8:18 مساءً / 23 نوفمبر، 2024
آخر الاخبار

صمت الرجل هل هو جرس انذار في العلاقة الزوجية بقلم : د. غادة عماد الدين

زوجي دائم الصمت يحملق في التليفزيون بانتباه شديد ، وكأنني لست موجودة، يتكلم باقتضاب شديد

تلك حالة من حالات كثيرة ونموذج للعديد من الأسر التي تشتكي صمت الأزواج في البيوت مع

زوجاتهم. وهي ليست حالات فردية، وإنما هي تعبير عن ظاهره تؤثر علي العلاقة بين الزوجين

ويبدو أن هذه الظاهرة أصبحت شبه عالمية ففي تقرير لمجلة “بونته” الألمانية توضح الإحصائيات

أن تسعا من كل عشر سيدات يعانين من صمت الأزواج كما تشير الأرقام أن 79%من حالات

الانفصال مردها إلى معاناة المرأة من انعدام المشاعر وعدم تعبير الزوج عن عواطفه لها وعدم

وجود حوار يربط بينهما

كثير من الزوجات بعد مضي بضع سنين من زواجهم يشتكون من حالة “الخرس” التي تصيب الأزواج، ومن قلة إكثراث شركاء حياتهن بما يعتبرنه من أساسيات التفاهم الزوجي من نقاشات فعالة وحوارات بناءة وتبادل آراء حول بعض الإهتمامات المشتركة، فإن هذا السلوك الذي يجد إنتشارا واسعا في وقتنا الحاضر يعدّه البعض نعمة عظيمة وتصرفا صائبا من طرف الزوجية الآخر، فليس بالضرورة أن يكون الحوار مستمرا بين الزوجين كعلامة فارقة لتفاني كلا منهما لشريك حياته، بل تكون الأفعال مقياسا أدق في التعبير عن مكنون القلب تجاه رفيق الحياة

هل ظاهرة الصمت الزوجي مقصورة على الرجال أم أن بعض النساء يلجأن لخيار الصمت كذلك في الحياة الزوجية؟

إنه سلوك إصطلح المجتمع على أنه طبيعيا من الرجل ومَرَضِيّا من المرأة، فمن المتعارف أنه إذا صمتت حواء يكون وراء صمتها كبتا أو قهرا أو غضبا في انتظار فرصة الإنطلاق، والذي إذا خرج في توقيت خاطئ سيضع إستقرار الزوجية في مهب العاصفة

غالبا أن نسبة قليلة من المتزوجين يتوصلون لإتفاق وئام، ونسبة أقل تعيش في حالة إنسجام، بينما تقع الأغلبية بين ضفتيْ قليل من المر وقليل من العسل، والنسبة الباقية من كل ما سبق وهي الأكثر معاناة تكون في حالة تدافع لقيادة زمام الأسرة، وطبيعي في جو الحياة المشحون بالمسؤوليات المتوالية على الرجل أن يستشعر الملل من زوجة لا تكف عن التعقيب والنقد على كل هفوة في حياتهما، فضلا عن الأمور الكبيرة، كما هو طبيعي لدى المرأة أن تحس بالتهميش مع زوج دكتاتوري القرارات والتصرفات، ومن هنا تبدأ مناورات الصمت ومحاولات التهرب من الحوار المباشر مع شريك الحياة

ولكن يبدو أن قضية الصمت هذه تتجاوز كافة الأسباب السابقة، فربما لا يكترث الزوج لصمت زوجته، بل وقد يعتبره من أهم مميزات حياته أن رفيقة الدرب قليلة الكلام، بينما بالنسبة لحواء فالأمر يختلف حتما، فما معنى أن تظل طيلة يومها بمعزل عن شريك حياتها، وبالطبع تزداد المعاناة إذا تحدثت إليه لتكتشف أنه حاضر أمامها صورة فقط، بينما عقله في أماكن أخرى بعيدة

هل من علاج لظاهرة صمت الأزواج؟

إذا انتشرت هذه الظاهرة في العالم الغربي فظني أن المتضررات سيعملن لتبني حملات ذات شعارات على غرار “أنْطِقِي زوجك” و “لا تتركيه صامتا” و “إدفعيه لأن يقول شيئا”…إلخ، فموضوعية الزواج في العالم الغربي تجعل الطرفين فاعليْن في معادلة الحياة، لذا نرى أن السائد في زيجات الغرب طول أمدها مع وجود الإستثناءات قطعا، فقرار الزواج بُنِيَ بعد تأكد وبحث وتمحيص عميق، وشريك الحياة ليس مجرد شخص آخر في المنزل، إنه “بقية الروح والجسد”

