تقاسم أدوار والنوايا خبيثة! بقلم : ثائر نوفل أبو عطيوي
انتهت الانتخابات الإسرائيلية بفوز الليكود للمرة الخامسة صاحب الرؤية اليمينية المتطرفة، والذي هو بالمناسبة كغيره من قوى والأحزاب الإسرائيلية التي تنافست للصعود إلى سدة الحكم.
نجاح نتنياهو في الانتخابات الإسرائيلية للمرة الخامسة له دلالات ومؤشرات منها الظاهرة والمبطنة التي تحتاج الى دراسة موضوعية لمعرفة الأسباب ، ونعتقد من الأسباب المعلنة لفوز الليكود بقيادة نتنياهو تتمثل في وضوح رؤيته وموقفه من القضايا المصيرية للصراع الإسرائيلي الفلسطيني ، فهو لا يريد سلاماً حقيقياً بينه وبين شعب احتل أرضه وانتهك حقوقه ، ولا يؤمن بفكرة حل الدولتين القائم على الحل النهائي للقضية وفق مرجعيات دولية وأممية ،والتي من أهمها مفاوضات “أوسلو” التي وأدتها الحكومات الإسرائيلية المتعاقبة في مهدها، وباعتقادنا أن كل ما يطمح له نتنياهو في النظر للفلسطينيين ، ومن باب حقوقهم المشروعة يتمثل في فكرة السلام الاقتصادي بإدارة إسرائيلية ، دون النظر للاعتبارات الإنسانية والقضايا المشروعة التي كفلت لشعبنا الفلسطيني الحق في إقامة دولته المستقلة على حدود الرابع من حزيران بما فيها القدس الشرقية عاصمة للدولة الفلسطينية.
وأما من الأسباب المبطنة لنجاح الليكود بزعامة نتنياهو للمرة الخامسة، فتكمن من وجهة نظرنا إلى افتقار الشارع الإسرائيلي إلى ساسة وقيادات وأحزاب جديدة تكون مؤهلة لقيادته تحمل في طياتها مشروع سلام يقوم على العدل والمساوة في الحقوق المشروعة بين الفلسطينيين والإسرائيليين من جهة، ومن جهة أخرى عدم اقتناع غالبية الجمهور الإسرائيلي بمفاوضات “أوسلو” التي انتهت منذ سنوات، وانقضت بلا فائدة، ولم تحقق أي هدف مرجو كان من الممكن أن يصل بالشعبين إلى فكرة حل الدولتين.
نجاح حزب الليكود المتطرف بقيادة نتنياهو في ظل خسارة حزب أزرق وابيض المنافس له في الانتخابات، والذي يتزعمه ” بيني غانتس” لا يمثل أدنى أهمية لشعبنا الفلسطيني لأن ” غانتس” أوضح مواقفه حيال المسائل السياسية الكبرى في ملف مفصل يشمل التعهدات بالحفاظ على السيطرة “الإسرائيلية” في الكتل الاستيطانية الكبرى، وسلسلة اقتراحات تشمل البرنامج الدبلوماسي الذي يعرضه الملف وهو أن تكون القدس “موحدة” كعاصمة “لإسرائيل”، واستمرار السيطرة الإسرائيلية في غور الاردن، والحفاظ على الكتل الاستيطانية في الضفة الغربية.
الإعلان عن تشكيل الحكومة الإسرائيلية القادمة يسكون بعد 28يوماً، وهي الفرصة المعطاة لنتنياهو في تشكيل الحكومة الجديدة، والتي من المؤكد أنها ستضم أطرافاً يمينية أكثرا تشددا، في ظل الحديث عن تمرير فعلي لما يسمى صفقة القرن، وفي ظل التوقيت الزمني المتسارع لتهويد القدس وزيادة رقعة الاستيطان في القدس والضفة الغربية من جانب، وفكرة غزل قطاع غزة عن باقي الوطن، وتغييب القضايا المفصلية للمشروع الفلسطيني في الصراع، والتي بدونها لا دولة فلسطينية ولا وجود لفكرة حل الدولتين على الاطلاق.
بعيدا عن السرد والاطالة، فالسؤال المطروح هنا، ما هو الموقف والرؤية بعد إتمام تشكيل مفاصل الحكومة الإسرائيلية الجديدة بقيادة نتنياهو؟ وما هو أبعادها وتأثيراتها على المشروع الوطني القائم على فكرة الدولة المستقلة؟، وهذا جميعه في ظل معطيات تدلل بأن القادم هو القضاء على أي مشروع وطني يسعى للحرية والاستقلال وفق الرؤية والتوجهات الإسرائيلية برعاية الإدارة الامريكية الحالية.
القادم سيكون صعباً وللغاية على الفلسطينيين بكافة المشتقات والتفاصيل، وهذا يعود لتعنت الحكومات الإسرائيلية المتعاقبة وقراراتها الجائرة بحق شعبنا وقضيته، وبدعم وتأييد أمريكي لكافة المشاريع الاستعمارية الإسرائيلية، وعدم الاعتراف نهائيا بحق الشعب الفلسطيني في العيش بحرية وكرامة في دولة مستقلة ذات سيادة وطنية.
يتزامن الحديث عن تشكيل الحكومة الإسرائيلية القادمة مع تشكيل الحكومة الفلسطينية الذي سيتم الإعلان عنها رسمياً مساء اليوم ، والتي للأسف لن تكون الحكومة الفلسطينية الجديدة تحمل في طياتها الطايع الوطني الوحدوي في عملية التشكيل نتيجة الانقسام السياسي البغيض ، على خلاف الحكومة “الإسرائيلية” التي من المتوقع أن تحمل ائتلافاً في ظل اختلاف كل حزب منها في الرؤى والمواقف ، لأن الائتلاف الحكومي والاختلاف في المواقف يذوب في الحكومات الإسرائيلية المتعاقبة ، لأن ما يوحد هذه الأحزاب جميعاً هو دولتهم وكيانهم المزعوم ، الذي ينظرون له بأنه أكبر من كل الاختلافات في الرؤى والمواقف الحزبية والسياسية ، وهذا للأسف الشديد ما ينقصنا كفلسطينيين بأن تكون فلسطين وقضيتنا العادلة الهدف الوحدوي الوطني والمشروع الفلسطيني المستقل ، ,ان تكون الأساس والمرجع الرئيسي الذي يجب أن نلتف حوله ويكون خيارنا وقرارنا وداعمين له بكل ما أوتينا من قوة جمعياً.