المجزرة الوحشية التي ارتكبها سفّاح سورية بشار الوحش وعصاباته في مدينة “الحولة السورية” ليلة الجمعة الموافق الخامس والعشرين من مايو 2012 ، بلغت حصيلة ضحاياها النهائية حسب تقارير بعثة المراقبين الدوليين والمرصد السوري لحقوق الإنسان 114 قتيلا من بينهم 32 طفلا تم ذبحهم بالسكاكين بعد تقييدهم، وكلهم أطفال دون سن العاشرة ، إلى حد أنّ الجنرال النرويجي “روبرت مود” رئيس بعثة المراقبين الدولية وصفها ب “مأسآة وحشية”. إنّ هذه المجزرة تضاف إلى المجازر المشابهة التي ارتكبها بشار الوحش وعصابات عائلته وأخواله منذ منتصف مارس 2011 ، ترقى فعلا إلى حد الإبادة الجماعية المتعمدة التي يواصل هؤلاء القتلة ارتكابها بحق المواطنين السوريين المطالبين فقط بحريتهم وكرامتهم من قتل وفساد ولصوصية عائلة وأخوالها طوال 42 عاما، وما يزالوا مصرّين على الاستمرار في ارتكابها عبر محاولات إجرامية للاستمرار في الإمساك بالحكم الاستبدادي الدموي، إذ لا يكفيه هو وعائلته وأخواله 42 عاما، فيريد الاستمرار إلى أن يقتلع روحه عزرائيل ملك الموت أو الشعب السوري الذي ما عاد من الممكن أن يتراجع عن ثورة الحرية والكرامة.
إدانات عربية ودولية..ماذا أفادت؟
وكالعادة منذ منتصف مارس 2011 تواصلت الإدانات العربية و الدولية المنددة بهذه المجازر والمذابح ، ومن أهم ادانات هذه المجزرة الجديدة وليست الأخيرة ، ما صدر عن رئيس بعثة المراقبين الدولية الذي أشرت لإدانته في السطور السابقة، ثم الإدانة التي صدرت عن الأمين العام للأمم المتحدة بان كي موون ومبعوثه كوفي عنان، ووزير خارجية دولة الإمارات العربية المتحدة الذي كان صريحا في قوله: ” إنّ مثل هذا الأستهداف للمدنيين يمثل رمزا مأسويا لفشل جهودنا المجتمعة عربيا ودوليا لإيقاف العنف تجاه المدنيين في سوريا”، داعيا إلى عقد اجتماع طارىء لجلمعة الدول العربية. وغيرهم الكثيرون من وزراء الخارجية العرب والأوربيين ووزيرة الخارجية الأمريكية هيلاري كلينتون. ولكن ماذا أفادت هذه الإدانات وكافة المبادرات العربية والدولية منذ حوالي عام ونصف؟. هل أوقفت أية نسبة من جرائم هذا القاتل المتوحش ضد شعبه السوري المسالم؟. بالعكس كانت وما زالت هذه المبادرات مجرد تمديد لمجازر النظام الذي يقبل بالمبادرة ويستمر في جرائمه، التي تواصلت بوجود المراقبين العرب الذين انسحبوا بعد أن يئسوا من وقف أية نسبة من جرائمه، وهاهي نفس الجرائم تستمر بوحشية أكبر على مرأى ومسمع المراقبين الدوليين وموفد الأمين العام للأمم المتحدة.
إدانة مبطّنة من داخل النظام الوحشي
إذ أعلن النائب (أنس الشامي) في مجلس الأسد المسمّى زورا مجلس الشعب، في بيان قوي ادانته لما اسماه ( المشهد المرعب والجريمة النكراء لمجزرة الحولة)، متسائلا (لحساب من، ومن أجل أي شيء، فهل ثمة رابح؟… أما آن الأوان أن نرى في الدولة والنظام الرسمي رجالاً يرتقون بحس المسؤولية إلى ملاحقة الجناة، وتقديمهم إلى العدالة والقضاء، أم سنكتفي بروايات المؤامرة والعصابات المسلحة ونبقى كرجال دولة في غياب ). وما لا يجرؤ النائب الشامي على قوله صراحة دون القول المبطن أنّ هذه الجرائم هي من صنع النظام الأسدي الذي يتغطى بروايات المؤامرة والعصابات المسلحة التي لا يفهم أحد كيف ولماذا ظهرت الآن فقط، في حين كان نظام الأسد هو من يصدر هذه العصابات الإرهابية لتقتل العراقيين بدون تمييز.
