
الرئيس محمود عباس رجل السياسة والمقاومة السلمية ، بقلم : محمود جودت محمود قبها
حين تستطع أسماء القادة في سجل التاريخ لا بد أن يكون اسم الرئيس محمود عباس أبو مازن محفورا بحروفٍ من نور فهو القائد الفلسطيني الذي حمل على عاتقه هموم الوطن وآلام القضية ومضى بخطًى واثقة في درب محفوف بالأشواك لا يثنيه عن هدفه العثرات ولا يرهبه بطش الاحتلال بل ظل ثابتًا كالسنديان صامدا كجذور الزيتون الضاربة في عمق الأرض الفلسطينية.
مناضل في ميدان السياسة
وُلد محمود رضا شحادة عباس في الخامس عشر من نوفمبر عام 1935 ليكون شاهدًا على تحولات القضية الفلسطينية ونشأ في كنف النضال الوطني حتى أصبح أحد أعمدته ومنذ أن تولّى رئاسة السلطة الوطنية الفلسطينية في الخامس عشر من يناير عام 2005 وهو يمضي بخطى مدروسة يوازن بين الموقف السياسي الثابت والمناورة الدبلوماسية الحكيمة واضعا نصب عينيه حقوق شعبه المسلوبة ومتمسكًا بالثوابت الوطنية التي لا تقبل المساومة.
لقد كان الرئيس محمود عباس رجل السلام والمقاومة الشعبية فمنذ أن لمع نجمه في اتفاق أوسلو عام 1993 وهو يجتهد في مسار التسوية السياسية ساعيا إلى تحقيق العدالة لشعبه من خلال الدبلوماسية ومتمسكًا بحق الفلسطينيين في تقرير مصيرهم دون المساس بثوابتهم الوطنية.
قاد مفاوضات تاريخية وشارك في صياغة اتفاقيات غزّة-أريحا واتفاقية باريس عام 1994 فكان العقل الذي ينظم المسار والمفاوض الذي لا يلين في وجه الضغوط فكر مستنير وقلم وازن لم يكن محمود عباس قائدا سياسيًا فحسب بل كان أيضا مفكرا وباحثًا سياسيا سخر قلمه لتوثيق التاريخ وسبر أغوار القضية الفلسطينية فكانت له مؤلفات غنيةٌ كشفت عن وعيه العميق بتفاصيل الصراع منها : مباحثات السلام الفلسطينية-الإسرائيلية، إسرائيل وجنوب إفريقيا العنصريين، الصهيونية بداية ونهاية، الاستقطاب الديني والعرقي في إسرائيل، اللاجئون الفلسطينيون اليهود، وغيرها من الكتب التي أسهمت في إثراء المكتبة السياسية الفلسطينية.
المقاومة السلمية نهج واستراتيجية يؤمن عباس بأن السلاح الأقوى في وجه الاحتلال ليس العنف بل الصمود والمقاومة الشعبية السلمية فكان دائم التأكيد على أن الفلسطينيين لهم الحق في أن يرفعوا صوتهم بالرفض ويعلنوا تمسكهم بحقوقهم دون اللجوء إلى العنف الذي لا يولد إلا مزيدًا من المآسي في فلسفته السياسية.
يرى الرئيس محمود عباس أن السلام العادل هو المفتاح الحقيقي للأمن وأن الدولة الفلسطينية المستقلة ذات السيادة هي حق مشروع لا يقبل التفاوض القدس.. قلب القضية وروح الوطن لم تتزحزح رؤية محمود عباس تجاه القدس قيد أنملة فهو يعتبرها جوهر القضية الفلسطينية ويرى أن القدس الشرقية جزء لا يتجزأ من الأراضي المحتلة عام 1967 وأن قرار الاحتلال الإسرائيلي بضمّها ليس إلا خرقًا فاضحًا للقانون الدولي .
الرئيس محمود عباس بالنسبة له القدس ليست مجرد مدينة بل هي الروح النابضة لفلسطين ومفتاح السلام العادل يؤمن بأن المدينة يجب أن تظل مفتوحة لجميع الأديان دون أن تكون رهينةً لطرف بعينه فالمقدسات فيها تشهد على عمق التاريخ وتعدد الحضارات السيادة والأمن معادلة الحرية إنه يرى أن الأمن الفلسطيني لا يُبنى على وجود الاحتلال بل على الحرية والسيادة الكاملة ولهذا يرفض أي وجود عسكري إسرائيلي في أراضي الدولة الفلسطينية وخاصة في غور الأردن تلك المنطقة التي تمثل رئة الاقتصاد الفلسطيني ومستقبل التنمية.
يؤمن بأن الفلسطينيين وحدهم قادرون على ضمان أمنهم بعيدا عن هيمنة الاحتلال وتحكمه بمفاصل حياتهم المستوطنات.. سرطان ينهش الجغرافيا والحقوق لا يمكن أن يكون هناك سلام في ظل الاستيطان هكذا كان موقف محمود عباس دائمًا فهو يعتبر أن بناء المستوطنات في الأراضي الفلسطينية المحتلة بما فيها القدس لا يمثل فقط انتهاكًا للقانون الدولي بل يشكل عقبة كبرى أمام أي حل عادلٍ وشامل.
الاستيطان بالنسبة له ليس مجرد مبانٍ تُشيد على أرضٍ مغتصبة بل هو محاولة لفرض واقعٍ جديد يقوض حلم الدولة الفلسطينية المستقلة ويجعل من الصعب الحديث عن سلامٍ حقيقي حارس الحلم الفلسطيني رغم كل الصعوبات والتحديات يبقى محمود عباس قائدا صامدا يحمل أمانة النضال الفلسطيني بكل ما أوتي من حكمة وصبرٍ وعزيمة تتقاذفه العواصف لكنه كالنخيل لا ينحني يواجه الرياح العاتية وهو متمسك بثوابت شعبه يقف كالجبل الأشم لا ترهبه التحديات ولا تثنيه الانتقادات فهو مؤمنٌ أن فلسطين لا تُباع والحقوق لا تُساوم وأنه مهما طال الزمن فإن الحق لا بد أن يعود لأصحابه حفظ الله هذا القائد الذي يحمل في قلبه همَّ وطنه ويسير في درب شائك لكنه مضيء بأمل الحرية والاستقلال عسى أن تشرق شمس فلسطين الحرة قريبا وتتحقق أحلام الأجيال التي ما زالت تؤمن بأن هذا الوطن يستحق الحياة.
ابن الشبيبة الفتحاوية
ابن العاصفة
د. محمود جودت قبها