لكل قصة بداية ونهاية، ولم تبدأ قصة يوماً دون أن تنتهي نهاية سعيدة أو حزينة, إلا تلك القصص التي مازلنا نعيشها إلى الآن والتي لا نعرف متى ستنتهي بالضبط
تبدأ القصص عادة ببدايات سعيدة،هادئة، مرنة، ولكن البحر ليس هادئاً طول الوقت فأحيانا تكون البدايات بزوابع عاتية تقتلع أفكارنا من جذورها وتقلب موازيننا إلا أن مميزاتها أنها تزيدنا صبراً
لو تأمل كل شخص منا حاله، ولو استعرضنا شريط ذكرياتنا فسنجد قصصاً كثيرة، أبطالها أولئك الأشخاص الذين تعاملنا معهم، البعض منهم ترك بصماته الإيجابية في شخصيتنا، وحفر ذكرى جميلة لا يمكن أن تُنسى حتى لو غيبته الظروف عنا، أما بعض الأبطال الأشرار والذين لا تخلو الروايات منهم فسنجدهم في مواقع كثيرة في قصننا الواقعية، وسنكتشف أنهم تركوا أثراً لن يمسحه الزمان ولا الظروف لأنهم كشفوا لنا قدر الشر في هذه الدنيا فكما نتعوذ من الشيطان الذي وسوس لأبينا آدم وأخرجه من الجنة، حيث كانت الواقعة الأولى التي أثبت فيها وجوده، وأنه قادر على إغوائنا، كذلك نتعوذ من بعض البشر الذين لم يغوِهم الشيطان فقط بل إنه تمكن منهم ويعيش في أوردتهم وبذلك فهم يتصرفون تصرفات شيطانية تضر الآخرين
إذا الناس مختلفون جداً مهما انتموا للبشرية، وقصصنا معهم تختلف أيضا، فهناك أصدقاء عرفناهم لسنوات وعشنا معهم ذكريات جميلة وواجهنا محن الحياة معهم وقدمنا لهم الحب والوفاء وتشاركنا الأفراح والأحزان وكانوا وراء نجاحاتنا، وأول من مسحوا دموعنا، ولكن ظروف الدنيا لم تتركنا نكمل مسيرتنا، فأصبحوا في خبر كان ولم تعد حتى وسائل التكنولوجيا الحديثة تسهل عملية تواصلنا!!!
مر علينا أشخاص ربطتنا بهم علاقات رسمية وكنا نكن لهم كل الاحترام والتقدير، وقدموا لنا الكثير..وكانت نصائحهم من ذهب، وكان لوجودهم أهمية..وعندما غابوا تركوا فراغا لم يستطع أن يملؤه غيرهم
بالصدفة نجد أنفسنا عالقين في علاقات مع ناس نتعرف إليهم للمرة الأولى، وتجمعنا نفس الأفكار.. والاتجاهات.. والهموم، فيكونون أقرب لنا من أنفسنا ونتساءل أين هم من زمن!! ولكن حتى هؤلاء يحفرون ذكرياتهم ويرحلون، وإن كانوا موجودين فحتما سيرحلون يوما
نسمع عن سوء أخلاق بعض الأشخاص، وندعو الله ألا يجمعنا مع هؤلاء المرضى يوماً، ولكن لسوء حظنا نجد أنفسنا مضطرين للتعامل معهم، فنتجرع المر.. ونصبر على الظلم.. فالله له حكمة من ذلك قد تكون اختبارا لإيماننا به ومدى صبرنا على الابتلاء في الوقت نفسه لمضاعفة عقاب الظالم، نعلم أنهم سيرحلون يوما وسيكونون مجرد ذكرى بائسة نتحسب إلى الله عليها العمر كله ليزيد الله من حسناتنا
يوما ما في لحظة عناد..ولحظة كبرياء..وإصرار قررنا الرحيل عن أحدهم..كان يسكن حياتنا.. ويعيش ليجمل تفاصيل يومنا ولكن هذه المرة، سبقتنا الأقدار وقررنا أن نغير اتجاهنا لطريق آخر، قد يكون مظلما.. قد يكون حزينا..قد لا نجد من يعوضنا.. وقد لا نتقبل الوجوه الجديدة إلا أنه قرارنا وعلينا تحمله، فتظل ذكرياتهم موجودة كلما قارناهم بمن يأتي بعدهم
القصص لا تنتهي..ولكل منا قصص..وذكريات..قد تستثيرها أغنية، شارع، كلمة، موقف، اسم، حنين، دمعة، لحظة تأمل.. حينها سنميز أنواع الناس ومن ترك أثرا طيبا ومن شكرنا القدر على فراقه وخروجه من حياتنا للأبد
— الذكرى الطيبة تبقى للأبد، وهذا ما نحاول أن نحفره في ذاكرة الآخرين، ولذلك علينا أن نعامل الناس بالطيب، فعندما نترك هذه الدنيا وندفن تحت الثرى لا يبقى منا إلا العمل الطيب والذكرى الحسنة