أين الشعوب والحكومات العربية أولا؟
إنّه من العار المشين أن تقف غالبية الحكومات العربية ساكتة على هذه المجازر الوحشية من قبل الوحش بشار وعصاباته، ولن ينسى الشعب السوري في المستقبل هذا التخاذل الساكت على هذه الجرائم التي يمكن وضعها ضمن سياق المثل العربي القائل ( السكوت علامة الرضا ). لماذا لا تقوم الجامعة العربية وحكوماتها باعتماد قرار سريع يقضي بطرد هذا النظام المتوحش من عضوية الجامعة، وطرد كل سفرائه الذين يرفضون الانشقاق عنه وإدانة جرائمه، وسحب سفرائها من سوريا المنكوبة بهذا النظام القاتل؟. والشعوب العربية لماذا لا تخرج في مظاهرات مليونية أمام سفارات النظام لتقول للشعب السوري أنّها معه وتشعر بمأساته وحزنه؟ فلا يكفي بعض تصريحات الإدانة التي يشكّرون عليها خاصة النواب التابعون للجماعات الإسلامية في الأردن والكويت.
وتبقى تحفظات روسيا والصين معيبة أيضا
وهي ليست مستغربة من نظامين سجلهما في الاستبداد والديكتاتورية ومصادرة حقوق الإنسان لا يمكن تجاهله، ويكفي أنّ بوتين يبشر الشعب الروسي بانّه سيبقى رئيسا حتى العام 2024 من خلال التوريث والتدوير بينه وبين شريكه وتلميذه ميدييف، فلا يدافع عن ديكتاتور إلا من هو على شاكلته. وكذلك دعم نظام الملالي في إيران الذي يعتبر نظام الوحوش في سوريا بوابة مهمة له للتمدد في المنطقة من خلال دعم حزب حسن نصر الله الذي يتقاعس عن نصرة الشعب السوري، ويدعم علنا النظام المجرم مما يجعل إلصاق اسم الله تعالى باسم حزبة جناية لا تغتفر لأنّ دين الله يرفض هذه الجرائم ( ومن قتل نفسا بغير نفس أو فساد في الأرض فكأنما قتل الناس جميعا ). فما الموقف من وحش قتل حتى الآن ما يزيد على 17 ألف مواطن سوري ، انتفضوا مطالبين بحريتهم وكرامتهم التي صادرها هذا الوحش وأبيه طوال 42 عاما؟ غير عشرات ألاف من المفقودين في سجونه ومعتقلاته التي هي أكثر من المستشفيات في سورية المنكوبة بهذا الوحش وعائلته.
وكيف يمكن تطبيق دعوتك يا هيلاري كلينتون؟
كانت إدانة وزيرة الخارجية الأمريكية هيلاري كلينتون لمجزرة مدينة الحولة شديدة وعنيفة، إذ طالبت مجددا إلى وقف اراقة الدماء في سوريا، مؤكدة ( أنّ حكم القتل والخوف يجب أن ينتهي ). فكيف يمكن أن ينتهي هذا النظام بدون تدخل عسكري خارجي يدمّر آلته العسكرية كما حدث مع الطاغية البائد معمر القذافي، الذي لولا هذا التدخل العسكري العربي الدولي لاستمر حتى اليوم يفتك بالشعب الليبي. وقبل ذلك في مارس من عام 1999 لولا قصف قوات الناتو المستمر لمدة 78 يوما للقوات الصربية في يوغوسلافيا السابقة، لما أمكن حماية مسلمي كوسوفو الذين تعرضوا لنفس الهجمات والمجازر من قبل القوات الصربية. ومن المهم ملاحظة أنّ تدخل الناتو العسكري آنذاك جاء بعد فشل كافة العقوبات والضغوط الدولية، التي أيضا كان معارضوها فقط النظامان الروسي والصيني، ورغم ذلك كان تدخل قوات الناتو بدون تفويض من مجلس الأمن الدولي.
فلماذا لا يتدخل العرب والناتو لإنقاذ الشعب السوري؟
إنّ وقف مجازر نظام الأسد تتطلب موقفا عربيا شجاعا، يتلخص في تشكيل قوة ردع عربية تكون النواة لطلب المساعدة العسكرية من دول حلف الناتو مباشرة بدون المرور عبر مجلس الأمن الدولي تحاشيا لفيتو الديكتاتوريات الروسية والصينية، كما حصل في التدخل ضد الجرائم الصربية عام 1999 بحق مسلمي كوسوفو. وإذا تمت هذه الخطوة العربية ربما تلبي دول الناتو هذا النداء العربي لإنقاذ الشعب السوري، إن لم تخضع دول الناتو لابتزاز إسرائيل الحريصة على بقاء هذا النظام الممانع لإطلاق أية رصاصة عليها من حدوده والمقاوم بعنف لكل من يحاول ذلك.
www.drabumatar.com