابات التي من أهم أسسها وعنوانينها الوطنية تهيئة الظروف المعيشية والاقتصادية والاجتماعية وتهيئة المناخ السياسي الوحدوي العام دون استثناء للحالة الفلسطينية بشكل عام دون تمييز أو تخصيص أو استثناء.
وشدد ابو عطيوي على ان لا بد من كافة الفصائل والأحزاب والمؤسسات والفعاليات والشخصيات أن تبق أمام مسؤولياتها الأخلاقية قبل الوطنية تجاه ما تتعرض له جموع الموظفين المسحوقين والمواطنين الضعفاء من الفقراء والبسطاء المحتاجين من أبناء قطاع غزة ، لأن التاريخ شاهد و يكتب وإن شهد وكتب على أحد فلن يغفر ولن يرحم للأبد.