حقيقة يدعمها الواقع بقلم : فاطمة المزروعي
لو أن كل متعلم كان مصغياً، لما وجدنا كل هذا التجاهل للتعليمات والإرشادات التي تطلقها الحكومات للناس في مختلف دول العالم للتقيد بالإجراءات التي تهدف لحمايتهم من فيروس كورونا؛ خاصة تلك الدول التي تعتبر معدلات التعليم فيها مرتفعة، وتكاد الأمية أن تنعدم فيها تماماً، وهو ما يؤشر بأنك أمام مجتمع متعلم وقارئ، ومع هذا فإن درجة الالتزام بتلك الإرشادات متدنية، ولا يوجد تقيد عام بها، وهو ما أدى في نهاية المطاف لإصابة أعداد كبيرة بفيروس كورونا.
نحن أمام حقيقة يدعمها الواقع، بأن الإنسان في مرحلة ما، لا تدعمه العلوم التي تغذى بها، ولا يشجعه العلم الذي تسلح به، وكأنه يعود ليكون إنساناً يفتقر لأبسط درجات المعرفة.
من هنا ندرك سبب الإجراءات التي تتخذها الكثير من الحكومات للحد من تنقلات الناس والتي تهدف لمنع انتشار هذا الفيروس. ونرد أنها قرارات ناجحة وفي محلها؛ لا يمكن الركون لعلم وثقافة ووعي الناس، لأن هذا العلم ينفصل عن الواقع، أما الوعي فيتم التخلص منه أو طرده أو نسيانه.
من هنا نفهم الطبيعة البشرية، نفهم طريقة تفكير الإنسان الذي لا يفكر إلا باللحظة، ومع أن هذه الفئة قليلة إلا أن خطورتها كبيرة، لأن عدم تقيدها وعدم التزامها بالتعليمات والإرشادات سيؤدي لإصابتهم ومن ثم إصابة المزيد من الناس. وكما نعلم أن من طبيعة هذا الفيروس أن يقوم شخص واحد بنقل العدوى للمئات، ومن هنا تظهر خطورة الفرد غير الواعي أمام آلاف من الناس الواعية التي تتخذ احتياطاتها وتنفذ التوجيهات والتعليمات، من هنا نفهم لماذا يتم سن الغرامات، ولماذا يتم تحويل البعض للنيابة العامة وللتحقيق، لأنهم ببساطة مع علمهم يستمرون في الخطأ ويصرون على ارتكاب المحظور وعدم التقيد بالإرشادات الصحية.
في أحيان عندما يغيب الوعي، يجب استحضاره بالقوة، وهذا ما يحدث مع هذه الفئات القليلة لأن تجاهلها خطير على الناس جميعاً.