11:36 مساءً / 3 مارس، 2025
آخر الاخبار

” دعاء عياد … الباحثة التي نقشَت النجاح بمداد الاجتهاد والتفوق” ، بقلم : د. تهاني رفعت بشارات

دعاء عياد

دعاء عياد … الباحثة التي نقشَت النجاح بمداد الاجتهاد والتفوق” ، بقلم : د. تهاني رفعت بشارات

تمرُّ في حياتنا وجوهٌ تحمل النور، وقلوبٌ تترك أثرًا لا يُمحى، وأرواحٌ تُضيء الطريق للآخرين. ومن بين هؤلاء، كانت دعاء عياد، الباحثة الجميلة والمبدعة، التي لم تكن مجرد طالبة ماجستير تناقش بحثها، بل كانت قصةً مُلهمة تُروى، ونجاحًا يُكتب بحروف من ذهب.

يومٌ تجلّى فيه الفخر

كنتُ الممتحن الخارجي لرسالتها في جامعة النجاح الوطنية، برفقة البروفيسور الفاضل د. خالد دويكات، الذي كان له بصمةٌ جليلة في توجيهها وصقل موهبتها البحثية. ومنذ اللحظة الأولى لدخول القاعة، لم يكن النقاش مجرد جلسةٍ أكاديمية، بل كان مشهدًا يعكس سنواتٍ من الجد والاجتهاد، حلمًا تُوّج بالتعب، ونجاحًا استحق كل التقدير.

ولكن ما جعل هذا اليوم أكثر تميّزًا، هو ذلك القلق الذي ارتسم على ملامح والدها، قلقٌ يحمله الآباء في لحظات مفصلية، حين يكون الفرح أقرب من أي وقت، لكنه ممتزجٌ برهبة الانتظار. أما والدتها، فكانت تجسيدًا للأم الفلسطينية التي تقف خلف أبنائها دعاءً وحبًا ودعمًا. وفي المقاعد الخلفية، جلس زوجها ووالدته، حضورٌ يحمل في طياته السند والتشجيع، ويدلّ على أن دعاء لم تكن وحدها في هذا الطريق، بل كانت محاطةً بمن آمنوا بها ودعموها حتى اللحظة الأخيرة.

حين تلتقي الأرواح في صُدفة المشاعر

دعاء كانت وحيدة والديها، وهنا تذكرتُ ابنتي، تاليا… شعرتُ بتلك المشاعر التي يعرفها كل من يملك في حياته “وحيدًا”، ذلك المزيج من الحب الذي لا يُضاهى، والخوف الذي لا يهدأ، والتمنيات التي لا تنتهي. رأيتُ في والدها صورة كل أبٍ يرى ابنته تكبر أمامه، وفي والدتها انعكاسًا لكل أمٍّ تعيش لحظة حصاد تعبها، وفي زوجها صورة الرجل الذي يُدرك أن نجاح شريكة حياته هو نجاحٌ مشترك، فرحٌ يمتدّ ليشمل الجميع.

إعلان النجاح… حين تلمع العيون فرحًا

بعد أن قدمت دعاء عرضًا متميزًا، ناقشت، شرحت، دافعت عن بحثها، كان التفوق عنوانها، والثقة زادها، والتميز نهجها. وعندما أُعلنت النتيجة، بأن بحثها لم يكن مجرد نجاح، بل كان إبداعًا وتميّزًا بحثيًا، رأيتُ لمعة الفخر في عيون والدها، وفرحةً صامتةً في عيني والدتها، تلك الفرحة التي لا تحتاج إلى كلمات، يكفي أن ترى دموعها المختبئة خلف الابتسامة لتدرك كم كانت تنتظر هذه اللحظة.

أما زوجها، فكان شعاع السعادة في عينيه يُخبرنا أنه كان جزءًا من هذا الإنجاز، شريكًا فيه، داعمًا لمسيرة زوجته. وصديقاتها، كنّ هناك ليشهدن أن دعاء لم تكن فقط باحثة، بل كانت شخصيةً ملهمة، قريبةً إلى القلوب، تستحق كل هذا الحب الذي أحاطها.

إنما الإنسان أثر…

في ذلك اليوم، شعرتُ مجددًا أن العلم ليس مجرد شهادة، بل هو رحلة تصنع من الإنسان أثرًا خالدًا، ومسيرة تترك بصمةً لا تُنسى.

دعاء، كنتِ أكثر من مجرد طالبة ماجستير، كنتِ قصةً جميلة تُروى، ونجاحًا يُشبه الربيع الذي يزهر بعد شتاءٍ طويل. هنيئًا لكِ، وهنيئًا لنا جميعًا أننا شهدنا يومًا من أيام المجد، يومًا تجلت فيه المعاني الحقيقية للعلم، وللحب، وللفخر الذي يملأ القلوب.

شاهد أيضاً

تقرير شفا .. القمة العربية القادمة : فلسطين بين القرارات المنتظرة والتحديات المتصاعدة

تقرير شفا .. القمة العربية القادمة : فلسطين بين القرارات المنتظرة والتحديات المتصاعدة

شفا – تقرير خاص – الصحفي سامح الجدي – مع اقتراب القمة العربية، يترقب الفلسطينيون …