تمكين الشباب وشيخوخة النخبة بقلم : د. أسامة الفرا
قبل عقد ونيف استمعت لمجموعة موسعة من الشباب تمثل الفئات الشبابية المختلفة في نقاشهم لمسودة النظام الأساسي لمجلس الشباب في محافظة خان يونس، وبقدر ما سار النقاش بشكل معمق وهادف وبأفكار خلاقة حتى جاءت المادة المتعلقة بالفئة العمرية للشباب وما صاحبها من جدل، حيث رأت الغالبية أن الفئة العمرية للشباب تنحصر بين 18_29 سنة، فيما رأى البعض أن تتمدد لتكون بين 18 _ 35 سنة، وفي خضم الجدل الدائر بينهما حول ذلك التفت إلى صديقي فبادلني الابتسامة وهمس قائلاً: نحن من الجيل الشاب فقط في عيون القيادة التي هي الأخرى لا تريد أن تغادر مرحلة الشباب، فيما النقاش الدائر يشير إلى أننا ابتعدنا عن مرحلة الشباب بأكثر من عقد من العمر.
يوصف المجتمع الفلسطيني بأنه مجتمع شاب حيث بين الجهاز المركزي للإحصاء أن الشباب في الفئة العمرية بين 18_29 سنة يشكلون 22% من السكان أي ما يقرب من 1,2 مليون شاب، وإن وسعنا الفئة العمرية قليلاً تزداد النسبة بشكل كبير، وفي المقابل فإن تواجد الشباب في مواقع وظيفية عليا لا يتعدى 1% وغالبيتهم العظمى هم من أبناء المسؤولين، وبالمقابل فإن نسبة البطالة في اوساط الشباب مرعبة ومقلقة لأي مجتمع يتطلع لتحقيق نمو اقتصادي سيما وأن الشباب هم عماد الطاقة الانتاجية في أي مجتمع، والحقيقة أن الحديث حول ضرورة توسيع مشاركة الشباب وإفساح المجال لهم للتواجد في المواقع القيادية لا يتوقف سواء على لسان القيادات المختلفة التي جعلت منها مادة للإفصاح عن انفاتحها أو عبر مطالبات الشباب لشيء من حقوقهم، والحقيقة التي لا يدنوها شك أن وضع الشباب إزداد سوءاً عما كان عليه الحال.
مشهد إجتماع الأمناء العامين للفصائل الفلسطينية مؤخراً أخذني عنوة إلى كافة المواقع القيادية على مستوى المنظمة والسلطة والفصائل، ورحت افتش فيها عن قيادات شابة مع توسيع الفئة العمرية لهم بين 18_50 سنة فلم أعثر على أحد منهم، وإن حاولنا أن نحصر متوسط عمر أعضاء المجلس الوطني لحققنا به رقماً قياسياً يدخلنا موسوعة جينيس دون منافسة من أحد، وعندما نقول بأن الشباب لا بد وأن يتواجدوا في المواقع القيادية بما يعادل حضورهم في المجتمع وأن ذلك لا يكون منة من أحد عليهم بل حقهم الشرعي في تمثيل شريحتهم المجتمعية إن كنا ننشد عدالة التمثيل، ولا يمكن لأحد أن يوجه أصابع الإتهام لهم ويرفع في وجههم فزاعة صراع الأجيال، ومن حقهم مجابهة سياسة طمس الأجيال التي أوصلتنا لشيخوخة سياسية نتكيء فيها على عصى الماضي.