الأستاذة إيناس فؤاد أبو فرحة ، معلمة تُضيء الدروب، وباحثة تُشعل شغف العلم ، بقلم : د. تهاني رفعت بشارات

الأستاذة إيناس فؤاد أبو فرحة ، معلمة تُضيء الدروب، وباحثة تُشعل شغف العلم ، بقلم : د. تهاني رفعت بشارات

في حياة الإنسان تمرّ عليه وجوه كثيرة، ولكن قلّة فقط تترك في القلب أثرًا لا يُنسى، وتغرس في الذاكرة نُبلًا لا يذبل. ومن بين تلك الأرواح النادرة، تلمع الأستاذة إيناس أبو فرحة ككوكبٍ في ليلٍ بهيم، تنثر نورها في سماء التعليم الفلسطيني، وتُضيء بخطواتها المخلصة طريق الأجيال.

ليست فقط معلمةً للرياضيات تتقن شرح الأرقام والمعادلات، بل قلبٌ كبير، وروح تربوية نادرة، وباحثة تحمل شغفًا لا يخبو بالعلم والمعرفة. هي نموذج مشرق للمرأة الفلسطينية التي تمزج بين العطاء التربوي والاهتمام العميق بالبحث العلمي، لترسم بذلك صورةً مبهرة لمعلّمة لا تقف عند حدود المنهاج، بل تنطلق بعقلها وقلبها نحو آفاق الفكر والاكتشاف.

لقائي بها كان صدفة جميلة، كأنها هدية من القدر، حين ذهبت للسؤال عن ابنتي، فاكتشفت أن الأستاذة إيناس هي معلمتها، ويا لها من معلمة! وتفاجأت حين أخبرتني بأنها عرفتني، لأني كنت يومًا ما معلمة لابنها، ذاك الفتى المؤدب الهادئ، الذي لا تزال أخلاقه مطبوعة في الذاكرة. وهكذا هي الحياة، تُعيد إليك جميلك في أبهى صوره، وتكافئك بما غرست من خير، فالقلوب الطيبة لا تضيع، بل تعود إليك محمّلة بالمحبة والاحترام.

ما يُدهشك في الأستاذة إيناس ليس فقط علمها وتمكنها، بل أسلوبها التربوي الذي ينبض بالحياة، وطريقتها الدافئة في احتضان عقول الطلبة، حتى يظنون أن الرياضيات قصة جميلة تُحكى، لا مادة جامدة تُحفظ. تدرّس بمحبة، تُبادر بابتسامة، وتزرع الثقة في قلوب طلابها كما يزرع الفلاح سنابل القمح في تراب الوطن، وهي تؤمن أن كل طالب مشروع أمل، وكل طالبة بذرةُ حلمٍ قيد النمو.

ورغم الهمّ الفلسطيني الثقيل الذي نحمله جميعًا، والألم الذي يحيط بأيامنا، إلا أن إيناس أبو فرحة تنتمي إلى تلك الفئة من المعلمات اللواتي لا يستسلمن، بل يحوّلن التحديات إلى دوافع، ويجعلن من الألم وقودًا للتميز. فهي ترى في كل يوم فرصة جديدة لصنع أثر، وفي كل طالب مشروع بناء لوطنٍ أقوى.

وليس هذا فحسب، فإيناس ليست فقط معلمة صف، بل باحثة متمكنة، تحمل شغفًا حقيقيًا بالبحث العلمي، وتعمل على تطوير ذاتها وفكرها باستمرار. فهي من المؤمنات بأن المعلم الناجح هو من يظل تلميذًا للعلم، باحثًا عن الجديد، متعطشًا للمعرفة. وهذا ما يجعلها نموذجًا راقيًا للمرأة الفلسطينية المعطاءة، التي لا تكتفي بالتعليم التقليدي، بل تمضي بثقة في مسارات التطوير الذاتي والإنتاج العلمي.

إنها تجسيد حيّ لتلك الحقيقة النابضة: أن فلسطين مليئة بالمعلمات المميزات، اللواتي يجمعن بين الإبداع في الصف والشغف بالبحث، بين حنان المعلمة وذكاء الباحثة، بين دفء العطاء ووهج الطموح.

لهذا نقول بكل فخر واعتزاز:
لمثلكِ ترفع القبعات أستاذة إيناس،
أنتِ منارات مضيئة في زمن العتمة،
أثرُكِ خالد في قلوب طلبتكِ،
وصورتكِ محفورة في ذاكرة الوطن.

فخورة أنا بكِ كل الفخر،
وشاكرة لوجودكِ في ساحة التربية والعلم،
فأنتِ من أولئك الذين “إنما هم أثر”…
وأثركِ، باقٍ ما بقي الحرف والنور والعلم.

• – د. تهاني رفعت بشارات – من مدينة جنين في فلسطين .
  – حاصلة على درجة الدكتوراه في اللغة الإنجليزية وأساليب تدريسها من جامعة يوسيم ماليزيا
  – لديها أكثر من 45بحث منشور في عدة مواضيع منها الدراما في التعليم ،وطرائق التدريس المبتكرة والتكنولوجيا في التعليم
  – لديها سنوات عديدة من الخبرة في التدريس وإجراء بحوث حول موضوعات مختلفة
  – كاتبة في عدة صحف ومجلات محلية وعالمية
  – مؤلفة كتاب “لحن الأمل “
  – مؤلفة كتاب “إنما الإنسان أثر 1”
  – مؤلفة كتاب “قبسات هادئة في عتمة الطريق “
  _ مؤلفة كتاب “إنما الإنسان أثر 2”