زمن الجاهلية.. وجهل التسمية ، بقلم : خليفة جمعة الرميثي
أُطلق على عصر الأمانة والمروءة والشجاعة والكرم بالعصر (الجاهلي)؟، أوروبا أطلقت على عصور الرجعية لديها مسمى (الظلام) ولم يصفوا أهلها بالجهل، وإن وصف ذلك العصر بـ «الجاهلي» يعتبر تشويهاً للتاريخ، لأن ذلك العصر عاش فيه الصابئة وعباد الأصنام والحنفيون أو أهل الكتاب تحت سماء واحده وكعصر (تسامح).
كفار قريش ظلوا على باب النبي الكريم طوال الليل ينتظرون خروجه لصلاة الفجر ليقتلوه، رغم أنهم كانوا قادرين أن يقتحموا البيت من أول لحظة ولكن أبو جهل الكافر رد: (وتقول العرب أنا تسورنا الحيطان وهتكنا ستر بنات محمد!)، كفار قريش كان عندهم الحد الأدنى من النخوة والرجولة، أبو جهل حينما غضب، وضرب أسماء بنت أبي بكر على وجهها طيشاً، ظل يترجاها و يقول لها: (خبئيها عني)، أي لا تخبري أحداً ولا تفضحيني، ويقول الناس أني ضربت إمرأة.
والسمَوأل الازدي من زعماء العرب، أودع لدية امرؤ القيس دروع أجداده، والتي ترمز إلى ملكهم، فعلم ملك الحيرة بتلك الدروع، فسار بجيشه إلى ديار السموأل وطلبها منه فرفض تسليم الأمانة، فأمسك بأحد أولاد السموأل، وخيّره بين أن يدفع إليه أمانة امرؤ القيس أو أن يقتل ابنه فقال له: (ورب السماء لن أخون ذمتي، ولن أجعل العرب تعيّرني بقلة وفائي)، فذبح الملك الولد تحت عينيه ومن أجل ذلك ضرب به المثل، (أوفى من السموأل).
أبو سفيان حينما كان كافراً سأله هرقل ملك الروم عن النبي: هل تتهمونه بالكذب؟، هل يغدر؟، هل يقتل؟، فرد أبو سفيان: ( فوالله، لولا الحياء أن يأثروا علي الكذب لكذبته)، فرفض شتم النبي لأنه خاف على سمعته وهو كافر، إن العظمة هنا ليست مواقف الكفار العظيمة في المجتمع الجاهلي، بل إن الكافر كان عنده أخلاق وعزة وإنسانية.
اليوم بعضنا يفاخر بقلة الشرف والدناءة في السلم والحرب وإذا اختلفت مع مسلم، تتراشق معه بالسب، وبعضنا يؤلف الأكاذيب، وكلما جاءتنا قصة عمن اختلفنا معه صدقناها ونشرناها، نحن باسم الإسلام نخون ونغدر ونسفك الدماء ونهتك الأعراض ونفاخر بذلك على الملأ، وعنتر بن شداد يقول: وأغض طرفي ما بدت لي جارتي حتى يواري جارتي مأواها إن الدين أخلاق وليس براويز وآيات تعلق على جدران البيوت أو ترسل كل جمعة بدون فهم وعمل.. فأين نحن وأين هم؟