7:47 مساءً / 19 أبريل، 2025
آخر الاخبار

دخان يخرج من جثامين الشهداء وأنظمة عربية لن تخرج من لعنة اللعبة ، بقلم : بديعة النعيمي

دخان يخرج من جثامين الشهداء وأنظمة عربية لن تخرج من لعنة اللعبة ، بقلم : بديعة النعيمي

مجزرة مواصي خانيونس ليلة ١٧/ابريل٢٢٥

ليلة السابع عشر من نيسان/أبريل ٢٠٢٥ لم تكتف آلة القتل الإجرامية الصهيونية بتنفيذ مجرد مجزرة في مواصي غرب خانيونس، بل تجاوزت كل حدود المعقول والمسموح، حين ارتكبت مجزرة بشعة، تفحمت فيها جثث الشهداء لدرجة أن الدخان ما زال يتصاعد منها حتى بعد نقلها ووضعها في ثلاجات الموتى.

مشهد مرعب لوجه الإنسانية، اختلطت فيه رائحة اللحم والدخان الذي لا زال يتصاعد من الجثامين، وكأنها لا تزال تصرخ من داخل الثلاجات، تطالب بحقيقة وعدالة وإنسانية ضاعت جميعها على قارعة صمت العالم.


ما حصل في المواصي ليلة أمس ليس مجرد محطة، بل علامة فارقة في انحدار النظام الدولي نحو اللامبالاة التامة. وفي كل مرة تُرتكب فيها مجزرة ويُغضّ الطرف عنها، تُكتب شهادة وفاة جديدة لمنظومة القيم العالمية.

هذه المجزرة، في جوهرها، ليست سوى جزء من سياسة واضحة تتمثل في إبادة الفلسطيني، جسدا وصوتا وذاكرة.
غير أنها هذه المرة وقعت في ما يُسمى بـ “المنطقة الآمنة”، التي لجأ إليها النازحون بعدما طُردوا من منازلهم شمالا، بناء على تعليمات مباشرة من عصابات الجيش الصهيوني. اختاروا الموت في خيمة على أن يُقصفوا في بيت، لكنهم لم ينجوا من الجريمة، بل أصبحوا هدفا أسهل.

والمثير للغثيان أن هذه المجازر تمر بغطاء مزدوج، غطاء ديني زائف، يُستدعى من نصوص توراتهم المحرفة، وغطاء سياسي مخجل، توفره “أنظمة عربية” تقيم سلاما مع العدو المجرم وتتبادل معه المصالح. فأي شرف تبقى للقمم والمؤتمرات التي تقيمها تلك الأنظمة الخائنة حين تُحرق أجساد الأطفال وتُشوى؟


وأقول هنا.. إن دور هذه الأنظمة قادم وأجسادها ستشوى لأنها لا شيء في نظر هذا العدو سوى أنها دمى ماريونيت حقيرة، بمجرد انتهاء دورها على مسرح إقامة “إسرائيل الكبرى” ستُشوى بذات النار التي شوت أطفال غزة.

إن ما جرى في المواصي ليس فقط مجزرة عسكرية، بل انهيار شامل للأخلاق السياسية العربية. حيث تحوّلت العواصم من مراكز دعم إلى منصات صمت، ومن منابر تضامن إلى بوابات تطبيع. وفي قلب هذا التواطئ، يتكرر المشهد ذاته… الفلسطينيون وحدهم، وجثامينهم المحترقة وحدها، والدخان وحده يروي للعالم ما لم يعد أحد يجرؤ على قوله.

لكن، حتى النصوص المتواجدة في إصحاحاتهم وكتبهم التي يُفترض أن يتغنى بها الاحتلال تدين هذا الفعل. “لا تقتل النفس البريئة والبارة، لأني لا أبرر الشرير” “الخروج ٢٣:٧”.
و”ملعون من يأخذ رشوة ليقتل دم بريء” “التثنية ٢٧:٢٥”.
فهل يا ترى “الأنظمة العربية” التي تنسق وتهادن وتصمت وتتواطأ هي خارج هذه اللعنة؟

مشهد الجثامين المتفحمة في ثلاجات الموتى لن تُمحى بسهولة. هي ليست مجرد آثار قصف، بل أدلة على خيانة متعددة المستويات…من القاتل؟ من الصامت؟ ومن الذي اكتفى بالمشاهدة؟

حتى ثلاجات الموتى، التي من المفترض أن تحفظ الكرامة الأخيرة للميت لم تقوَ على حبس دخان أجساد اشتعلت ظلما، ليبقى هذا الدخان شاهدا ضد كل من خان.

في هذا الزمن العربي المبتذل، لا يحق لأحد أن يتحدث عن “الكرامة” إذا لم يقف أمام مرآة المواصي. وإن كان العالم قد فقد إنسانيته، فما الذي يبرر أن تفقدها أوطان تدّعي أنها “شقيقة”؟

شاهد أيضاً

إحراق محاصيل زراعية جنوب الخليل

شفا – أحرق مستوطنون متطرفون، مساء اليوم السبت، محاصيل زراعية في تجمع “واد الرخيم” غرب …