10:45 مساءً / 21 أبريل، 2025
آخر الاخبار

هل فكرت الرحيل من الوطن بسبب حاجز؟ بقلم : الطالبة امل الحيح

هل فكرت الرحيل من الوطن بسبب حاجز؟ بقلم : الطالبة امل الحيح

هل فكرت الرحيل من الوطن بسبب حاجز؟ بقلم : الطالبة امل الحيح


لم يكن الصباح كأي صباح. الساعة السابعة تمامًا، وقفت عند بوابة مخيم العروب، أراقب الجموع المتكدسة أمام الحاجز العسكري الإسرائيلي. طلاب، عمال، موظفون، كبار في السن، وأطفال يرافقون آباءهم إلى مدارسهم، كلهم ينتظرون، في طابور طويل لا يعلم أحد متى سينتهي. البوابات الحديدية مغلقة، والجنود يقفون بلا اكتراث، يدققون في الهويات، يتبادلون الحديث والضحكات، بينما الوقت يمر ببطء قاتل، يسرق من أعمارنا ساعات ثمينة.

الساعة تقترب من التاسعة، وأنا ما زلت في مكاني. لدي محاضرات جامعية، أريد الوصول إليها، لكن الاحتلال لا يكترث لأحلامنا ولا لخططنا. القهر والذل يتسربان إلى أعماقي، ليس فقط لأنني تأخرت، بل لأنني أعلم أن هذا المشهد سيتكرر غدًا، وبعد غدٍ، وربما لسنوات طويلة قادمة….


بينما كنت أنتظر أمام الحاجز، شاهدتُ رجلاً خمسينياً يتكئ على حقيبته، يغمغم لنفسه: “لو كنتُ ذكياً بما يكفي، لاخترعت تطبيقاً يخبرني كم سأنتظر هنا، تماماً كما تفعل تطبيقات الطقس مع العواصف”. التفتُّ إليه مبتسمًا وقلت: “لكنك تعلم، حتى لو اخترعته، سيظل غير دقيق… فالاحتلال لا يتبع قوانين الفيزياء، بل قوانين المزاج”. ضحكنا بصوت خافت، ثم عدنا إلى الصمت المعتاد، ننتظر.


إنهم يصنعون لنا متاهةً بلا مخارج، ثم يسخرون منّا لأننا لا نجد طريقنا.” ترددت كلمات محمود درويش في ذهني وأنا أقف بين بوابات الحديد والأسلاك. أدركت أننا لسنا مجرد عابرين في هذه المتاهة، بل أسرى داخلها. كل بوابة تُغلق في وجوهنا هي تذكير بأننا محاصرون، ليس فقط بالجدران، بل بالخيار القاسي بين البقاء في السجن أو الهرب من الوطن.
حين تتكرر هذه اللحظات، يطرح السؤال نفسه بإلحاح: هل أرحل؟ هل أبحث عن حياة بلا حواجز، بلا تأخيرات، بلا تفتيش مذل، بلا إذلال ممنهج؟


لكنني حين أفكر في الرحيل، أجد أن الأمر ليس بهذه السهولة. كيف أترك الأرض التي شهدت طفولتي، والبيوت التي تحكي قصص أجدادي؟ كيف أغادر وأترك وطني لمن يحاول طمس هويتي وإجباري على المغادرة؟


ولكن، ماذا لو لم يكن الحل في الخروج من المتاهة، بل في هدم جدرانها؟ ماذا لو كان الطريق الذي نبحث عنه، هو نحن، صمودنا، بقاؤنا هنا رغم كل شيء؟ الاحتلال يريدنا أن نتوه، أن نشعر بالعجز، أن نقتنع بأن الرحيل هو الخلاص الوحيد، لكننا نعرف أن الخلاص الحقيقي هو أن نُعيد رسم الطريق بأقدامنا. هذه الأرض لنا، ونحن أهلها، وإن كانت الحياة فيها صعبة، فإن التمسك بها هو فعل مقاومة في حد ذاته.

شاهد أيضاً

اللواء نضال شاهين يؤكد من طوباس: تعزيز التكامل بين الاستخبارات والمجتمع المحلي أساس لحفظ أمن المواطن

اللواء نضال شاهين يؤكد من طوباس: تعزيز التكامل بين الاستخبارات والمجتمع المحلي أساس لحفظ أمن المواطن

شفا – أكد قائد جهاز الاستخبارات العسكرية الفلسطينية، اللواء نضال شاهين، على أهمية ترسيخ العلاقة …