2:40 صباحًا / 2 أبريل، 2025
آخر الاخبار

الدكتورة آية ، ملاك الرحمة الذي يزرع الأمل ، بقلم : د. تهاني رفعت بشارات

الدكتورة آية ، ملاك الرحمة الذي يزرع الأمل ، بقلم : د. تهاني رفعت بشارات

الدكتورة آية ، ملاك الرحمة الذي يزرع الأمل ، بقلم : د. تهاني رفعت بشارات

هناك أشخاصٌ يدخلون حياتنا كنسمةٍ هادئة، يمرّون بنا دون ضجيج، لكنهم يتركون في أرواحنا بصمةً لا تمحوها الأيام. هم أولئك الذين يحملون بين ضلوعهم قلوبًا مفعمةً بالنقاء، أرواحًا تتدفق منها الطيبة، وكلماتٍ لا تخرج إلا محملةً بالمحبة والرحمة. ومن بين هؤلاء، كانت الدكتورة الصيدلانية آية، ذلك الاسم الذي ارتبط في ذاكرتي بالعطاء واللطف، ذلك الملاك الذي لم يكن مجرد طبيبة تصرف الدواء، بل روحٌ تُطبّب القلوب قبل الأجساد، ويدٌ حانيةٌ تمتد لمن يحتاجها دون أن يُطلب منها ذلك.

رحلة عمر من الأثر الجميل

قبل عشرة أعوام، حين كانت رحلتي مع الأمومة في بداياتها، وحين كانت الأحلام تتأرجح بين الرجاء والخوف، تعرفت على الدكتورة آية، في تلك الأيام التي كنتُ أتنقل فيها بين الأمل والانتظار، كنتُ أتردد على الصيدلية حيث تعمل، أتناول الدواء وأتلقى الإبر والعلاج اللازم، وكانت هي هناك دائمًا، ابتسامتها تسبق حديثها، وطمأنينتها تسبق وصفاتها الطبية، كأنها لم تكن تبيع دواءً فحسب، بل كانت تمنحني مع كل جرعةٍ منه جرعةً من الطمأنينة، وجرعةً أخرى من الأمل.

كبرت الطفلة، وكبر معها الحبّ

مرت الأيام، وكبرت تاليا، وكبر معها ذلك الامتنان الذي غرسته الدكتورة آية في قلبي منذ اللحظة الأولى. لكن الأمر لم يكن مجرد علاقة بين مريضةٍ وصيدلانية، بل أصبح رابطًا إنسانيًا نقيًا، لم يُبنَ على حاجةٍ عابرة، بل على حبٍ صادق وامتنانٍ دائم.

تاليا، تلك الطفلة التي كانت حلمًا مؤجلًا، كبرت وأصبحت تحب الدكتورة آية كما أحببتها أنا، كانت كل زيارةٍ للصيدلية تتحول إلى لحظةٍ من الفرح، لقاءٍ محمّل بالضحكات والمفاجآت، فالدكتورة آية لم تكن مجرد طبيبة، بل كانت صديقةً للأطفال، روحًا تضجّ بالحب، ويدًا تعطي دون حساب.

كل مرةٍ تزور فيها تاليا الصيدلية، كانت تخرج منها تحمل هدية، كأنها تقطف زهرةً من بستان الدكتورة آية، وكأن آية كانت تؤمن أن الأطفال يستحقون أن يُغمروا بالحب، أن يشعروا أن العالم يحتضنهم بابتسامة، أن يدركوا أن هناك من يُحبهم بلا مقابل.

“الوردة والفراشة الجميلة”

لم يكن غريبًا أن تُطلق تاليا على الدكتورة آية لقب “الوردة والفراشة الجميلة”، ففي داخل كل منهما روحٌ لا تعرف إلا النقاء، الأولى كانت طفلةً تحب الحياة، والثانية كانت إنسانةً تمنح الحياة. تلك العلاقة بينهما لم تكن مجرد معرفةٍ عابرة، بل كانت تشابك أرواحٍ تتحدث بلغةٍ لا يفهمها إلا أصحاب القلوب الطاهرة، علاقةٌ لم تُبنَ على الكلمات، بل على العطاء الصامت، على الحب الصادق، على ذلك النوع من الروابط الذي لا يُفهم، لكنه يُشعَر بعمقٍ لا حدود له.

الإنسان الذي يُنسج أثره من الرحمة

ليس كل من يعمل في مهنة الطب والصيدلة يكون طبيبًا حقيقيًا، فالبعض يعالج الجسد فقط، بينما هناك آخرون يعالجون الروح قبل الجسد، يخففون الألم قبل أن يصفوا العلاج، يمنحون الأمل قبل أن يمنحوا الدواء. والدكتورة آية كانت من هؤلاء، كانت ممن يفتحون أبواب الصيدلية كأنهم يفتحون قلوبهم، يستقبلون المرضى كأنهم يستقبلون ضيوفًا في بيوتهم، يمنحون كل مريضٍ جرعةً من الإنسانية قبل أن يمنحوه الوصفة الطبية.

هذا الأثر الذي لا يزول

قد يمرّ بنا الكثير من الأطباء والصيادلة، وقد ننسى أسماءهم بمجرد انتهاء علاجنا، لكن هناك من يظل اسمه محفورًا في ذاكرتنا، ليس لأنه أعطانا دواءً شفى أوجاعنا، بل لأنه منحنا كلمةً طيبةً شفت أرواحنا، لمسةً صادقةً جعلتنا نشعر أننا لسنا مجرد رقمٍ في قائمة المرضى، بل أننا بشرٌ لهم قيمة، وأن هناك من يهتم بهم بصدق.

الدكتورة آية…


شكرًا لأنكِ لم تكوني مجرد صيدلانية، بل كنتِ قلبًا يضيء لمن حوله.


شكرًا لأنكِ لم تكوني مجرد طبيبة، بل كنتِ إنسانةً تعرف كيف تترك أثرًا جميلاً لا يمحوه الزمن.
شكرًا لأنكِ لم تكوني مجرد من يصرف الدواء، بل كنتِ من يمنح الطمأنينة مع كل وصفة، ومن يرسم الأمل مع كل لقاء.

في حياتنا أشخاصٌ لا يُمكن أن نمرّ بهم مرور العابرين، لأنهم تركوا في دروبنا أثرًا يُشبه النور، أثرًا لا يمحوه الزمن، بل يبقى يتوهّج في قلوبنا كلما مررنا بذكراهم.

أيتها الوردة، أيتها الفراشة الجميلة، أيتها الدكتورة آية… ستبقين دائمًا ملاك الرحمة، وأثرًا خالدًا لا يزول.

شاهد أيضاً

أسعار الذهب اليوم

أسعار الذهب اليوم

شفا – جاءت أسعار الذهب اليوم الأربعاء 2 أبريل كالتالي :عيار 22 65.300عيار 21 62.400