صفقة القرن … الصناعة الأمريكية للحلول الوهمية بقلم : ثائر نوفل أبو عطيوي
صفقة القرن ذو المحتوي الامبريالي الأمريكي الذي يعزز الشأن الاستعماري للكيان الاسرائيلي المحتل ، من أجل التمكن و إحكام السيطرة التامة على الشرق الأوسط ، من خلال فرض الرؤية الصهيو أمريكية على كافة القضايا والشؤون التي تحيط به وتهمه ، والتي على راسها القضية الفلسطينية ، ومحاولة انهاء معالم الصراع المتعلقة في عدالة القضية على حساب الحقوق الشرعية الفلسطينية التي تتطلع لفكرة حل الدولتين على أساس السلام العادل والشامل الذي يكفل للشعب الفلسطيني الحرية وإقامة دولته المستقلة.
صفقة القرن والتي باتت معالمها واضحة الأهداف والمضمون رغم عدم الاعلان عنها أمريكياً بشكل رسمي كامل الوضوح ، إلا أن ارهاصات ما قامت به الإدارة الأمريكية من طرح بعض العناوين الرئيسية لها بات مكشوفاُ ومحل رفض وطني فلسطيني ، لأن معالم وعناوين صفقة القرن تقوم على الاهتمام في حل الشأن الانساني والاقتصادي للفلسطينين واستثناء وتهميش الشق السياسي ذو الثوب الوطني الحقيقي للقضية الفلسطينية وعدالتها ، على اعتبار أن الشعب الفلسطيني بحاجة إلى معالجة جوانب حياته الانسانية والمعيشية لاأكثر ولا أقل ، من خلال ايجاد الحلول والامكانيات الانسانية عبر المشاريع الاقتصادية بكافة أنواعها من جهة ، والعمل على انهاء قضية اللاجئين من خلال البحث عن فكرة التوطين والوطن البديل ، واسقاط حق العودة وتقرير المصير للاجئ الفلسطيني من جهة أخرى ، ناهيك على اعتبار القدس المحتلة عاصمة موحدة للكيان الإسرائيلي ، وقد ذهبت معالم وارهاصات صفقة القرن إلا أبعد من ذلك من خلال تمكين الاحتلال السيطرة على أجزاء كبيرة من مساحات الأراضي في الضفة الغربية وتعزيز السيطرة الاسرائيلية عبر التغول والتوسع الاستيطاني وبناء أكبر عدد ممكن من الكتل الاستيطانية في القدس الشرقية والضفة الغربية.
سياسة الإدارة الأمريكية الجديدة بزعامة “ترامب” ومنذ توليها سدة الحكم ، لم تخفي دعمها وتعزيزها الكامل لقرارات الحكومة اليمينية الاسرائيلية المتطرفة ، وذلك من خلال نقل سفارتها إلى القدس المحتلة ، وتقليص حجم الخدمات والمساعدات للاجئين الفلسطينين ، ومن ثم الاعلان التام عن وقف كافة الخدمات المتعلقة في دعم وكالة الغوث والأونروا .
تعتبر الفقرات السابقة الذكر للقرارات الأمريكية الداعمة لفكرة المشروع الصهيوني التوسعي ماهي إلا محطات وعناوين رئيسية من أجل تمرير صفقة القرن والدفع بها قدماً للأمام.
على الصعيد الوطني الفلسطيني ” صفقة القرن” وأي من الحلول الصهيو أمريكية التي لا تقوم على فكرة حل الدولتين في نطاق السلام العادل والشامل للقضية الفلسطينية مرفوضة وطنياً وعلى كافة الصعد والمستويات ، لأنه ولمجرد التفكير اللحظي في قبول أي من المقترحات الأمريكية يعتبر خيانة وطنية للمشروع الوطني الذي عمد نضالاته عبر سنين طوال من عمر الثورة الفلسطينية ، من خلال دماء الشهداء وعذابات الأسرى والمعتقلين ، وأهات الجرحى والمصابين على طريق الحرية والاستقلال.
وأما على الصعيد العربي القومي ، فيجب هنا تعزيز الموقف الفلسطيني بشكل أكبر وفاعل من أجل التمسك بحقوقه الشرعية والمشروعة التي نصت عليها المواثيق والأعراف الدولية ، والتصدي لأي من المبادرات أو الطروحات أو المشاريع التصفوية التي تريد القضاء على معالم الصراع للقضية الفلسطينية من جهة ، وتحويل الشرق الأوسط إلى بؤرة استعمارية اسرائيلية بمباركة أمريكية.
صفقة القرن الأمريكية ومن خلال البحث المبطن عن تسويق وتأييد لها من خلال المؤتمرات وورشات العمل هنا وهناك ، سيكون مصيرها الفشل حتماً ، لأنه لن تجد شريكاً فلسطينياً مهما كان متساهلاً أو حتى متنازلاً وإن جاز التعبير أن يقوم بالتوقيع مع الاحتلال الاسرائيلي عنوانها الرئيسي القضاء على المشروع الوطني وحلم الدولة وحق العودة الذي يسعى له شعبنا الفلسطيني ويتمسك به خياراً وقراراً على طريق الحرية والاستقلال.