
الاستاذة والصديقة هيام الشاتي ، زهرة العطاء وسيدة الأثر الطيب ، بقلم : د. تهاني رفعت بشارات
في دروب الحياة، تمرّ بنا أرواح كالنسائم، رقراقة في حضورها، عذبة في أثرها، تلامس القلب دون استئذان، وتترك فيه بصمة لا تُمحى مهما تعاقبت الأيام. ومن بين هذه الأرواح النادرة، كانت المعلمة والزميلة الفاضلة هيام الشاتي، تلك السيدة التي لا يُذكر اسمها إلا وترافقه طيبة قلبها، وجمال روحها، وسخاء عطائها.
هيام الشاتي ليست مجرد زميلة عمل، بل هي نغمة طيبة في سمفونية الحياة المهنية، وصديقة وفية في زمن كثر فيه الغياب. كانت وما زالت، الملاذ الآمن، واليد التي تمتد بالعون، والكلمة التي تحفز، والابتسامة التي تُضيء زوايا القلب. رأيت فيها معنى الأخت والصديقة والداعمة الحقيقية، التي لا تنتظر المقابل، بل تمنحك من وقتها وقلبها ونُصحها دون كلل أو ملل، كما تمنح الأرض ماءها للنبتة، لا لشيء سوى أنها خُلقت معطاءة بطبعها.
وما أجمل أن يجتمع في الإنسان حُسن الخُلُق، وحُب العطاء، وروح المثابرة، وهذا ما تجلّى في هيام المعلمة. فهي الأم المثالية التي غرست في بناتها حب العلم وأصالة الأخلاق، فصارت قدوة في بيتها كما هي قدوة في مدرستها. وقد كانت دومًا مثالًا للمعلمة النشيطة، التي تمارس رسالتها بصدق وانتماء، والتي يتسابق طلابها في حبّها، ويشعرون معها بالأمان والدافعية، كأنها شمس دافئة تُنير لهم الطريق في برد الحصص والواجبات.
ولم تكتفِ هيام بمجرد التعليم، بل كانت شعلة نشاط لا تنطفئ، تترك أثرها في كل فعالية مدرسية، وتبث الحياة في ردهات المدرسة بفقراتها الجميلة والمميّزة، خاصة في الأيام المفتوحة التي كانت تتألق فيها كنجمة ساطعة في سماء الإبداع. وما أجمل هذا الحضور حين يقترن بالجوائز والتكريمات التي نالتها من وزارة التربية والتعليم، لا لأنها تسعى وراء الجوائز، بل لأن الإخلاص بطبعه يُكافأ ولو بعد حين.
هيام الشاتي… يا نغمة الوفاء، ويا شجرة الخير التي تثمر حبًا واحترامًا في كل من عرفكِ، شكراً لكِ لأنكِ كنتِ النور في الأيام الرمادية، والرفيقة في لحظات التحدي، والداعم الذي لا يتردد، والصوت الذي يشجع، والحضور الذي لا يُنسى. لقد كان أثرك طيبًا وجميلًا، كما العطر الذي يبقى بعد رحيل الزهر، وكالنسمة التي تمرّ فلا تُنسى.
دمتِ كما أنتِ… رمزًا للعطاء، وشعاعًا من نور في سماء التربية والتعليم، ومثالًا يُحتذى به لكل معلمة تريد أن تكتب اسمها لا بالحبر، بل بالأثر.