قالها غسان … لماذا لم تدقوا جدران الخزان؟ بقلم : ثائر نوفل أبو عطيوي
في إطار إحياء سير الخالدين من الشهداء العظام وأصحاب الهم الوطني والفكر الحر من الشخصيات الاعتبارية الفلسطينية العامة ، وخصوصاً الشخصيات الأدبية والفكرية التي شقت طريقها نحو الهدف الوطني بالدم نكتب لفلسطين ، فإنه لمن المهم عند تناول فئة المفكرين والأدباء أن نبتعد بشكل عام عن نتاول سيرتهم العطرة من منطلق فئوي أو حزبي ينتمون إليه ، مع كامل احترامنا وتقديرنا لانتمائهم الفكري والسياسي ، لأن هؤلاء الأدباء انطلقوا نحو عالم الفكرة والانسان عبر كتاباتهم من البوابة الرئيسية لعبور القضية ألا وهي الهدف الأسمى والعنوان الأكبر فلسطين.
في الذكرى السنوية 48 لإحياء ذكرى اغتيال الشهيد الأديب “غسان كنفاني” أحد أشهر الروائيين والكتاب العرب في القرن العشرين ، الذي كرس جل حياته الأدبية بمنظور سياسي من أجل عدالة القصية ، عبر لوحة فنية أدبية تصور حياة وظروف الفلسطينين اللاجئين بشكل مفصل ومتشابك ، بالإضافة إلى تقصى المواقف العربية إزاء القصية الفلسطينيةفي صورة وطنية للمنفى ومخيمات التشرد واللجوء ، في قالب يدق حواجز الصمت والبؤس والمعاناة التي يتعرض لها الفلسطيني ، في محاولة للهروب بقلمه من المكان والزمان المحيط بالواقع الفلسطيني بكل تفاصيله ، نحو تجسيد واقع عنوانه حق العودة وتقرير المصير.
استطاع ” غسان كنفاني” أن يجسد الحالة الأدبية عبر كتاباته من خلال القول المعمق بسهولة وبساطة مبتعداً عن حالة التشتيت الذهني للقارئ ، والذي استبدلها في التثبيت عبر الطرح المعمق بكل وضوح ويسر ، فهو القائل ” ليس بالضرورة أن تكون الأشياء العميقة معقّدة. وليس بالضرورة أن تكون الأشياء البسيطة ساذجة ، إن الانحياز الفنّي الحقيقي هو كيف يستطيع الإنسان أن يقول الشيء العميق ببساطة”.
أتقن ” غسان” عبر احتراف اللغة السردية الجميلة البسيطة والحبكة الأدبية القصصية ذات التعبيرات الإيحائية الرمزية في استرجاع الزمن الفلسطيني أكثر من مرة عبر كتاباته ، متنقلاً في فضاء القلم وصهيل الكلمة بوصف الأحداث والوقائع عبر استخدامه “شخص الشاهد الحي والراوي العليم ” ، الذي يعزز لدى القارئ بيان ظواهر الشخصيات وبواطنها التي نسبها في رواياته.
قالها غسان … لماذا لم تدقوا جدران الخزان؟ ، في روايته القصصية ” رجال في الشمس” التي تأتي في سياق التعبير الضمني بضرورة إعلاء الصوت الوطني في ظل واقع مهزوم تحيط به كافة الظروف المأساوية من أزمات وكوارث وهموم ، من اجل كسر حاجز الصمت القاتل المميت ، على طريق رفعة شأن الانسان والوصول بكل جدارة إلى كرامته الإنسانية على طريق حريته الوطنية ، في مجموعتيه القصصية ، “لماذا لم تدقوا جدران الخزان”! ، “وماذا تبقى لكم”؟.
في الذكرى السنوية 48 لإحياء ذكرى استشهاد المناضل والأديب” غسان كنفاني” ، لابد أن تكون هنال علامة فارقة في الجودة الوطنية الفلسطينية لتخليد ذكراه ، عبر استنهاض الواقع الفلسطيني برمته وبكافة تفاصيله وعناوينه دون احتواء أو استثناء ، عبر ادراك وطني فاعل ومسؤول ، من خلال مقولته ” لماذا لم تدقوا جدران الخزان؟” ، التي تاخذنا في حالة تكاملية مباشرة إلى روايته التي بعنوان “ماذا تبقى لكم؟”.
إلى روح “غسان” الفكرة والانسان وردة وسلام …