!["حين يُحاصر العلم وتُغلق الأبواب: نداء لإنقاذ مستقبل الطلبة في جنين وطولكرم وطوباس" بقلم : د. تهاني رفعت بشارات](https://www.shfanews.net/wp-content/uploads/2025/02/08.jpg)
“حين يُحاصر العلم وتُغلق الأبواب: نداء لإنقاذ مستقبل الطلبة في جنين وطولكرم وطوباس” بقلم: د. تهاني رفعت بشارات
التعليم في فلسطين لم يكن يومًا طريقًا مفروشًا بالورود، بل كان دومًا معركةً يخوضها الطلبة والمعلمون ضد التحديات التي يفرضها الاحتلال والواقع السياسي والاقتصادي المعقد. واليوم، تقف العملية التعليمية في طولكرم وجنين وطوباس على مفترق طرق، حيث تعذّر التعليم في خمسين مدرسة في طولكرم، وثلاثين في جنين، وسبع عشرة في طوباس، وفق ما صرّح به صادق الخضور. هذه الأرقام ليست مجرد إحصائيات تُضاف إلى سجل الأزمات، بل هي صرخة مدوية تنادي بضرورة التحرك العاجل لإنقاذ جيلٍ كاملٍ من الطلبة الذين يواجهون خطر فقدان عامهم الدراسي، وسط ظروفٍ قاهرة تعجز حتى عن منحهم فرصة الوصول إلى مقاعد الدراسة.
المدرسة… حلمٌ مؤجل في جنين وطولكرم وطوباس
المدرسة ليست مجرد جدرانٍ وصفوف، بل هي حياةٌ تُمنح للأطفال والشباب، وهي السبيل الوحيد للنهوض بالمجتمع نحو مستقبلٍ أفضل. لكن في طولكرم وجنين وطوباس، تحوّلت المدرسة إلى حلمٍ مؤجل، حيث لا يستطيع المعلمون الوصول إلى أماكن عملهم، ولا يجد الطلبة سبيلًا للوصول إلى فصولهم الدراسية. هذه المعاناة اليومية تضع الأجيال القادمة أمام تحدٍ غير مسبوق، خاصة في ظل التفاوت التعليمي الذي تفرضه الظروف بين الطلبة الذين يستطيعون متابعة تعليمهم، وأولئك الذين أُجبروا على الغياب القسري.
التحديات التي يواجهها هؤلاء الطلبة لا تقتصر فقط على غيابهم عن المدارس، بل تمتد إلى التأثير على تحصيلهم الأكاديمي، وإضعاف قدرتهم على المنافسة مستقبلًا، سواءً في امتحانات التوجيهي أو في المراحل الأساسية التي تُشكّل الأساس لمسيرتهم العلمية. وعليه، فإن ترك هؤلاء الطلبة يواجهون مصيرهم دون تدخلٍ واضحٍ يعكس غياب العدالة التعليمية، ويُهدد مستقبل أجيالٍ كان من المفترض أن تُمنح الفرصة الكاملة لتحقيق أحلامها.
التوجيهي والمرحلة الأساسية… الحاجة إلى حلول استثنائية
طلاب التوجيهي هم الأكثر تضررًا من هذه الأزمة، فهم على أعتاب مرحلةٍ حاسمةٍ في حياتهم التعليمية، والتي ستحدد مصيرهم الأكاديمي والمهني. كيف يمكن لهؤلاء الطلبة، الذين لم يتمكنوا من الوصول إلى مدارسهم لفتراتٍ طويلة، أن يُنافسوا أقرانهم في محافظاتٍ أخرى؟ كيف يمكن أن يخضعوا لامتحاناتٍ موحدة دون مراعاة الفجوة التعليمية التي فرضتها الظروف عليهم؟
الحل لا يكون في المطالبة بتجاوز الأزمة فقط، بل في تقديم حلولٍ استثنائيةٍ تضمن تعويض هؤلاء الطلبة عن كل ما فاتهم، سواءً من خلال إعادة جدولة الامتحانات، أو تصميم اختباراتٍ تراعي الفروق التعليمية، أو حتى منحهم فرصة إضافية لاستكمال تحصيلهم الدراسي قبل الخضوع لأي تقييم. أما طلبة المرحلة الأساسية، فهم بحاجةٍ ماسة إلى برامج تعويضية مكثفة تُمكّنهم من استدراك ما فاتهم من دروس، حتى لا تؤثر هذه الثغرة في تحصيلهم المستقبلي.
التعليم في فلسطين… حقٌ مقدس لا يجب المساس به
التعليم في فلسطين ليس رفاهية، بل هو سلاحُ البقاء الوحيد في وجه الاحتلال والمعاناة. فحين تُغلق المدارس، لا يُغلق باب التعلم فقط، بل يُغلق باب الأمل والمستقبل. لذا، فإن السكوت عن هذه الأزمة، والتعامل معها كحادثةٍ عابرة، هو خذلانٌ لحقٍ أساسيٍ لا يمكن التنازل عنه.
على الجهات الرسمية والمؤسسات التعليمية والحقوقية أن تتحرك بشكلٍ عاجل لإيجاد حلولٍ جذرية لهذه الأزمة، والتأكد من أن أي طالبٍ لم يُحرم من حقه في التعلم بسبب الظروف القاهرة. كما أن المجتمع بأسره، من معلمين وأهالٍ، يقع على عاتقه دورٌ كبيرٌ في دعم هؤلاء الطلبة، سواءً عبر الدروس التعويضية، أو عبر الضغط من أجل إقرار سياساتٍ تُراعي أوضاعهم الخاصة.
هل من مُجيبٍ لهذا النداء؟
الطالب الذي يحمل قلمه وكتابه ليواجه أعتى التحديات لا يجب أن يُترك وحده في ساحة المعركة. أبناء جنين وطولكرم وطوباس اليوم يحتاجون إلى أكثر من مجرد التعاطف، إنهم بحاجةٍ إلى إجراءاتٍ ملموسةٍ تحفظ لهم حقهم في التعليم، وتمنحهم الفرصة التي يستحقونها لمواصلة مسيرتهم العلمية. فهل يكون هناك استجابةٌ سريعةٌ لهذه الصرخة؟ أم أننا سنظل نحصي المدارس المغلقة والأحلام المؤجلة عامًا بعد عام؟