7:46 صباحًا / 24 نوفمبر، 2024
آخر الاخبار

الحكومة الأولى للجمهورية الثانية وأولويات ملحة بقلم : د.سرحان سليمان

ثبت لدى كل المصريين دون اختلاف ان الثورة حولت مصر من نظام الى نظام،ومن فترة مظلمة طويلة انتشر الفساد فيها الى اعلى درجة لم تسبقها ولم تشهدها ربما من عدة عقود،الى مرحلة اخرى بمفاهيم وقيم اخرى،ولا خلاف فى تحول الدولة الى اليات واسس تختلف من السلطة الامنية المخابراتية المتسلطة الى دولة تحافظ على حقوق الانسان،وان ادارتها تعمل على خدمة شعبها،وبالتالى تحولنا الى”الجمهورية الثانية”،وهذا ليكون فاصلاً بين فترة واخرى،ومن هنا كان الاتفاق فى موضعه ان يكون ادارة الدولة تتفق مع الثورة ومع التغيير المأمؤول من التغيير وان يكون محسوساً وملموساً لدى المواطن البسيط،وان يصل اليه ما يطمئنه على مستقبله ومستقبل اولاده،بمعنى ان يرى واقعياً ما يتناغم مع شعارات الثورة والتى تتلخص فى” حرية – عدالة -ديمقراطية”،وفى طيات تلك المفاهيم يوجد تعقيدات عديدة تحتاجها كل ملفات الدولة ومؤسساتها وتحتاج الى التخطيط الممنهج العلمى القائم على خطط واضحة،الا ان الوقت هو العامل الحاسم للرئيس فى تنفيذ برنامجه،وخاصة لما تتعرض له مصر من نقص فى الخدمات لم تعتاد عليه ولم يسبق ان كانت مشكلات الكهرباء والغاز وغيرها بتلك الخطورة وعدم التحكم فيها،اضافة الى مشكلات الامن،وهذا يحتاج لجرأة وقرارات حاسمة فى سياق امكانيات الدولة،ويمكن للمواطن البسيط ان يتقبل نقصاً ما فى بعض خدماته اذا تم نشر المعلومات وتفاصيل اسباب هذا النقص،فنحن نريد زيادة المعلومات لكى تقل الاشاعات والاخبار الكاذبة،فالامر يحتاج لتفسيرات عن اسباب نقص خدمات اساسية كانت متوفرة فى ظل النظام الفاسد السابق،وان ما يعلمه المواطن ان رموز النظام السابقة ومناهضى التغيير هم السبب الاول فى تلك المشكلات،الا ان هذا المبرر لا يشجع المصريين على قبوله،لانه قد يوحى بوجود قوة اخرى داخل الدولة تسيطر على مفاصلها غير قوة الرئاسة وادارتها الحالية،ومن هنا لابد من انتهاء تلك المشكلات وان تتطلب الامر القضاء على اسبابها بالقانون والعقوبة لكل من يتسبب عمداً او تراخياً فى تقديم الخدمات للمواطنيين،ونتيجة لكل مشكلات مصر المتشابكة كان ولابد من تغيير الحكومة الى حكومة اخرى ،تكون برؤيا جديدة وسيطرة حقيقية ومعروف ولائها الى الرئيس وتخدم مشروعه القائم على خدمة الشعب وليس خدمة افراد ونظام سابق.
ان تشكيل الحكومة الجديدة لقى استغراب الكثيرين،ليس فى رئيسها فقط،بل فى وزرائها،لاحتوائها على وزراء ومسؤلين سابقين فى الوزارات السابقة،او عملوا بشكل مباشر فى النظام السابق،والحقيقة انا ارى ان تشكيل الحكومة قد اظهر ذكاء رئيس الوزراء والرئيس فى الاستعانة ببعض الاسماء حتى يتمكنوا من معرفة كيف كانت تدار الدولة؟فحتى  الان يبدو الرئيس انه يحاول تجميع الخيوط لكل الملفات والمشكلات وعمل المؤسسات فى دولة تسمى”الدولة العميقة”،التى انتشر فيها الفساد خلال ثلاثون عاماً ولم يترك مؤسسة صغيرة او هيئة او وزرارة الا وتغلغل فيها،فكانت تدار الدولة من قبل عصابة،تخدم مصالحها وتعامل الشعب على انه الرعية،فافقر الشعب وانتشر الجهل والمرض بين ابنائها،ولذلك الاستعانة ببعض الاسماء شيئاً جيداً خاصة من الصف الثانى،وان تلك الحكومة تمثل الحكومة الاولى للجمهورية الثانية بمعنى الكلمة وعليها ان تنتهج مبادىء الجمهورية الثانية القائمة على تحقيق العدالة الاجتماعية ومحاربة الفساد والاهتمام بالعلم والكفاءات والعمل ،واحترام حقوق الانسان وحرية الرأى والعمل السياسى ،وغيرها من مبادىء الدول المتقدمة.
ان امام تلك الحكومة مهام ملحة وعاجلة اهمها تحسين الخدمات الاساسية للمواطنيين مثل الكهرباء والعيش والمواصلات والامن،وتقليل البطالة وحل مشاكل العمالة المؤقتة ورفع معاناة الفقراء،ومحاربة الفساد،وعدالة فى الاجور،والافراج عن المعتقلين السياسيين،وتوفير الامن للمواطن،واحترام القانون،وتنفيذه بكل صرامة حتى تعود هيبة الدولة،وتحويل الدولة من دولة رجال ثقة الى دولة تقوم على الادارة الاستراتيجية التى تتبع فى كل العالم،والتخطيط السليم،لقضايا الامة المصرية،وغيرها..لذلك امام تلك الحكومة مهام عاجلة تحتاج لسرعة وليس لتأخير لان محاسبتها يتم يومياً من الشعب نفسه،ويريد ان يرى نتائج،لان انتظاره طال منذ الثورة وحتى الان،وكلنا امل وثقة ان تلك الحكومة التى يرأسها رجل من وسط الشعب ويعلم مشاكله،وتحت رئاسة رئيس بسيط مؤمن بقضايا الشعب الذى يحتاج للمساعدة والدعم،والذى يطمح فى مستقبل افضل،انها سوف تحقق مطالب الشعب وتسهر على تحقيق ذلك .
د.سرحان سليمان
الكاتب الصحفى والمحلل السياسى والاقتصادى

شاهد أيضاً

سمى سوما حسن عبدالقادر

قرار المحكمة الدولية باعتقال نتنياهو وجالانت وارتداد النظام الدولي على نفسه ، بقلم : سوما حسن عبدالقادر

قرار المحكمة الدولية باعتقال نتنياهو وجالانت وارتداد النظام الدولي على نفسه ، بقلم : سوما …