شفا – قالت منظمة “هيومن رايتس ووتش”، إن سياسة إسرائيل في تضييق الخناق على التجمعات السكانية الفلسطينية، تتخطى الضفة الغربية وقطاع غزة، لتطال البلدات والقرى الفلسطينية في الداخل المحتل.
وذكرت المنظمة في تقرير حديث، صدر الثلاثاء، “تنحاز هذه السياسة إلى مصلحة المواطنين اليهود ضد مواطني إسرائيل الفلسطينيين، وتقيّد بشدة إمكانية وصول الفلسطينيين إلى الأراضي بغرض السكن وإتاحة نمو سكاني طبيعي”.
وقال إريك غولدستين، مدير قسم الشرق الأوسط بالإنابة في هيومن رايتس ووتش إن “السياسة الإسرائيلية، على جانبَيْ الخط الأخضر تحشر الفلسطينيين في أماكن مكتظة، بينما تمنح أراضٍ واسعة للبلدات اليهودية”.
وأضاف “هذه الممارسة معروفة جيدا في حالة الضفة الغربية المحتلة، لكن السلطات الإسرائيلية تفرض سياسات الأراضي التمييزية داخل إسرائيل أيضا”.
وأشار التقرير إلى أن دولة الاحتلال تسيطر مباشرة على 93% من الأراضي، بما فيها شرقي القدس المحتلة.
وقال إن “سلطة أراضي إسرائيل”، وهي مؤسسة حكومية، تدير هذه الأراضي التي تسيطر عليها الدولة وتوزعها.
وأردف: “ينتسب نصف أعضاء مجلس إدارتها تقريبا إلى الصندوق القومي اليهودي، المفوّض بشكل صريح بتطوير وتأجير الأراضي إلى اليهود دون أي فئة سكانيّة أخرى من السكان”.
وأضاف: “يمتلك الصندوق 13% تقريبا من أراضي الدولة، والتي تفوض الدولة باستخدامها بغرض استيطان اليهود”.
ولفت النظر إلى أنه “بعد عقود من مصادرة الأراضي والسياسات التخطيطية التمييزية، يعيش اليوم العديد من المواطنين الفلسطينيين محبوسين في بلدات وقرى مكتظة لديها مجال ضئيل للتوسع”.
وأفاد: “من ناحية أخرى، تدعم الحكومة الإسرائيلية نمو وتوسع البلدات المجاورة ذات الأغلبية اليهودية، والتي شُيِّدَ كثير منها على أنقاض قرى فلسطينية دُمّرت عام 1948”.
وبيّن: “كما توجد في العديد من البلدات اليهودية الصغيرة (لجان قبول) تمنع الفلسطينيين من العيش فيها”.
وأشار التقرير إلى أن المواطنين الفلسطينيين داخل إسرائيل يشكلون 21% من السكان.
واستدرك: “غير أن منظمات حقوقية إسرائيلية وفلسطينية قدّرت في العام 2017 أن الأراضي التابعة لإدارة البلديات الفلسطينية تشكل أقل من 3% من مجمل الأراضي في إسرائيل”.
وتابع: “منذ 1948، وعلى مر العقود اللاحقة، صادرت السلطات الإسرائيلية مئات آلاف الدونمات من أراضي الفلسطينيين صودر الجزء الأساسي منها بين بدء الحكم العسكري في 1949 وانتهائه في 1966”.
واستطرد: “وخلال هذه الفترة، حبست السلطات الإسرائيلية الفلسطينيين في إسرائيل في عشرات المناطق المحصورة وقيّدت حركتهم بشدة”.
وبيّن “كما استخدمت العديد من القوانين العسكرية والقوانين الجديدة لمصادرة أراضي الفلسطينيين الذين تحولوا إلى لاجئين أو مواطنين مهجرين، عبر إعلان الأرض على أنها أملاك غائبين، والاستيلاء عليها ثم إعلانها تابعة للدولة”.
وأفاد التقرير: “يقدر مؤرخ (لم يذكر اسمه) أن 350 من أصل 370 بلدة وقرية يهودية أنشأتها الحكومة الإسرائيلية بين 1948 و1953 شُيِّدَت على أراضٍ مصادَرة من فلسطينيين”.
وتابع: “لم تخفق سياسة الأراضي في السنوات الأخيرة في إبطال مصادرات الأراضي السابقة فحسب، بل زادت القيود في الكثير من الحالات على الأراضي المتاحة للنمو السكاني”.
وذكر أن السلطات الإسرائيلية، سمحت منذ 1948، بإنشاء أكثر من 900 بلدة يهودية، دون أن “تسمح بأي بلدة للفلسطينيين باستثناء قلة من القرى والبلدات الصغيرة التي تخضع لتخطيط الحكومة في النقب والجليل”.
ونوه: “يدخل ذلك في جزء كبير منه في خطة الحكومة لتجميع البدو المتفرقين في البلاد”.
وبحسب التقرير، أدرجت السلطات الإسرائيلية البلدات والقرى الفلسطينية ضمن نظام التخطيط المركزي في سبعينيات القرن الماضي، غير أن عملية التخطيط لم تزد كثيرا من الأراضي المتاحة للأبنية السكنية.
وأضاف: “صنّفت السلطات أجزاء كبيرة من البلدات والقرى الفلسطينية للاستخدام الزراعي أو مناطق خضراء، ومنعت المباني السكنية فيها، وشيّدت الطرقات والبنى التحتية بحيث تعيق التوسع”.
ويلفت التقرير إلى أن القانون الدولي لحقوق الإنسان “يحظر التمييز العرقي والاثني، ويدين الفصل العنصري، ويحمي الحق بالمسكن اللائق”.
وطالب السلطات بالعمل على معالجة أزمة السكن بين الفلسطينيين مواطني دولة إسرائيل، ووقف مصادرة أراضي البلدات والقرى الفلسطينية، “والتي تُشكل ممارسة تاريخية”.
وشدد: “على السلطات الإسرائيلية إعطاء الأولوية لحاجة الفلسطينيين إلى التوسع لدى تخصيص وجهة استعمال الأراضي، كما عليها تخصيص أراضٍ تابعة للدولة للبلدات الفلسطينية وتوسيع هذه البلدات”.
ودعا إلى “سد الثغرات القانونية التي تتيح التمييز عبر لجان القبول”.
وقال غولدستين: “سياسات سلطة الأراضي الإسرائيلية، تعامل البلدات داخل حدودها بغياب فاضح للمساواة، بناءً على ما إذا كان سكانها فلسطينيين أو يهود، بعد عقود من مصادرة أراضي الفلسطينيين”.
وأردف: “تحبسهم (الفلسطينيين) إسرائيل اليوم في بلدات مكتظة في حين تعزّز ازدهار البلدات اليهودية المجاورة التي تقصيهم”.
وبحسب أحدث إحصاء إسرائيلي، صدر في 26 إبريل/نيسان الماضي، يبلغ عدد الفلسطينيين داخل إسرائيل 1,930,000 يشكلون 21% من السكان.
وينحدر هؤلاء السكان من سلالة نحو 154 ألف فلسطيني، لم يغادروا أراضيهم إبان النكبة عام 1948.
أما بقية الفلسطينيين، فيعيشون في الشتات، ومنهم 5.986 ملايين في الدول العربية، ونحو 727 ألفا في الدول الأجنبية، بحسب البيان.