شيل إيدك من جيابك ! بقلم : ثائر نوفل أبو عطيوي
تأثيرات وتداعيات الانقسام بين شطري الوطن ، تلقي بظلالها على أبناء شعبنا الفلسطيني وخصوصاً عبر الفضاء الأزرق ومواقع التواصل الاجتماعي في التعليقات المتعددة والمتضاربة على تصريحات الساسة والمسؤولين وصولاً إلى تتبع الإيماءات والإيحاءات والحركات المرافقة لتصرفات هؤلاء المسؤولين وهم مباشرة أمام عدسات الكاميرات الإعلامية.
شاهدنا يوم أمس رئيس الوزراء د . محمد اشتيه خلال المؤتمر الصحفي، وهو يتحدث في بث حي ومباشر أمام عدسات الكاميرات حول إجراءات مكافحة فايروس كورونا ، والذي كان ما يميز هذا المؤتمر من وجهة نظر المشاهدين والمتابعين ، عندما قطع رئيس الوزراء حديثه الصحفي ، واستدار نحو الناطق باسم الحكومة إبراهيم ملحم قائلاً له ” شيل إيديك من جيابك”.!
لربما كان هذا تصرفاً إيجابيا ً يمتاز بحسن النية من رئيس الوزراء الذي يعطي دلالات على وجوب احترام الصفة الرسمية وضرورة احترام الإعلاميين والمشاهدين أثناء ظهور الشخصيات الرسمية أمام وسائل الاعلام ، في دلالة على حسن التصرف وتدارك الموقف واحتراماً للمشاهدين والمتابعين ، لأنه ربما يقول قائل بأن وضع الأيدي في الجيوب لشخصية رسمية أثناء بث حي ومباشر يعد بمثابة استهتار أو استخفاف بالمشاهد، أو في وقائع المؤتمر الصحفي ، أو حتى بالمتحدث.؟
نعود مرة أخرى ” لربما ” من وجهة نظر مختلفة ومغايرة عن سابقتها ، والتي تحمل في طياتها سلامة النية وعدم الانتباه من قبل الناطق باسم الحكومة ” إبراهيم ملحم ” أنه في مؤتمر صحفي ، ويقف أمام عدسات البث المباشر واضعاً يديه في جيوبه ، على اعتبار أن الأمر طبيعياُ ، ولا يحتمل الدخول في بواطن الأمور وتحريف النوايا وسيل التعليقات والتعقيبات من قبل المشاهدين ، وهذا يحملنا إلى أمر معاكس عما حدث ، أنه من الممكن كان وجوب التنويه للناطق باسم الحكومة من قبل رئيس الوزراء بعد انتهاء المؤتمر الصحفي هو الأجدر والأفضل.
في المجمل العام أشار رئيس الوزراء د. محمد اشتيه بعد انتهاء المؤتمر الصحفي ، وعبر صفحته على مواقع التواصل الاجتماعي أنه تربطه علاقة طيبة تقوم على الاحترام المتبادل بينه وبين الناطق باسم الحكومة ، والتي لربما تعد وحسب وجهات نظر مختلفة بأنها بمثابة اعتذار مبطن وتطييب للخواطر، وأن الموقف برمته وجملته لم يكن مقصوداً بالفعل من الطرفين.
لا يخفى على أحد أن الحالة النفسية للناطق باسم الحكومة قد وقعت بالحرج الكبير والمثقل من تصرف رئيس الوزراء على الهواء مباشرة تجاهه ، ولكن هنا لا بد من النظر بموضوعية وحيادية للعبرة المستفادة من التصرف ، والذي يوضح أمام وسائل الإعلام والمشاهدين بضرورة الالتزام بالبروتوكولات الرسمية من الشخصيات ذات الصفات الاعتبارية أثناء تصدرهم لشاشات الفضائيات وعدسات الكاميرات الاعلامية.
بين تضارب التعليقات وبين الواقع الذي يفرض نفسه على المؤتمر تناسى المعلقين من المشاهدين ، وخصوصاً من رواد عالم الفضاء الأزرق أن المؤتمر الصحفي يأخذ في طياته أبعاداً نفسية ، نظراً لأنه يتحدث عن إجراءات مكافحة فايروس “كورونا” الذي أرهق كبار الساسة والمسؤولين في العالم ، وجعل دولاً عظمى تواجه بشق الأنفس هذا الوباء المدمر، وتخشى من الانهيار والاندثار بين عشية وضحاها، فكيف الحال بنا كشعب محتل من جهة ومنقسم على نفسه من جهة أخرى.؟
من الواضح أن تأثيرات “كورونا” الصحية والاقتصادية على العالم ، سيكون لها تأثيرات مستقبلية أخرى على البشرية جمعاء ، الذي لا بد أن يؤخذ بعين الحسبان ، لأن التأثيرات النفسية تلقي بظلالها على التكوين المجتمعي و السلوكي لأن جائحة كورونا و تأثيراتها فاقت كل التوقعات وعملت على اختلاط المفاهيم وتضارب التصرفات على الأفراد والمجتمعات.
رسالتنا …
بات من الضروري أن ندرك جميعاً ، وفي ظل جائحة “كورونا” والأزمة العالمية الحادة المتعددة النواحي والأبعاد ، أننا شعب فلسطيني محتل أرهقه الاحتلال وأتعبته سنين الانقسام السياسي الطوال ، فلهذا وجب علينا جميعاً أن ننظر للنصف الممتلئ من الكأس ، ولا ننظر فقط للنصف الفارغ ، فلا بد أن تكون الايجابية وحسن النوايا هي نظرتنا إلى كافة الصعد والمستويات هي العنوان ، وأن تكون تصرفاتنا وتعليقاتنا هادفة وبناءة سواء من المسؤولين أو المواطنين حتى نصل جميعاً إلى بر الأمان.