في ذكرى الرحيل .. لروح حكيم الثورة وردة وسلام بقلم : ثائر نوفل أبو عطيوي
اليوم الذكرى الثانية عشر لرحيل حكيم الثورة ” جورج حبش ” مؤسس حركة القوميين العرب والجبهة الشعبية لتحرير فلسطين.
هو الطبيب الثائر التي رمت به التراجيديا الفلسطينية خارج حدود الوطن ، و خارج مسقط رأسه اللد ، وحمل مع شعبه هموم وجراح المنفى واللجوء ، ولم يتوقف عن النضال من أجل الحرية وتقرير المصير، ويعد جورج حبش أحد وأهم المرجعيات الوطنية المناضلة في التاريخ الفلسطيني ، فقد واكب العمل الفلسطيني المقاوم ضد المحتل بكافة تفاصيله .
الدكتور جورج حبش قام بتكريس حياته ، من خلال عمله الدؤوب والمتواصل من أجل القضية الفلسطينية والصراع العربي مع المحتل ، وناضل من أجل مستقبل أفضل للأمة العربية، مؤمناً بالهوية العربية وبحتمية الانتصار وهزيمة المشروع الصهيوني على الأرض العربية.
حكيم الثورة صاحب الهوية الوطنية بامتياز ، قام بتعريف شخصيته بأنه ” ماركسي يساري الثقافة ، والتراث الإسلامي جزء أصيل من بنيته الفكرية والنفسية ، معني بالإسلام بقدر أي حركة سياسية إسلامية كما أن القومية العربية مكون أصيل من مكوناته ، وهو في حالة من الانسجام مع قوميته العربية و ديانته المسيحية وثقافته الإسلامية وماركسيتيه التقدمية “.
الدكتور المؤسس حدد السلبيات والايجابيات ووصف العلاج للحالة الفلسطينية والعربية ، وحدد بأن غياب الديمقراطية كان سببا من أسباب الهزيمة فلسطينيا وعربيا وغيابها كان سببا في التخلف الاجتماعي الذي يحيط بالأمة العربية ، ومن وجهة نظر الدكتور حبش بأن الحل يكمن في ترسيخ وتطبيق الديمقراطية على أرض الواقع ” الديمقراطية هي بوابة الحل ” الديمقراطية التي يعنيه الدكتور حبش ، ليست القادمة عبر البوابة الأمريكية ، بل عبر الوعي العربي والإحساس بأهمية إطلاق الحريات والإبداعات وطاقات الشعوب على مختلف المستويات الحياتية والتي منها السياسية والاجتماعية الحل يكمن ، وقد أيقن حكيم الثورة بأن الحل في يد الجماهير المطلقة العنان العاشقة للحرية ، وكان يرى الأمل دوما في الشباب المتمرد ايجابيا ضد الذل و الخنوع .
إن الأصالة والحداثة التي ارتبطا معا في شخصية الدكتور المؤسس جورج حبش تدلل على التفاني من أجل قضيته العادلة رغم مرارة المعاناة والألم ، إلا أن الإرادة والتصميم كانت دوما هي الأقوى ، لأنه كان مفكرا بعقلية جيل الشباب ، التي تمتاز بالعطاء والصلابة والتصميم على حتمية الانتصار ، ولم يعرف الاستسلام فهذا المصطلح كان غير موجود في تاريخ وقاموس حكيم الثورة ، لأنه كان المتألق دوماً في تحليله وتشخيصه للواقع , لأنه امتلك ناصية الحكمة والمعرفة بحكم تراكم الخبرة والتجربة .
في ذكرى رحيل القائد الوطني جورج حبش كان لزاما علينا أن نستذكر بعض المحطات التاريخية من مواقفه البطولية التي تعطي مدلولا نضاليا على معنى الانتماء الوطني للقضية ، من خلال تجسيد القاسم المشترك لمفهوم الوحدة الوطنية.
ذات يوم وفي قاعة اليونسكو في العاصمة اللبنانية بيروت ، وقف أمين عام الحزب الشيوعي اللبناني وقال أمام الحضور ، والان مع كلمة الثورة الفلسطينية ، مع كلمة الشعب الفلسطيني ، مع كلمة الثورات العربية المعاصرة وضمير الثورات ، يلقيها الرفيق جورج حبش ، والمفاجئة الكبرى كانت حين صعد الحكيم الى منصة المسرح لإلقاء الكلمة كما اعتقد الحاضرين وقال : ” أن كلمة الثورة الفلسطينية ، وأن كلمة الشعب الفلسطيني ، وأن كلمة الثورات العربية المعاصرة وضمير الثورات ، لا يلقيها الا أخي ورفيق دربي القائد العام للثورة الفلسطينية ياسر عرفات ، وصعد الشهيد الخالد أبو عمار الى المسرح ، وعانق جورج حبش وظل الجمهور يصفق ويهتف تحيا الثورة ، وحدة وحدة وطنية .
في انعقاد الدورة الثامنة عشرة للمجلس الوطني الفلسطيني في الجزائر عام 1987 ، أعلن الدكتور جورج حبش بأن منظمة التحرير الفلسطينية هي الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني ، وتم تجديد انتخاب الشهيد القائد ياسر عرفات “بقوة واجماع وطني ” رئيسا للجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية.
رحل عن عالمنا حكيم الثورة وهو عنوان وطني للإرادة الوطنية المتيقنة بحتمية النصر ، التي لا تعرف الهزيمة ولا الخضوع والانكسار ، فإلى روح القائد الوطني جورج حبش وردة وسلام.