الكتيبة 141 بقلم : د. أسامه الفرا
اثار مقطع فيديو تم تداوله على مواقع التواصل الاجتماعي من انتاج قناة القدس التعليمية غضب الكثير، تظهر فيه المذيعة وهي تمسك بصورة الشهيد خليل الوزير وتسأل المواطنين عن صاحب الصورة، جاءت الاجابات صادمة حيث لم يتعرف الكثيرون عليه، يومها تم تحميل قيادة فتح المسؤولية عن القصور الفاضح في التعبئة الفكرية والثقافية أكثر مما يتحمله الجيل الشاب لعدم معرفته بأحد قادة الفعل في الثورة الفلسطينية المعاصرة، المفجع أن الأمر لا يتعلق بجزء من التاريخ القديم طوته العقود، ولا بفصل منه لا امتداد له في حاضرنا، هذه الثقافة الصادمة كانت تحتم علينا التوقف أمامها ومعالجة الخلل ليس ضمن المنظور الحزبي فقط بل بما هو أعمق وأوسع من ذلك، البديهي أن يحدث مقطع الفيديو حراكاً لا يهدأ حتى يضع القاطرة الثقافية على مسارها الصحيح، لكن الواضح أن ما صاحبه من موجة غضب واستهجان ما لبثت أن هدأت وكأن شيئاً لم يكن.
قبل عامين توفي أحد أفراد الكتيبة 101 التي أسسها شارون عام 1953 والمسؤولة عن تنفيذ العديد من المجازر بحق الشعب الفلسطيني من بينها مجزرة قبيه ومركز شرطة خان يونس، يومها أفردت وسائل اعلام الاحتلال مساحة واسعة للحديث عنه واثنى العديد من قادة الاحتلال عليه، بالمقابل ما الذي نعرفه نحن عن أفراد الكتيبة 141 التي امر جمال عبد الناصر بتشكيلها وأوكل قيادتها إلى ضابط المخابرات المصري مصطفى حافظ؟، تلك الكتيبة التي جاءت رداً على كتيبة شارون الارهابية ونفذ افرادها العديد من العمليات الفدائية البطولية، تلك العمليات التي أوجعت الاحتلال وقضت مضاجعه، مما دفع رئيس وزراء الاحتلال حينها “ديفيد بن غوريون” ورئيس اركانه “موشيه ديان” للإشراف على عملية التخلص منه، حيث تم اغتياله عبر طرد بريدي ملغوم في يوليو من عام 1956، والغريب أن صحيفة الاهرام يومها نشرت خبراً عابراً تتحدث فيه عن مقتل العقيد مصطفى حافظ نتيجة ارتطام سيارته بلغم في قطاع غزة، تم لاحقاً تخليد ذكرى الشهيد مصطفى حافظ عبر اطلاق اسمه على مؤسسات في القطاع، إلا أن أفراد كتيبته والاعمال البطولية التي قاموا بها بقيت طي النسيان.
حاولت قوات الاحتلال ابان حرب حزيران 1967 التقدم لمركز مدينة خان يونس من الطريق الغربية فواجهتها مقاومة شرسة من كتيبة جيش التحرير الفلسطيني، لم تتمكن معها قوات الاحتلال من اقتحام المدينة لأيام عدة، وبقيت خسائر الاحتلال من الاليات المتفحمة جاثمة في المنطقة لأسابيع عدة بعد أن وضعت الحرب أوزارها، لتكون الشاهد على بسالة مقاومة الكتيبة الفلسطينية، تم مؤخراً اطلاق اسم السلطان عبد الحميد الثاني على الشارع الذي يصل مركز مدينة خان يونس بحي الأمل والمعروف سابقاً باسم شارع الكتيبة، والكتيبة بقدر ما لها من دلالة خاصة بمدينة خان يونس فهي ايضاً من الصفحات المشرقة في التاريخ الفلسطيني، لم يحمل الشارع اسم الكتيبة بقرار من جهة الاختصاص بل امتداداً فكرياً لتلك الكتيبة الفلسطينية التي كانت تتخذ من الأرض المحاذية له مقراً لتدريباتها وأبلت بلاءاً حسنا ابان حرب حزيران، كان من الممكن لنا أن نقدر للسلطان عبد الحميد الثاني موقفه الرافض لكل الاغراءات والضغوطات الصهيونية للسماح بهجرة اليهود إلى فلسطين بإطلاق اسمه على شارع أو مؤسسة، لكن الأهم أن نحافظ على شارع الكتيبة تخليداً لذكرى من سقطوا من رجالها دفاعاً عن المدينة وطوت صفحة النسيان بطولتهم.