أما في أوطاننا التي تتميز فيها ضغوط الحياة بالتلاحق والثقل، والتي يتحمل فيها الرجل عادة العبء الأكبر، فلاشك أنه في حاجة إلى يد حانية تمسح عنه بعض الجهد بعد يوم مضن، كما أن كل إمرأة كادحة في حاجة إلى بعض الوقت للإلتفات لنفسها لتستعيد قوتها قبل مباشرة شؤون أسرتها، ولكن بطبيعة الحياة مسؤوليات الرجل أكبر وعثرات عمله تنعكس بقوة على جو العائلة وعائدها المادي الأساسي، ويبدو أن قليلا من الزوجات يستطعن إدراك هذه الحقائق، ويعتقدن مع روتين الزواج بأن الزوج إذا وجد إعدادات طعامه وفراشه ولباسه كما يجب فلا يحق له أن يتعلل بالتعب أو بضيق ذات اليد في تلبية طلبات المنزل، وقد يتعمد بعضهن تجاوز الخطوط الحمراء بالإثقال في الطلبات وبالمناقشات المطوّلة للمشاكل البسيطة، أو يحلو لهن أن يبدأن نقاشا ساخنا فور دخول الزوج المنزل بعد يوم عمل مكفهر أخذا بمبدأ “طرق الحديد ساخنا”، لتتحول هذه الحوارات الصاخبة إلى ألغام متحركة يعقبها إنفجارات مدوية، في حين أن الهدوء والتروي كانا أقرب للعقل في هكذا توقيت

أسباب الصمت:

ترى كيف ينظر الرجال ويفسر صمتهم في البيوت، الرجل قليل الكلام بطبيعته وأن

المرأة تميل إلي الكلام في موضوعات متعددة .

هناك عوامل مرتبطة بطبيعة الزوج، فقد يكون بطبيعته قليل الكلام أو واقع بيولوجي يجعل الرجال

كائنات صامته بالفطرة، وتختلف الزوجات عن الأزواج فمن المحتمل ان يكون سبب الصمت

هو أنانيه الزوج فهو لا يلتفت إلا لرغباته أو ربما نجد الصمت من نظرته الدنيوية إلي المرأة

والزوجة

واقع الصمت بين الأزواج إلى عمليه الاختيار منذ البداية لزوجته كانت بلا توافق وترجع

بينهم من الناحية العاطفية أو الثقافية أو بسبب السن واختلافات العادات وأسلوب الحياة. في حين

أن آخرين أجمعوا على أن الصمت بسلوكيات بعض الزوجات تجاه أزواجهن تجعله يصل إلى حد

النفور وعدم الرغبة في النظر إليها أو الإنصات إليها وليس الكلام معها، وعدم ثقة زوجها فيها

بقدرتها على كتم أسراره، وقد يكون مر بتجربة معها سابقة، كما أن خوفه من فتح مواضيع معها

لتجنبها وعدم خلق مشاكل فيكون صمت اضطراري.

وأكد الكثير على أن المشاكل الاقتصادية ودورها في صمت الأزواج، فبعض الأزواج أعمالهم قاسية

ضانية يعودون وهو بحاجه إلى الهدوء والراحة أكثر من حاجتهم إلى الكلام وأيضا الحالة

لاقتصادية التي تجعل الكثيرين يلهثون من أجل تلبية احتياجات الأسرة التي من شأنها أن ترهق

الأعصاب فيترجم هذا في صورة صمت تصل إلى حد الوجوم

الحوار عصب الحياة الزوجية

أن الصمت يدل

على غياب الإدراك بأن الحوار هو عصب الحياة الزوجية وأنه الجسر الذي تنتقل عبره المغازلات

والمعاتبات والاستشارات والملاحظات. أن هناك ظنا من أن الحوار يحمل معنى

الضعف بالافتقار إلى رأي الآخر، أو أن البوح بمكنون النفس لا ينبغي أن يكون للزوجات، وبعض

لأزواج لا يرى في زوجته الكفاءة التي تؤهلها للمشاركة في حوار معه حول شئونهما، وشئون

لبيت، والشئون العامة

د أن أحد الطرفين أو كلاهما يخشى من تكرار محاولة فشلت للحوار من قبل

فتخاف الزوجة أن تطلب من الزوج، أو تتحرج، إذ ربما يصدها أو يهمل طلبها، أو يستخف به كما

فعل في مرة سابقة. وقد ييأس الزوج من زوجة لا تُصغي، ولا تجيد إلا الثرثرة أو لا تفهم وتتفاعل

مع ما يطرحه، أو يحكيه الخوف من رد الفعل، أو اليأس من تغيير طباع الطرف الآخر يجعل إيثار

السلامة بالصمت هو الحل، وهنا يكون عدم الحوار اختيارًا واعيًا لم تدفع إليه ظروف خفية، أو

تمنعه المشاغل، ولم ينتج عن إهمال أو تناسٍ. والمبادرة هنا لابد أن تأتي من الطرف الذي سبق

