12:25 صباحًا / 12 فبراير، 2025
آخر الاخبار

عيد الفوانيس التقليدي الصيني من الماضي إلى الحاضر ، بقلم : تشو شيوان

عيد الفوانيس التقليدي الصيني من الماضي إلى الحاضر

عيد الفوانيس التقليدي الصيني من الماضي إلى الحاضر ، بقلم : تشو شيوان


يُحتفل بعيد الفوانيس في اليوم الخامس عشر من الشهر الأول في التقويم القمري الصيني، وهو من أهم الأعياد التقليدية في الصين، حيث يُمثل نهاية الاحتفالات بالسنة القمرية الجديدة ويعكس قيم الفرح والتآلف العائلي. يعود تاريخ هذا العيد إلى أكثر من ألفي عام، حيث تم تحديده لأول مرة خلال عهد أسرة هان الملكية، ثم توسع نطاق الاحتفال به عبر العصور. ففي عهد أسرة تانغ، كان الاحتفال يستمر من يوم إلى ثلاثة أيام، بينما امتد إلى خمسة أيام في عهد أسرة سونغ، ووصل إلى عشرة أيام خلال عهد أسرة مينغ.


أما بالحديث عن التقاليد والعادات الاحتفالية، فيرتبط عيد الفوانيس بمجموعة من العادات والتقاليد المبهجة التي تعبر عن الأمل والنور. من أبرز هذه التقاليد تعليق الفوانيس حيث تُضاء فوانيس بأشكال وألوان زاهية، تُرمز إلى النور والسعادة والتمنيات بعام مزدهر، وأيضاً حل ألغاز الفوانيس: تُكتب ألغاز على الفوانيس، ويشارك الناس في حلها كجزء من الاحتفال، بالإضافة لتناول كرات التانغ يوان وهي كرات أرز محشوة بحشوات مختلفة، وترمز إلى لمّ شمل العائلة والوفاء، كما تقام المواكب والعروض الفنية لتشمل العروض رقصات الأسد والتنين، بالإضافة إلى عروض الألعاب النارية.


في العصر الحديث، يُحتفل بعيد الفوانيس في الصين وبعض الدول الآسيوية التي تتبع التقاليد الصينية، مثل تايوان، هونغ كونغ، سنغافورة، وماليزيا. كما أصبحت المهرجانات الكبرى جزءًا من المشهد الثقافي العالمي، حيث تقام احتفالات في مدن كبرى مثل نيويورك، لندن، وسيدني، مما يعكس تأثير الثقافة الصينية على العالم، ويبقى عيد الفوانيس مناسبة تجمع الناس تحت ضوء الفوانيس المضيئة، محتفلين بالأمل والسعادة، وناقلين تقاليدهم من جيل إلى آخر.

وبالعودة لتاريخ الاحتفالات فقد ظهرت عادة تعليق الفوانيس خلال عيد الفوانيس في عهد أسرة هان الملكية، حيث دعا الإمبراطور في أسرة هان بقوة إلى البوذية وأمر في الليلة الخامسة عشرة من الشهر القمري الأول “بإشعال المصابيح لعبادة بوذا” في القصر والمعابد. وفي وقت لاحق، انتقلت عادة تعليق الفوانيس في هذا العيد إلى المواطنين من البلاط الامبراطوري. وكلما يحل عيد الفوانيس، تعلق كل أسرة فوانيس ملونة أمام منزلها سواء كانت من طبقة النبلاء أو عامة الناس، وتكون الشوارع والأزقة مضاءة بشكل ساطع.

كما يُطلق على لعبة فوانيس التنين اسم “رقصة التنين”، ولها تاريخ يزيد عن ألفي عام. ونشأت لعبة فوانيس التنين من عبادة الناس للتنين. وفي نظر الصينيين القدماء، يتمتع التنين بقدرة على استدعاء الرياح والمطر، وهو أمر ذو أهمية كبيرة للطقس والإنتاج والحياة. وكلما يحل عيد الفوانيس، يمارس الناس لعبة فوانيس التنين للتضرع من أجل نعمة التنين، وحتى يكون هناك طقس جيد وحصاد وافر في العام المقبل، كما ازدهرت وتطورت ممارسة تقاليد رقصة التنين بين الصينيين المغتربين، وفي كل عيد صيني تقليدي أو احتفال كبير، يؤدون رقصة الأسد ويمارسون لعبة فوانيس التنين، مما يخلق أجواء احتفالية شرقية

تعد رقصة الأسد فنا شعبيا مميزا في الصين. وكلما يحل عيد الفوانيس أو الاحتفالات الأخرى، يؤدي الناس رقصة الأسد للاحتفال بالعيد. ونشأت هذه العادة في فترة الممالك الثلاث واشتهرت في الأسر الجنوبية والشمالية، ولها تاريخ يزيد عن ألف عام.

وبالإضافة إلى ذلك، يتعين على كل أسرة أن تأكل “اليوانشياو” بمناسبة عيد الفوانيس. ونظرا لأن لفظ هذا الاسم يشبه كلمة “لم شمل” في اللغة الصينية، فإنه يعبر عن أمل الناس في لم شمل الأسرة بأكملها، والتناغم والسعادة في عيد الفوانيس.

والجدير بالذكر أن سهرة عيد الفوانيس التي تنتجها مجموعة الصين للإعلام منذ عام 1985، واحدة من أبرز الفعاليات التلفزيونية التي تُعرض خلال الاحتفالات بعيد الفوانيس. تُبث هذه السهرة السنوية مباشرة على القناة المركزية الصينية، وتجذب ملايين المشاهدين من جميع أنحاء الصين والعالم. تتميز السهرة بعرض مجموعة متنوعة من الفقرات الفنية، تشمل الأغاني التقليدية والعصرية، والرقصات الإيقاعية، والعروض المسرحية التي تعكس الثقافة الصينية الغنية وتاريخها العريق.

تُقدّم السهرة بأسلوب احتفالي مبهر، مع إضاءات ملونة وفوانيس ضخمة تزيّن الخلفية، مما يعكس جو العيد الساحر. كما تُشارك فيها نخبة من الفنانين والمشاهير الصينيين، الذين يقدمون فقرات تتراوح بين الأغاني الشعبية والكلاسيكيات الصينية الحديثة، بالإضافة إلى الرقصات الجماعية التي تعبر عن روح الوحدة والفرح. تُعتبر هذه السهرة ليست فقط وسيلة للترفيه، بل أيضًا فرصة للتعريف بالتراث الثقافي الصيني وتعزيز قيم التواصل الأسري والاجتماعي التي يتميز بها عيد الفوانيس.

شاهد أيضاً

وسيلة إعلامية رائدة وتحظى باحترام الكثيرين، د. خالد أبو ظاهر يكتب في الذكرى الـ13 لانطلاق “وكالة شفا “

وسيلة إعلامية رائدة وتحظى باحترام الكثيرين، د. خالد أبو ظاهر يكتب في الذكرى الـ13 لانطلاق “وكالة شفا “

وسيلة إعلامية رائدة وتحظى باحترام الكثيرين، د. خالد أبو ظاهر يكتب في الذكرى الـ13 لانطلاق …