
إيلون ماسك والمسيح الدجال: هل بدأ عصر السيطرة الرقمية على العقول؟ بقلم : م. غسان جابر
في عالم تتحكم به خوارزميات الذكاء الاصطناعي، وأباطرة التكنولوجيا، ورؤساء يعتقدون أنهم آلهة العصر الحديث، ظهر فيديو جديد من إنتاج الذكاء الاصطناعي، نشره الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، ليكشف عن رؤية مروعة:
غزة المستقبل، ولكن بنكهة استعمارية رقمية.
“ريفييرا غزة”:
عندما يصبح التطهير العرقي مشروعًا عقاريًا فاخرًا
في الفيديو الذي نشره ترامب على منصته “تروث سوشيال”، تتحول غزة إلى منتجع فاخر أطلق عليه “ريفييرا الشرق الأوسط”. لا وجود للدمار، لا مكان للفلسطينيين، فقط شواطئ نظيفة، ناطحات سحاب، يخوت فاخرة، وأموال تتساقط من السماء مثل المطر.
لكن أكثر ما يثير الرعب ليس مجرد هذه الرؤية المريضة، بل الدور الذي يلعبه إيلون ماسك في المشهد. يظهر ماسك أكثر من مرة، يرقص وسط الأمطار المالية، يتناول ساندويتشًا، وتتحرك سيارات تسلا الفاخرة في شوارع غزة “الجديدة”، بينما يسطع تمثال ضخم لترامب فوق كل شيء، وكأنه الإمبراطور الجديد للعالم.
المثير للاهتمام أن هذه ليست المرة الأولى التي يُثار فيها الحديث عن ماسك كشخصية تحمل سمات المسيح الدجال. لكنه هنا لا يأتي بقدرات خارقة للطبيعة، بل بتكنولوجيا تتيح له إعادة تشكيل الواقع، والسيطرة على تدفق المعلومات، بل وحتى التلاعب بعقول الناس وصناعتها من جديد.
إيلون ماسك… هل هو المسيح الدجال التكنولوجي؟
إذا نظرنا إلى الروايات الدينية عن المسيح الدجال، سنجد عدة عناصر مخيفة تتطابق بشكل غريب مع الدور الذي يلعبه ماسك اليوم:
- السيطرة على الذكاء الاصطناعي وإعادة تشكيل الحقائق
ماسك هو أحد مؤسسي OpenAI، التي طورت نماذج ذكاء اصطناعي متقدمة.
اليوم، يستطيع الذكاء الاصطناعي توليد شخصيات مزيفة، إعادة كتابة التاريخ، وصنع دعاية سياسية مذهلة تبدو حقيقية تمامًا.
- امتلاك شبكة إنترنت فضائية تمنحه قوة غير مسبوقة
مشروع “ستارلينك” يوفر إنترنت عبر الأقمار الصناعية، مما يعني أنه يستطيع إبقاء دول بأكملها تحت رحمته، يستطيع قطع الإنترنت، أو التحكم في المعلومات التي تصل إلى الناس.
- زرع شرائح إلكترونية في أدمغة البشر!
عبر مشروع “نيورالينك”، يسعى ماسك لدمج العقول البشرية مع الذكاء الاصطناعي، في خطوة تقترب بشكل خطير من السيطرة على العقول وتوجيه الأفكار.
- التحكم في الأسواق والتلاعب بالاقتصاد العالمي
بتغريدة واحدة، يمكنه رفع أو خفض قيمة العملات الرقمية، توجيه الأسواق، والتأثير على رؤوس الأموال بشكل غير مسبوق في التاريخ الحديث.
ترامب وماسك: تحالف السلطة والمال لإعادة هندسة المستقبل؟
عندما ينشر ترامب مثل هذا الفيديو، فهو لا يسعى فقط للاستفزاز، بل يختبر ردة فعل الناس على سيناريو قد يكون قيد التنفيذ بالفعل. غزة بدون سكانها؟ نعم، لماذا لا؟ ما دام الذكاء الاصطناعي قادرًا على تصوير مستقبل “جميل” بلا فلسطينيين، فقد يصبح تسويق التطهير العرقي أسهل من أي وقت مضى.
ماسك، الذي يملك القوة التكنولوجية، وترامب، الذي يملك القوة السياسية، يشكلان تحالفًا قادرًا على إعادة تشكيل العالم وفق مصالحهم، حيث تتحول الدول إلى مشاريع استثمارية، والبشر إلى بيانات قابلة للبرمجة.
هل يمكن إيقاف هذا العبث؟
إذا كنا نعتقد أن ما نشاهده مجرد دعاية أو مزحة، فنحن لم نتعلم شيئًا من التاريخ. في كل مرة يسمح العالم لأباطرة السلطة والمال بإعادة رسم الخرائط، تكون النتيجة كارثية. لكن هذه المرة، الأمر أخطر، لأن الخرائط لم تعد ترسم بالحبر، بل بالبيانات، والخوارزميات، والذكاء الاصطناعي.
يمكن تقديم شكوى رسمية لمجلس الأمن الدولي ضد التحريض الرقمي على التطهير العرقي.
يجب تنظيم قوانين تجرّم استخدام الذكاء الاصطناعي في الدعاية السياسية والاستعمار الرقمي.
علينا توعية الشعوب بمخاطر الدعاية الرقمية، لأن المعركة لم تعد فقط على الأرض، بل على العقول.
نقول عصر المسيح الدجال قد لا يكون خيالًا
هل إيلون ماسك هو المسيح الدجال؟ قد لا يكون هناك إجابة واضحة، لكنه بالتأكيد الأقرب إلى النموذج الحديث لشخصية تمتلك سلطة خارقة على العقول والمعلومات.
أما فيديو “ريفييرا غزة”، فهو تحذير صارخ لما قد يحدث عندما تندمج التكنولوجيا بالسياسة، والذكاء الاصطناعي بالطغيان. لأن أكبر خطر يواجه العالم اليوم ليس فقط الاحتلال العسكري، بل الاحتلال الرقمي للعقول والحقائق.
م. غسان جابر (قيادي في حركة المبادرة الوطنية الفلسطينية)