وأغلق باب الحوار بصدٍ أو إعراضٍ أو عدم تجاوب

.أن التحاور والتشاور يعني طرفين أحدهما يستمع، والآخر يتحدث ثم العكس، ولا يعني

ان أحدهما يرسل طوال الوقت أو يُتوقع منه ذلك، والآخر يستقبل طوال الوقت، أو يُنتظر منه ذلك،

وتكرار المبادرات بفتح الحوار، ومحاولة تغيير المواقف السلبية مسألة صعبة، لكن نتائجها أفضل

من ترك الأمر، والاستسلام للقطيعة والصمت

البحث عن العاطفة

إن صمت الزوج في بيته سلوك طبيعي فهو

يعود للبيت بعد قضاء فتره طويلة في الخارج استهلك خلالها طاقته في حين أن الزوجة تنتظر

عودته لكي تتحدث إليه دون أن تتيح له فرصة للراحة و أن صمت الأزواج نوع من الزهد

فيه فعلي الزوجة ألا تشعر زوجها أنه في حالة استجواب وأن تختار الوقت المناسب.

[تبحث المرأة دائما عن وسيلة لاستجلاب عطف زوجها حتى يستمع إليها بأذن مفتوحة

واهتمام نابع من القلب لكي تفرغ أمامه الشحنة المخزونة‏، وعندما تتزوج المرأة تتصور أن الرجل

يعاملها بنفس المنطلق الذي كان يتعامل معها به في أثناء الخطبة وكثيرا ما تحاول المرأة لفت

انتباه الزوج وتترجم ذلك في عدة صور مختلفة مثل إصابتها بحالة من الإعياء المفاجئ أو إصابتها

بنزلة برد وفي بعض الأحيان تكون استجابة الزوج جافة أو لا مبالية الأمر الذي ينعكس على

الزوجة بالإحباط والكبت وأحيانا يلجأ الزوج لنفس الأسلوب فيدعي أيضا إصابته بأي نوع من

لأمراض لجذب انتباه الزوجة واستدرار عطفهاحيانا

علاج الصمت

أما عن علاج تلك الظاهرة أو محاولة الحد منها فهناك عدة وصايا للزوجية، فمنها: أن يكون الزوج محور حياة الزوجة، وأن تدور حياتها من حوله وهذا يجعل مساحة

الحوار تزداد بينكما. كما أن لغة الحوار هامة جدا، وأن أي حوار داخل نطاق الحب والزواج لابد أن

يكون ودودًا ويعكس روحًا طيبة سمحة سهلة حتى في أشد الأوقات عصبية وثورة وغضبًا، فالزواج مودة ورحمة.

ومن وسائل العلاج إظهار الإعجاب، فقد تحظي بإعجاب كل الناس وقد يُظهر كل إنسان إعجابه ولكن

إذا افتقدت إعجاب رفيق حياتك فإنك ستفقد إعجابك بنفسك، ولابد من ترجمة الإعجاب إلي كلمات

رقيقة. كمان أن المرح والكلمة الطيبة هام جدا بحيث يشملني السرور لأني معك فأشعر بالانشراح

والتفاؤل والحماس والانطلاق, والأهم أن يسعد كلاهما بجانب الآخر.

أما الوصية الخامسة فتختص بالحياة الاقتصادية، أي أنه لابد من فصل الحياة الاقتصادية عن

المشاعر والأحاسيس بين الزوجين, ولا يتخلل معني الصفقة الحياة الزوجية, أو بمعنى آخر ألا

يكون كل شيء في العلاقة الزوجية يصبح مدفوع الثمن والأجر.

وايضا أن من وسائل العلاج أن تكون هناك مسافة بين الزوجين، فالزواج أن

تكونا معًا يدك في يدها ونفساكما ممتزجة طوال الوقت ولكن مع هذا يجب أن تظل هناك مسافة

وفائدة هذه المسافة هي الحنين الجارف المستمر والتوق المتجدد دائمًا

و- الحذر من كلمة الطلاق، فالمرأة بالذات تردد هذه الكلمة

وأخيرا‏..‏ ينبغي علينا أن نعرف أن الزواج ارتباط يدوم مدى الحياة‏ ويزدهر مع الأيام عندما يصبح

الزوجان أفضل شريكين وصديقين‏.‏ ويجب أن نتذكر دائماً أن اللوم عدو السعادة الزوجية إذ يرغم

الطرف الآخر على أخذ موقف الدفاع وعدم الإصغاء‏.‏ وكلنا نسعد إذا ما سمعنا إطراء أو كلمة

تقدير، أو تعبير حبّ، وكلنا يحتاج ذلك

شاهد أيضاً

البنتاغون : قواتنا تعرضت لـ 206 هجمات بالشرق الأوسط خلال عام

شفا – أكدت وزارة الدفاع الأميركية “البنتاغون”، تعرّض القوات الأميركية لـ 206 هجومات في العراق …