8:51 مساءً / 1 أبريل، 2025
آخر الاخبار

الدكتورة لينا شلهوب ، روحٌ نقية وأثرٌ خالد ، بقلم: د. تهاني رفعت بشارات

الدكتورة لينا شلهوب ، روحٌ نقية وأثرٌ خالد ، بقلم: د. تهاني رفعت بشارات

في مسيرة الحياة، نعبر دروبًا كثيرة ونلتقي بأشخاص كُثُر، لكن القليل منهم يتركون بصمةً لا تُمحى، وأثرًا يبقى نابضًا بالحياة مهما مضت السنين. هؤلاء هم أصحاب القلوب النقية، الذين تتجسد فيهم أسمى معاني الإنسانية والطيبة، فلا يمرّون مرور العابرين، بل يبنون جسورًا من المحبة والصداقة الحقيقية.

ومن بين هؤلاء الذين أضاءوا طريقي بنورهم وتركوا أثرًا لا يُنسى، كانت الدكتورة لينا شلهوب، الطبيبة المتميزة، والأم المثالية، والصديقة الحقيقية، التي تعرّفتُ عليها حين كنتُ أُدرّس ابنتها كندا في إحدى المدارس الخاصة.

أمٌ بحنان البحر… تهتم بالتفاصيل وتصنع الفرق

كان أول لقاءٍ لي مع الدكتورة لينا لقاءً مليئًا بالاحترام والدفء، فقد كانت أمًا تُدرك أن التربية ليست مجرد مسؤولية، بل حبٌ واحتواءٌ ودعمٌ لا محدود. كانت تهتم بكل تفاصيل ابنتها، تُتابع دراستها، تسأل عنها، تُشجعها، لكنها في ذات الوقت لم تكن أمًا تبحث عن الكمال المطلق، بل عن التعلم الحقيقي والنمو الذاتي.

وما زلتُ أذكر ذاك الموقف الذي لن أنساه أبدًا، حين حصلت كندا على خطأ في ورقة العمل، فجاءتني الدكتورة لينا بابتسامتها الواثقة قائلة:

“أنا فخورة بابنتي، والمهم أن تتعلم من خطئها.”

كانت تلك الجملة درسًا عظيمًا في الحكمة والتربية الواعية، حيث تعلّمتُ منها أن الخطأ ليس نهاية الطريق، بل هو جزء من رحلة التعلم. كانت تُدرك أن الأهم من الدرجات هو بناء شخصية قوية، قادرة على مواجهة الحياة بثقة وإصرار.

روحٌ مُفعمة بالطاقة الإيجابية… وكرمٌ لا حدود له

ما يميز الدكتورة لينا شلهوب ليس فقط كونها طبيبة أسنان ناجحة، بل روحها المُفعمة بالطاقة الإيجابية التي تُشعّ كالشمس أينما حلّت.

على الرغم من مسؤولياتها الكثيرة، وانشغالاتها المهنية، لم تكن تغفل عن دورها كأم، بل كانت تأتي بنفسها لاصطحاب كندا من المدرسة، تُتابع دراستها بكل حب، لم تُفوّض مسؤوليتها لأحد، بل كانت أماً حاضرة، بكل جوارحها وقلبها وعقلها.

ولم تكن الأمومة عندها مجرد علاقة بين أم وابنتها، بل امتدت إلى كل الأطفال، فكانت كريمة معهم كرم السحاب، تحمل معها الشوكولاتة، تُهديها لوجوهٍ صغيرة تضيء فرحًا، تُعامل الجميع بأسلوبها الراقي، وابتسامتها التي تنشر السعادة حيثما ذهبت.

الصداقة الحقيقية… ليست بالمدة بل بالمواقف

مرت الأيام، ومع كل موقف، كانت الدكتورة لينا تُثبت لي أن الصداقة ليست بعدد السنوات، بل بالمواقف التي تُظهر من يكون بجانبك في لحظات الشدة.

كانت دائمًا داعمة، مُشجعة، تُفرحها إنجازاتي وكأنها نجاحٌ لها، تُشارك أفراحي بصدق، وتقف إلى جانبي في أوقاتي الصعبة. وفي وقت الحزن، كانت هناك، تُحيطني بدفئها، تُطمئن قلبي بكلماتها، وتمنحني ذلك الشعور الذي لا يُقدّر بثمن: أن هناك من يهتم، ويشعر، ويُشاركك اللحظة بكل تفاصيلها.

شكرًا لينا… لأنكِ أثرٌ لا يزول

لا أجد كلمات تكفي لأعبّر عن امتناني لوجودك في حياتي، فهناك أشخاص يأتون كنسمة ربيعٍ تُلطف الأيام، يتركون في القلب طيفًا جميلًا لا يتلاشى.

شكرًا دكتورة لينا، لأنكِ لم تكوني مجرد أمٍ رائعة، بل نموذجًا في الأخلاق، والتربية، والصداقة الحقيقية.
شكرًا لأنكِ علمتِني أن النجاح لا يُقاس بما نصل إليه، بل بالحب الذي نمنحه للآخرين.
شكرًا لأنكِ كنتِ وما زلتِ إنسانةً تترك أثرًا جميلاً في كل قلبٍ تعرفه.

إنما الإنسانُ أثر، وأثركِ سيبقى معي مدى العمر.

شاهد أيضاً

وفاة المؤرخ والروائي العراقي فاضل الربيعي

وفاة المؤرخ والروائي العراقي فاضل الربيعي

شفا – نعى الكثير من الأدباء والمثقفين العراقيين المؤرخ والروائي العراقي فاضل الربيعي، الذي توفي …