شفا – في مثل هذا اليوم من العام 1948، ارتكبت الجماعتان الصهيونيتان “أرجون” و”شتيرن” مجزرة في قرية دير ياسين غربي القدس المحتلة، أسفرت عن استشهاد 250 إلى 360 فلسطينيًا، في أبشع تجسيد لممارسة العصابات الصهيونية الإرهابية، لسياسة التطهير العرقي بحق الفلسطينيين خلال أحداث النكبة.
الهجوم الصهيوني على القرية بدأ قرابة الساعة الثالثة من فجر التاسع من أبريل/نيسان 1948، عندما اقتحمت قوات العصابتين الصهيونيتين القرية من جهتي الشرق والجنوب ليفاجئوا سكانها النائمين، لكنهم ووجهوا بمقاومة من أبناء القرية، وتفاجأوا بنيران الأهالي، وسقط من اليهود 4 قتلى، وما لا يقل عن 32 جريحًا، بحسب شهادات النّاجين من المجزرة.
ولذلك استنجدت العصابات بقيادة “الهاغاناة” في القدس، حيث وصلت التّعزيزات، ليتمكن المعتدون من استعادة جرحاهم وفتح نيران الأسلحة الرّشّاشة والثّقيلة على الأهالي دون تمييز بين شيخ أو طفل أو امرأة.
وشهدت المجزرة دعمًا من قوّات “البالماح” في أحد المعسكرات بالقرب من القدس، للإرهابيّن، حيث قصفت “البالماح” قرية دير ياسين بمدافع الهاون لتسهيل مهمّة العصابات المهاجمة.
واستمرت المجزرة الوحشية حتى ساعات الظهر، وقبل الانسحاب من القرية جمع الإرهابيون اليهود كل من بقي حيا من المواطنين العرب داخل القرية وأطلقوا عليهم النيران لإعدامهم أمام الجدران.
مناحيم بيغن، الذي كان رئيسًا لعصابة “الهاغاناه”، تفاخر بالمجزرة، بعد أن أصبح رئيسًا للوزراء، وقال في كتاب: “كان لهذه العملية نتائج كبيرة غير متوقعة، فقد أصيب العرب بعد أخبار دير ياسين بهلع قوي فأخذوا يفرون مذعورين، فمن أصل 800 ألف عربي كانوا يعيشون على أرض “إسرائيل” الحالية لم يتبق سوى 165 ألفًا”.
ومنعت الجماعات اليهودية، في ذلك الوقت، المؤسسات الدولية، بما فيها الصليب الأحمر، من الوصول إلى موقع الجريمة للوقوف على ما حدث على أرض الواقع.
وشكلت مجزرة دير ياسين عاملًا مؤثرًا في الهجرة الفلسطينية إلى مناطق أُخرى من فلسطين أو البلدان العربية المجاورة، لما سببته من حالة رعب عند المدنيين، ولعلّها الشَّعرة التي قصمت ظهر البعير في إشعال الحرب العربية الإسرائيلية في عام 1948.
وفي صيف عام 1949، استوطنت مئات العائلات من المهاجرين اليهود قرب قرية دير ياسين، وأطلق على المستوطنة الجديدة اسم “جفعات شاؤول بت” تيمنًا بمستوطنة “جفعات شاؤول” القديمة التي أنشئت عام 1906.
ولا تزال القرية إلى يومنا هذا قائمة في معظمها، وضُمت إلى مستشفى الأمراض العقلية الذي أنشئ في موقع القرية، وتستعمل بعض المنازل التي تقع خارج حدود أراضي المستشفى، لأغراض سكنية أو تجارية، وثمة خارج السياج أشجار الخروب واللوز.
أما مقبرة القرية القديمة، الواقعة شرق الموقع، فقد اكتسحتها أنقاض الطريق الدائرية التي شُقّت حول القرية، وما زالت شجرة سرو باسقة وحيدة قائمة وسط المقبرة حتى اليوم.
وفي سنة 1980، أعاد الاحتلال الإسرائيلي البناء فوق المباني الأصلية للقرية، وأطلق أسماء العصابات الإسرائيلية (الأرغون وإتسل والبالماخ والهاغاناه) على أماكن فيها.