لم يكتف مجلس الوزراء الإسرائيلي بوضع شروط تعجيزية للموافقة على المصالحة الفلسطينية، بل مارست إسرائيل عملياً ما وضعته شرطاً نظرياً، فاقتحمت بعد الاجتماع مباشرة مدن الضفة الغربية، واعتقلت فلسطينيين، وأغلقت مراكز إعلامية، وصادرت معدات، بشكل لا يتعارض مع الاتفاقيات التي تلتزم بها السلطة الفلسطينية، وإنما بشكل يهين القيادة فلسطينية، ولاسيما حين تصل الاقتحامات إلى قلب مدينة رام الله، وتعبر قوات الاحتلال عن المقرات الأمنية الفلسطينية، والمقرات الحكومية التي التزمت المراقبة الصامتة، دون أن تتمكن من فعل شيء، يؤكد أن حكومة السيد رامي الحمد الله متمكنة من القرار، وقادرة على فعل التمكين والقيام واجباتها الوطنية.
لا يكفي أن يرفض المتحدثون باسم السلطة الفلسطينية الشروط الإسرائيلية للمصالحة الفلسطينية، فهذا الرفض اللفظي لا يرقى إلى الممارسات الإسرائيلية، ويتناقض مع تصريحات السيد محمود عباس الذي يؤكد في كل مناسبة على عدم السماح بوجود أي سلاح في غزة إلا سلاح السلطة، وهذا يعني إصرار رسمي على نزع سلاح المقاومة، ودون جبي أي مقابل من الإسرائيليين، وهذا ما يتوجب أن يتنبه له السيد محمود عباس، الذي يمكنه وضع جملة من الشروط الفلسطينية التي تعارض الشروط الإسرائيلية للمصالحة، وذلك بإعلانه الاستعداد عن نزع سلاح المقاومة في غزة والضفة الغربية إذا التزم الإسرائيليون بالنقاط التالية، والتي لا تتعارض مع الاتفاقيات:
1- التوقف الإسرائيلي التام عن اقتحام المدن، واعتقال الأبرياء بحجة المطاردة الساخنة.
2- التوقف التام عن التوسع الاستيطاني، وعدم السماح ببناء أي وحدة استيطانية.
3- رفع مئات الحواجز الأمنية التي تفصل بين المدن الفلسطينية، وتنغص حياة الناس.
4- وقف الاقتحام المنظم للمسجد الأقصى.
5- إلغاء المجلس البلدي اليهودي وسط مدينة الخليل.
6- التوقف عن إطلاق النار على الفلسطينيين لمجرد الشبهة
7- فك الحصار عن قطاع غزة بالكامل، وإقامة المطار والميناء
8- إطلاق سراح الأسرى الفلسطينيين شرط للمطالبة الإسرائيلية بإعادة جثث جنودها.
قد يقول البعض: إن هذه شروط المنتصر، وإن وضع مثل هذه الشروط سيجر على السلطة ردة فعل الإسرائيليين الغاضبة، أقلها؛ توقف إسرائيل عن تحويل العوائد الضريبة إلى السلطة، وعليه سيتوقف صرف الراتب، وستفرض إسرائيل حظراً على تحركات الشخصيات التي تحمل بطاقة VIP
ما سبق من ذرائع مردود على أصحابها، فالإسرائيليون حريصون على التهدئة حرصهم على بقاء التنسيق الأمني، وللتذكير، فقد سبق وأن تجرأت الحكومة الإسرائيلية وأوقفت تحويل عائدات الضرائب، ولكنها اضرت إلى التراجع بعد عدة أيام، بناءً على توصية الأجهزة الأمنية التي حذرت من انفجار الوضع في الضفة الغربية، بشكل يصعب السيطرة عليه.
إن سلاح المقاومة في غزة هو سلاح في يد السلطة الفلسطينية، عليها أن توظفه لصالح القضية الفلسطينية، وعلى السلطة أن تستثمر هذا السلاح، وأن تلوح به، وأن تهدد بانفجار الوضع، وأن تضع شروطها على الحكومة الإسرائيلية، دون عمل أي حساب لردة فعل نتانياهو، ولو لمرة واحدة من تاريخ هذه القيادة، التي تدرك أن الشعب الفلسطيني كله يتفاخر بسلاح المقاومة، ولا يقبل بنزعه، وهو يقف ضد العدوان الإسرائيلي على غزة، وضد الاقتحام الإسرائيلي لمدن الضفة الغربية.