3:25 مساءً / 22 أبريل، 2025
آخر الاخبار

الخل أخو الخردل ، سيرة وطن بين ماضٍ معتّل ومستقبلٍ مُختل بقلم : المهندس غسان جابر

الخل أخو الخردل: سيرة وطن بين ماضٍ معتّل ومستقبلٍ مُختل بقلم : المهندس غسان جابر

يُقال “الخل أخو الخردل”، مثلٌ شعبي يُطلق حين نُسأل: “هل الخلف أفضل من السلف؟” فنرد ساخرين: “كلا يا صاحبي، لم ننتقل من الرمضاء إلى الظل، بل من الرمضاء إلى لهيب الخردل!”. هكذا هي حالنا نحن الفلسطينيين، نتقلب بين قادة يشبهون أسلافهم، إن لم يكونوا نسخة أقل نضجاً، وأكثر تعلقاً بالكراسي، وأشد ولعاً بالبروتوكول من القضية ذاتها.

ننظر إلى الوراء فنجد الزعماء الأوائل، رغم أخطائهم، كانت قلوبهم مشتعلة بالوطن. قاتلوا، تفاوضوا، خسروا وربحوا، ولكن لم يساوموا على المبدأ كما يُساوَم اليوم على رغيف الخبز وكرامة الأسرى. واليوم؟ صار التفاوض مهنة، والانقسام ديانة، والمصالحة أكذوبة موسمية لا يصدقها حتى كاتب المقال !

في زمن “الخل”، كانت الهزائم تُواجَه بالانتفاضات، واليوم في زمن “الخردل”، تُواجه الهزائم بالبيانات. بدل الحجر، نرشق الاحتلال بإدانات خجولة، وبوسائل التواصل نُحرر الأقصى من الاحتلال… بكبسة زر.

أما فصائلنا، فحدّث ولا حرج. منظمات تحوّلت إلى شركات عائلية، تجيد الحشد لا للحرب بل للمهرجانات، وترفع الصوت لا من أجل الأسرى بل لشدّ عضد الجماهير قبل صناديق الانتخابات (إن وُجدت). من يقود من؟ لا ندري. حكومة هنا، سلطة هناك، راية في غزة وأخرى في الضفة، وشعبٌ محاصر بينهما يسأل: هل أنا فلسطيني أم مندوب في مسابقة “من الأكثر فشلاً”؟

أما عن المستقبل السياسي، فحدثني عن وهم الدولة ذات السيادة. ما زلنا نفاوض على فتات الأرض، بينما تُنهب القدس جهاراً، ويُقسم الأقصى كل صباح، ونُقسم نحن كل مساء على أننا “باقون”. باقون في ماذا؟ في انقسامنا؟ في صمتنا؟ في انتظارنا للمجهول؟

لكن لا تخف، فلدينا وزارات دولة بلا دولة: وزارة شؤون القدس بلا سيادة على القدس، ووزارة الأسرى بلا قدرة على إطلاق سراح أسير، ووزارة المصالحة الوطنية التي لا تصالح إلا نفسها!

ومع ذلك، ورغم كل هذا السواد، نُصرّ على الأمل. ليس لأننا سُذّج، بل لأن هذا الشعب –رغم كل شيء– لا يموت. يُولد من رحم القهر مقاوم، ومن بين الركام يخرج شاعر، ومن ظلال الشهداء يولد فدائي جديد.

نعم، “الخل أخو الخردل”، لكننا نؤمن أن بين الاثنين، قد يولد “العنب”، وتعود الكروم، وتُقطف ثمار الكرامة ذات يوم… إن قرر الخلف أن يكون خيراً من السلف، لا شبيهاً به!

المهندس غسان جابر (قيادي في حركة المبادرة الوطنية الفلسطينية)

شاهد أيضاً

4 شهداء بينهم طفلتان في قصف الاحتلال الشجاعية وشمال مخيم النصيرات

شفا – استُشهد أربعة مواطنين، وأصيب آخرون، ظهر اليوم الثلاثاء، في قصف الاحتلال الشجاعية شرق …