![التربية الانفعالية ، بقلم : د. فواز عقل](https://www.shfanews.net/wp-content/uploads/2025/02/814.jpg)
التربية الانفعالية ، بقلم : د. فواز عقل
يتفق جميع التربويين و المهتمين أن أسوأ أنواع التربية هي التربية الانفعالية التي تقوم على التاءات السامة (التخويف،التجريح،التعنيف،التوبيخ،الترهيب،التهميش،التهويل،التلوين،التأنيب).
هل فكرت الأسرة و المدرسة في تأثير الكلمات التي تستخدم على الطفل أولا و الطالب ثانيا؟ لأن الكلمات تمتلك قوة كبيرة على تغيير حياة المجتمع و هي ليست أصوات فقط بل هي إشارات ترسل إلى العقل، فعند استخدام كلمات إيجابية يتم تحفيز مناطق في عقل المستمع مما يشعره بالسعادة و عند استخدام كلمات سلبية التي تعمل على تفعيل آلية التهديد في العقل، فالكلمات السلبية تؤدي إلى تقويض الثقة وبناء حواجز بين المتكلم و المستمع، لأن التحدث بطريقة سلبية أو متهكمة يتفاعل معها العقل، فإذا بدأ الطالب يومه بعبارات (سأنجح في الامتحان، أنا قادر على النجاح) وهذا يخلق شعور إيجابي و يزيد فرص النجاح، أما إذا بدأ يومه (هذا صعب، لا أستطيع، فلان حاول ولم ينجح، هذا مستحيل) فإن العقل يبدأ بالدفاع و يقلل من الفرصة على التصرف بثقة لأن كلام الطالب مع نفسه يؤثر على طريقة تفكيره و سلوكه، فإما أن يكون محفزا ومشجعا أو مثبطا، و تقول الآية الكريمة: “ولو كنت فظا غليظ القلب لانفضوا من حولك”.
التربية الانفعالية هي نمط تربوي سلبي تسيطر فيه الكلمة على الانفعالات و العواطف عند المتكلم سواء الأسرة أو المعلم و تمنعه من القدرة على التحكم بالنفس و ضبط ردود الفعل العاطفية كالغضب و الحماية و الاهتمام الزائد، و هذا النمط يكثر في كثير من دول العالم الثالث.
إن فقدان السيطرة العاطفية من قبل الأسرة و المعلم في التعامل مع الأطفال قد ينتج عنه بيئة تربوية قهرية مقلقة عنيفة تنتقل من جيل إلى جيل.
مؤشرات التربية الانفعالية:
1-فقدان السيطرة، حيث يشعر المعلم أنه غير قادر على تعديل سلوكه.
2-المبالغة و السرعة في رد الفعل السريع على أخطاء صحيحة.
3-سرعة الغضب من قبل المعلم في التعامل مع الطالب.
4-استخدام عبارات الشتم والتوبيخ والتعنيف اللفظي و الجسدي.
5-عدم الثبات في التعامل مع نفس الموقف.
نتائج التربية الانفعالية:
1-تؤدي إلى تأثيرات نفسية طويلة الأمد كالقلق و فقدان الثقة.
2-تؤدي إلى فقدان الطالب الثقة بنفسه.
3-تؤدي إلى علاقة سلبية مع الطالب.
4-تؤدي إلى اضطرابات عاطفية عند الطالب.
5-تؤدي إلى إيذاء الطالب جسديا و نفسيا.
6-تؤدي إلى عدم تحقيق الهدف التربوي.
لذلك لا بد من التحول من التربية الانفعالية إلى التربية الايجابية من خلال:
1-تفعيل الاستشارات النفسية.
2-تحسين العلاقات الاجتماعية.
3-التركيز على الحوار الإيجابي.
4-قراءة مقالات والمشاركة في ندوات.
5-تنمية قدرة الطالب على فهم مشاعر الآخرين.
6-تعليم الطالب كيفية التحكم مع مشاعره السلبية.
7-إعداد برنامج تربوي توعوي.
8-توفير بيئة تربوية جاذبة شيقة آمنة.
أخطاء تربوية:
1-كثرة الصراخ و العصبية التي تترك آثار نفسية طويلة الأمد.
2-التعامل مع سلوك طبيعي كأنه خطأ مثل حب الاستطلاع.
3-الضرب المتكرر يؤدي إلى العدوانية و الانعزال.
4-التوجيه الخاطئ
5-الإكثار من الانتقاد و المقارنة بالآخر.
إن هدف التربية ليست الطاعة العمياء بل التوجيه بأسلوب يعزز الثقة و يبني الشخصية.
أقوال حول التربية الانفعالية:
-على المعلم أن يختار كلماته كما يختار ملابسه و كتبه و أصدقاؤه و مسكنه
-يرى سارتر أن الانفعال هو فعل سلوكي هادف يستخدمه الإنسان للتعامل مع المواقف الصعبة و هو يمثل طريق للهروب من المواقف وعدم الرغبة في التكيف.
-كل طفل هو فنان و المشكلة كيف يظل فنانا عندما يكبر.
-متى يدرك الأهل والمعلمون مخاطر الكلمات و الانفعال.
-أفلاطون يقول : لا يتعلم الناس بالقوة و الاكراه، بل بالحب والحماس.
-الكلمات كالبذور و لكنها تغرس في القلوب وليس في الأرض.
-لا تكن كالمجهر يضخم التفاصيل الصغيرة و يكشف مواطن القبح، كن كمرآة تعكس ما أمامها بحيادية.
-ابن خلدون يقول: إن فهر المعلم للطالب لفظيا أو سلوكيا يفسد معاني الانسانية.
-حكمة صينية : الطريق إلى القلب يبدأ من الأذن و المجتمعات الناهضة هي التي تمد يدها للفرد و ليس لسانها.
-جبران خليل حبران يقول : هنيئا لمن يحمل اللطف في قلبه و الجمال في أخلاقه و اللين في روحه.
توصيات:
-على المعلم أن يكون قدوة في تصرفاته.
-مكافأة السلوك الجيد بالمدح و الثناء.
-وضع قواعد سلوكية واضحة.
-الإكثار من التواصل الايجابي.
-تجنب الانفعال أما الطلاب.
-كلمات ممنوع أن تقال للطالب: أنت فاشل/أنت كسلان/أنت كذاب/أنت غشاش/انت لا تفهم/أنت حيوان/أنت ثرثار،و لا بد من الإكثار من الحوار الإيجابي و التوجيه و التعاطف
-مصطفى محمود يقول:إن الأطفال هم بذور المستقبل، ازرعهم في تربة من الحب و الرعاية، و اسقيهم بالتشجيع و التقدير و سيزدهرون ليصبحوا أشجار قوية تظلل العالم بالخير.
-أنا أؤمن بقوة الكلمات و تأثيرها و لكن البعض يتكلم قبل أن يفكر في أثر الكلمة على الآخر، فالكلمة تكسر الطالب و تغير حياته للأبد.
و أقول: كلمة بتجنن و كلمة بتحنن.
و أخيرا أقول: نحن التربويون، المحاورن، أصحاب اليقظة أصحاب البوصلة ، نصنع البوصلة لليوم التالي ولا ننتظرها.
- – د.فواز عقل – باحث في شؤون التعليم و التعلم .