3:36 مساءً / 28 أبريل، 2025
آخر الاخبار

صوتٌ وغضب : الرسوم الجمركية الأميركية ترتدّ عكسيًا وسط موجة احتجاجات عارمة

صوتٌ وغضب : الرسوم الجمركية الأميركية ترتدّ عكسيًا وسط موجة احتجاجات عارمة

شفا – تظاهر محتجون غاضبون في جميع الولايات الأميركية الخمسين، مطلقين أبواق السيارات وهاتفين “ارفعوا أيديكم!”، احتجاجًا على السياسات التجارية المتقلبة التي تنتهجها واشنطن، خصوصًا الزيادات الجمركية المتأرجحة بين الإقرار والإلغاء.


هذا الجو المحيط بالرسوم الجمركية والمليء بالضبابية قد دفع سوق الأسهم إلى حالة من التذبذب الحاد، مما أثار قلق المستثمرين الصغار. وقد بلغ مؤشر التقلبات في بورصة شيكاغو ،(Cboe Volatility Index) والمعروف بـ”مؤشر الخوف” في وول ستريت، أعلى مستوياته منذ جائحة كوفيد، مع تصاعد المخاوف من تداعيات هذه السياسات.


ولم تقتصر التأثيرات على سوق الأسهم فقط، إذ تنتظر المستهلكين الأميركيين زيادات في أسعار المواد اليومية في المتاجر. فمع اقتراب سنامية جديدة من الرسوم الجمركية، سترتفع أسعار السلع المستوردة، حيث سيعمد المستوردون إلى تمرير التكاليف الإضافية إلى المستهلكين. وقد طالبت شركات التجزئة الكبرى مثل “وول مارت” مورديها الصينيين بتخفيض الأسعار في محاولة لاحتواء الضغط على هوامش الأرباح، لكنها قوبلت بالرفض. تكلفة السياسات الحمائية الأميركية لن تدفعها الشركات الصينية، ومن بدأ هذا النزاع عليه أن يتحمل مسؤولية ما نتج عنه.


وفي حين أن الحكومة الأميركية تزعزع الاستقرار العالمي من خلال فرض الرسوم الجمركية، فإن المواطنين العاديين، ولا سيما الأسر ذات الدخل المنخفض، هم الأكثر تضررًا. وتشير تقديرات “مختبر الميزانية” التابع لجامعة ييل إلى أن أسعار المنتجات الطازجة قد ترتفع بنسبة 4%، في حين يُتوقع أن ترتفع تكلفة الغذاء بشكل عام بنسبة 2.8%. وفيما يسارع الأثرياء إلى شراء السلع الفاخرة مثل السيارات الفارهة، والتي أصبحت الآن خاضعة لرسوم جمركية كبيرة، تعمد الأسر ذات الدخل المحدود إلى تخزين المواد الأساسية خشية من نفادها من الأسواق.


المفارقة المؤلمة تكمن في احتفاء بعض وسائل الإعلام الأميركية بما تسميه “تسارع دوران المخزون” في المتاجر، بينما تغض الطرف عن حالة القلق التي تعصف بالطبقة العاملة الأميركية. لا عجب إذاً من حالة الغضب العارم التي تجتاح البلاد.


معادلة خاطئة وخسارة فادحة


حسابات التعريفات الجمركية الأميركية تفتقر إلى المنطق. يُقال إن المنهجية تأخذ بعين الاعتبار العجز التجاري، والعوائق غير المالية، والتلاعب بالعملة. إلا أن ما حدث فعليًا هو قسمة العجز التجاري الأميركي على صادرات الدول إلى الولايات المتحدة، في تجاهل واضح للعديد من العوامل الاقتصادية الأساسية، ما يفضح مستوى الهواية في هذه المقاربة.


بعيدًا عن الحسابات، هذه التعريفات فكرة سيئة. فلا مكاسب قصيرة الأجل تبرر الخسائر بعيدة المدى.


ويُشير الخبير الاقتصادي دوغلاس إيروين في كتابه سياسة التجارة في التاريخ الاقتصادي الأميركي إلى أن الولايات المتحدة ربما تعتمد ما يسميه بـ”الـ3 راءات”: الإيرادات، والقيود، والمعاملة بالمثل، حيث تُفرض التعريفات لزيادة عائدات الدولة، وتقييد الواردات لحماية المنتجين المحليين من المنافسة الأجنبية، والتفاوض على اتفاقات متبادلة لتقليل الحواجز التجارية.


لكن هذه الأهداف تبدو بعيدة المنال.


تكاليف الأعمال المرتفعة والتضخم سيضغطان على المالية العامة. أما المصنعون الأميركيون، فيكافحون للحصول على مستلزمات بأسعار معقولة من مصادر بديلة، ليجدوا أنفسهم عالقين في سلاسل إمداد مضغوطة. كما أن منطق “اللعبة الصفرية” الذي تتبعه واشنطن يتنافى تمامًا مع مبدأ المعاملة بالمثل.


بدلاً من “الـ3 راءات”، ستجني أميركا “خسارة واحدة كبرى” تشمل الحكومة، وقطاع الأعمال، والمواطنين. الوجهة الوحيدة الممكنة هي الركود التضخمي: نمو راكد مصحوب بتضخم متفاقم.


واشنطن يجب أن تغيّر مسارها


العالم لن يقف مكتوف الأيدي. فقد أعلنت الصين والاتحاد الأوروبي عن فرض تعريفات جمركية انتقامية، في خطوة دفاعية. ووفقًا لبيانات منظمة التجارة العالمية لعام 2023، تشكل الصين والاتحاد الأوروبي مجتمعين نحو 42% من حجم التجارة العالمية، وهو ما يفوق بكثير حصة الولايات المتحدة البالغة 13%. إن اندلاع حرب تجارية شاملة سيكون كارثيًا بالنسبة لواشنطن.


وفي أعقاب مكالمة هاتفية مع رئيس مجلس الدولة الصيني لي تشيانغ، دعت رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين إلى “حل تفاوضي” يوفر “الاستقرار وقابلية التنبؤ” للاقتصاد العالمي.


يتعين على الولايات المتحدة أن تتخلى عن حملتها التدميرية في فرض التعريفات الجمركية قبل أن تغرق الاقتصاد العالمي في مزيد من الفوضى. فالعالم بحاجة إلى التعاون، لا المواجهة. إن تهور واشنطن يضر بالجميع، بما في ذلك نفسها.

شاهد أيضاً

اللواء د. كميل يطلع أمين عام الهيئة الخيرية الأردنية الهاشمية على الأوضاع الصعبة بمحافظة طولكرم نتيجة استمرار عدوان الاحتلال

اللواء د. كميل يطلع أمين عام الهيئة الخيرية الأردنية الهاشمية على الأوضاع الصعبة بمحافظة طولكرم نتيجة استمرار عدوان الاحتلال

شفا – أطلع محافظ طولكرم اللواء د. عبد الله كميل، أمين عام الهيئة الخيرية الأردنية …