1:26 صباحًا / 15 مارس، 2025
آخر الاخبار

الأستاذة لينا الخطيب ، حين يكون القلبُ نبراسًا والعطاءُ بصمةً خالدة ، بقلم : د. تهاني رفعت بشارات

الأستاذة لينا الخطيب ، حين يكون القلبُ نبراسًا والعطاءُ بصمةً خالدة ، بقلم : د. تهاني رفعت بشارات

الأستاذة لينا الخطيب ، حين يكون القلبُ نبراسًا والعطاءُ بصمةً خالدة ، بقلم : د. تهاني رفعت بشارات

هناك أشخاصٌ يدخلون حياتنا بمحض الصدفة، لكنهم يتركون فيها أثرًا أعمق من أن يكون مجرد عابر سبيل. وكأن القدر ينسج خيوطه الذهبية ليمنحنا فرصةً لنتعرف على أرواحٍ تشبه النور، وقلوبٍ تنبض بالحب، وعقولٍ تُلهمنا بالمثابرة والنجاح. هكذا كانت لينا الخطيب، أم خليل، الإنسانة التي عرفتها مصادفةً، لكنها تحوّلت إلى صديقةٍ وأختٍ ومصدر إلهامٍ لا ينضب.

أمٌ بحجم الحب… والتضحية بلا حدود

بدأت معرفتي بلينا حين كانت تبحث عن مركزٍ يُقدّم لابنها خليل دورةً في المحادثة باللغة الإنجليزية. ما أجملها من صدفة! حين تواصلت معي، لم أكن أعلم أنني على موعدٍ مع امرأةٍ فلسطينيةٍ تُجسّد في شخصيتها كل معاني الأمومة الحقيقية، والاهتمام العميق، والحرص الذي لا يعرف الحدود.

درّستُ ابنها خليل، ذلك الفتى المؤدب الخلوق، وكنت محظوظةً بأن أكون جزءًا من رحلته التعليمية. لكن ما أثار إعجابي أكثر من ذكائه وأدبه، هو تلك الأم التي لم تكتفِ بمجرد متابعة دراسته، بل كانت تُحاول أن تتعلم معه، تفهم القواعد، وتعيد شرحها له بكل حبٍ وإصرار. لا زلت أذكر يومًا اتصلت بي لتسأل عن إحدى القواعد النحوية حتى تتأكد من فهمها بشكلٍ دقيق، كي تُعيد شرحها لابنها بأسلوبٍ سلسٍ ومبسط.

عندما علمت أن خليل ابنها الوحيد، لم أستطع إلا أن أتأثر بشدة. رأيت فيها صورة الأم التي تُكرّس حياتها لطفلها، تُحيطه بحنانها، وتبني له جسرًا من العلم والمعرفة ليعبر عليه نحو مستقبلٍ مشرق. كانت أمًا تحمل في قلبها حبًا بحجم الكون، وتضع في خطواتها بصمةً لا تُمحى من العطاء.

لقاءٌ يضيء القلب… وروحٌ تفيض بالجمال

مرّت الأيام، وشاء القدر أن تزورني في المركز. كانت تلك الزيارة من أجمل ما حدث لي، فقد التقيت حينها بسيدةٍ صاحبة ابتسامةٍ تنبض دفئًا، وروحٍ تعكس نقاءً، وأناقةٍ تُجسّد الرقي في أسمى صوره. جلسنا نتحدث، وأخذت تشاركني قصتها، ذلك المشوار الذي بدأ من الصفر، لكنه وصل إلى القمة.

لينا الخطيب، المرأة التي لم تستسلم أبدًا، بل أصرّت على النجاح حتى باتت مصورةً فوتوغرافيةً مشهورة، تحوّل اللحظات العابرة إلى لوحاتٍ ناطقةٍ بالحياة. رغم شهرتها وموهبتها الفريدة، لم تغيّرها الأضواء، بل بقيت كما عرفتها أول مرة: بسيطة، راقية، متواضعة، وصاحبة قلبٍ يشبه نسمات الفجر، لا يوزّع إلا الخير أينما حلّ.

وقفةُ أختٍ… وسندٌ لا يُقدّر بثمن

لم يكن تعرّفي على لينا مجرد لقاءٍ عابر، بل كان نقطة انطلاقٍ لصداقةٍ حقيقيةٍ قائمةٍ على الاحترام والدعم المتبادل. فعندما حان موعد إشهار كتابي، كنت بحاجةٍ إلى لمسةٍ إبداعيةٍ توثّق هذا الحدث، ولم أجد أفضل منها لتكون صاحبة هذه المهمة.

تواصلتُ معها، ورغم جدول أعمالها المزدحم ومسؤولياتها الكثيرة، رحّبت بالفكرة دون تردد، وقفت بجانبي كأختٍ وصديقة، بحبٍ خالصٍ ودون انتظار مقابل. كانت تلك اللحظة تأكيدًا آخر على أن القلوب النقية لا تتغيّر مهما ارتفعت في سماء النجاح، وأن العطاء الحقيقي لا يقاس إلا بمدى الصدق الذي يحمله في طياته.

لينا… الأثرُ الطيبُ الذي لا يزول

يُقال إن الإنسان لا يُعرَف بما يملك، بل بما يتركه خلفه من أثرٍ طيبٍ يشهد له، وذكرى جميلةٍ تبقى عالقةً في القلوب. ولينا كانت ولا تزال من أولئك الذين يتركون في حياة الآخرين بصمةً لا تُمحى، ودفئًا لا يخبو مع مرور الأيام.

شكرًا من القلب، لينا الخطيب، لأنك كنتِ وما زلتِ نموذجًا للمرأة القوية، الأم الحنونة، الصديقة الصادقة، والإنسانة التي تُعطي بلا حدود. شكرًا لأنك جعلتني أؤمن أكثر بأن اللقاءات التي يصنعها القدر، قد تحمل في طياتها أجمل الهدايا.

أثركِ دائمًا طيبٌ وجميلٌ، كجمال روحكِ، وطيبة قلبكِ، ونقاء ابتسامتكِ.

شاهد أيضاً

متحف ينشيوي لحضارة أسرة شانغ بوسط الصين يستقبل 1.8 مليون زائر خلال العام الماضي

متحف ينشيوي لحضارة أسرة شانغ بوسط الصين يستقبل 1.8 مليون زائر خلال العام الماضي

شفا – ذكر متحف ينشيوي في مدينة آنيانغ بمقاطعة خنان في وسط الصين، وهو أول …