
شفا – اتخذت الحكومة الأمريكية خطوة خطيرة خلال الأيام الأخيرة في سياستها التجارية، مستخدمة خطاب “المعاملة بالمثل” لفرض موجة جديدة من الرسوم الجمركية على الشركاء التجاريين العالميين الرئيسيين، ولا سيما الصين.
وفي مواجهة تصاعد “الابتزاز المرتبط بالرسوم الجمركية”، ردت الصين بالإجراءات المضادة اللازمة لحماية سيادتها وأمنها ومصالحها التنموية.
من خلال فرضها ما يسمى بـ”الرسوم الجمركية المتبادلة”، تجاهلت الولايات المتحدة قواعد منظمة التجارة العالمية، وقوضت الحقوق والمصالح المشروعة لأعضاء المنظمة، وأضرّت بالنظام التجاري متعدد الأطراف القائم على القواعد، وضخت المزيد من عدم الاستقرار في نظام اقتصادي عالمي هش بالفعل. وهذه الإستراتيجية تتبنى، في جوهرها، الأحادية والحمائية والتنمر الاقتصادي.
ومن جانبها، حذرت كريستين لاغارد، رئيسة البنك المركزي الأوروبي، من أن تداعيات مثل هذه السياسات قد تُعرض الاستقرار الاقتصادي العالمي للخطر.
كما قال تشاد باون، وهو زميل أقدم في معهد بيترسون للاقتصاد الدولي، إن الولايات المتحدة انتهكت قواعد منظمة التجارة العالمية من خلال التمييز بين الشركاء التجاريين وزيادة الرسوم الجمركية بشكل أحادي بما يتجاوز الحدود المتفق عليها.
لقد أوضحت الصين موقفها بشكل لا لبس فيه: “نحن لا نثير المتاعب، ولا نخشاها. وإن الضغوط والتهديدات ليس الطريقة الصحيحة للتعامل مع الصين”.
وتمتلك الصين من الثقة والقدرة والمرونة ما يمكنها تماما من التعامل مع حرب الرسوم الجمركية هذه.
على مدى السنوات الأخيرة، قللت الصين من اعتمادها على الصادرات إلى الولايات المتحدة، ونوعت علاقاتها التجارية مع الاقتصادات الناشئة، وطبقت سياسات أكثر مرونة لتعزيز قدرتها على الصمود أمام الاضطرابات الخارجية.
وتتسم الأسس الاقتصادية الأساسية للصين بأنها قوية. ففي عام 2024، بلغ ناتجها المحلي الإجمالي 134.9 تريليون يوان (18.9 تريليون دولار أمريكي)، بمعدل نمو قدره 5 في المائة — وهو أداء بارز بين الاقتصادات الكبرى في العالم.
وتوفر القدرة الصناعية الشاملة للصين — الفريدة من نوعها كونها تتضمن جميع فئات التصنيع المعترف بها من قبل الأمم المتحدة — دعما حاسما في مواجهة الإكراه التجاري.
كما تقدم السوق المحلية الضخمة في الصين، التي تضم أكثر من 1.4 مليار نسمة، عمقا إستراتيجيا في مواجهة الاضطرابات الخارجية. وفي الوقت نفسه، تلتزم الصين بالانفتاح على أعلى مستوى وتواصل بناء شبكة كثيفة من الشراكات التجارية المتبادلة المنفعة.
وبفضل مزاياها المؤسسية ومرونتها الاقتصادية وحكمتها الإستراتيجية، أظهرت الصين للعالم عزمها على دعم العدالة والتزامها بمقاومة التنمر. إن محاولة الولايات المتحدة لي ذراع الصين أشبه بلكم جدار فولاذي — لن تُحدث أي تأثير.
وإن تحول واشنطن نحو الأحادية الاقتصادية يهدد العلاقات الثنائية والبنية التجارية العالمية التي تم بناؤها بعناية بعد الحرب العالمية الثانية.
يجب على العالم أن يتوحد ضد التنمر الاقتصادي. وهناك مثل صيني قديم يقول “لا تُرضِ نمرا بإطعامه لحمك”.
إن الانفتاح والشمول والمنفعة المتبادلة هي الطرق الوحيدة للمضي قدما. وتظل الصين ثابتة في الدفاع عن هذه المبادئ وضمان أن تساهم تنميتها في الاستقرار والنمو العالميين.