كل مرحلة درس وعلم بقلم : فاطمة المزروعي
خلال مسيرتنا الحياتية، نحتاج للتوقف للحظات والتفكير فيما نحتاجه بشكل فعلي، وذلك بهدف تسهيل هذه الحياة أو تجويدها بالشكل الذي تكون فيه ثرية ومفيدة وغنية بالسعادة والأوقات المبهجة، لذا في البعض من الأحيان نشاهد من يتوجه لتعلم هواية أو للدراسة في مجال بعيد عن تخصصه أو بعيد عن مجال عمل، والهدف ليس الارتقاء في عمله ولا بسبب أهمية مثل هذا المجال في المستقبل القريب، بل لأهداف أخرى مختلفة تماماً؛ أسوق لكم مثالاً للمزيد من التوضيح عن هذه الحالة: إحدى الصديقات، دراساتها العلمية ومجال عملها في الفيزياء، رزقها الله بمولودة، وبعد نحو 7 أشهر، من ولادتها بدأت في حضور دورات عن التربية وكيفية التعامل مع الأطفال، الكثير من الصديقات الأخريات، كانوا يجدون في التحاقها بهذه الدورات فرصة للتندر، بحكم أنها تضّيع وقتها الذي هو أصلاً مضغوط وضيق. لكن الحقيقة أننا لو أمعنا التفكير في فعل وتوجه هذه الصديقة، سنجد أنه صحيح تماماً، سنجد أنها تتسلح بالعلم لمرحلة قادمة من حياتها وحياة طفلتها وأطفالها القادمين، هي توجهت نحو الطريقة الصحيحة في تلقي التوجيهات في مجال التربية والتعامل مع الأطفال، وهذه الخطوة التي خطتها تنم عن وعيها وعن أيضاً فهمها أن كل مجال من مجالات الحياة عبارة عن علم وتخصص، ليس بالضرورة أن نكون ملمين به لأننا درسنا علوماً صعبة مثل الفيزياء أو الطب أو الهندسة، فالتربية بصفة عامة والتعامل مع الأطفال بصفة خاصة علوم ضاربة العمق في تاريخ البشرية، ولها علماؤها ومتخصصون فيها، والأم والأب الواعي المدرك هو من يتسلح بهذه المعرفة لأنها ستعينه وتفيده خلال مختلف الأحداث الحياتية التي ستصادفه مع أطفاله. توجد كلمة بليغة للفيلسوف والمؤرخ اليوناني القديم الذي عرف باسم بلوتارخُس، قال فيها: «لكي يعيد الطب الصحة يجب أن يفحص المرض، ولكي تخلق الموسيقى التناغم يجب أن تدرس النشاز». وبالمثل لتعرف كيف تتعامل وتعلم أطفالك ادرس التربية وفنونها وطرقها.