شفا – في إطار سعيها الدائم لتعزيز جودة التعليم العالي وربطه بمتطلبات سوق العمل، نظّمت جامعة بوليتكنك فلسطين مؤتمراً أكاديمياً بعنوان “واقع وتحديات وآفاق الدراسات الثنائية”، بحضور وزراء ونخبة من الأكاديميين والخبراء، وممثلي القطاع الخاص، وممثلي المؤسسات الداعمة والممولة، إضافةً إلى أعضاء الهيئة التدريسية والطلبة.
استُهل المؤتمر بكلمة رئيس مجلس أمناء جامعة بوليتكنك فلسطين معالي الأستاذ أحمد سعيد التميمي الذي رحّب بالحضور وأثنى على جهود الجامعة في تطوير التعليم الثنائي، مشيرًا إلى أهمية هذا النموذج في تعزيز جودة التعليم العالي وتمكين الطلبة من اكتساب المهارات العملية المطلوبة في سوق العمل.
وفي كلمة وزير التربية والتعليم العالي الأستاذ الدكتور أمجد برهم، أكد أهمية التعليم الثنائي كأحد الحلول الفعّالة لتطوير التعليم العالي في فلسطين، مشيرًا إلى أنَّ الوزارة تعمل بالشراكة مع الجامعات الفلسطينية لتوسيع نطاق هذا الأنموذج التعليمي، بما يضمن ربط البرامج الأكاديمية بمتطلبات سوق العمل، وتعزيز المهارات التطبيقية لدى الطلبة.
وشدد برهم على أنَّ الوزارة تتبنى استراتيجيات لدعم وتطوير نظام التعليم الثنائي في الجامعات الفلسطينية، من خلال تعزيز الشراكات مع القطاع الخاص، وتطوير المناهج بما يتلاءم واحتياجات الاقتصاد الوطني، ورفع مستوى جودة التدريب العملي في مختلف التخصصات.
وأشار الوزير إلى أنَّ التعليم العالي في فلسطين يُواجه تحدّيات كبيرة، خاصةً في ظلِّ التطورات التكنولوجية السريعة والاحتياجات المُتغيّرة لسوق العمل، مما يستدعي ضرورة تطوير سياسات تعليمية أكثر تكاملًا مع الواقع الاقتصادي والاجتماعي، ودعم برامج الابتكار وريادة الأعمال في الجامعات.
من جانبه، أشار وزير الصناعة الأستاذ عرفات عصفور إلى أهمية الشراكة بين الجامعات وقطاع الصناعة، مؤكدًا أن التعليم الثنائي هو إحدى الأدوات الفعالة في ربط التعليم العالي بمتطلبات الاقتصاد الوطني.
كما شدد على ضرورة تعزيز التعاون بين الجامعات الفلسطينية والمؤسسات الصناعية لتطوير برامج تعليمية تلبي الاحتياجات المتغيرة للسوق.
وفي كلمته، عبّر ممثل القطاع الخاص رئيس اتحاد الغرف التجارية الأستاذ عبد ادريس عن تقدير الشركات والمصانع لجهود جامعة بوليتكنك فلسطين في تبني هذا النموذج التعليمي، مؤكدًا أن التعليم الثنائي يساهم بشكل كبير في تأهيل الطلبة لسوق العمل من خلال تدريبهم العملي داخل الشركات، مما يجعلهم أكثر كفاءة وجاهزية للاندماج في بيئة العمل بعد التخرج.
كما أكد رئيس الجامعة الدكتور مصطفى أبو الصفا في كلمته على أن الجامعة تواصل تطوير برامجها الأكاديمية لتواكب متطلبات سوق العمل المحلي والدولي، مشيراً إلى أن نظام التعليم الثنائي يمثل أحد أهم الركائز التي تعتمدها الجامعة لتعزيز جودة التعليم وربط الطلبة بسوق العمل أثناء دراستهم حيث أصبح ضرورة ملحّة لمواءمة مخرجات التعليم مع احتياجات القطاعات الإنتاجية والخدمية، مما يساهم في تحسين فرص توظيف الخريجين.
كما أعرب عن شكره للجان التنظيمية ولجميع المشاركين في المؤتمر، مثمنًا جهودهم الكبيرة في إنجاح هذا الحدث الأكاديمي الهام، ومؤكدًا أن هذا المؤتمر يمثل محطة مهمة لمواصلة تطوير التعليم الثنائي وتعزيز الشراكة مع القطاع الخاص.
وتناول المؤتمر ثلاث جلسات حوارية، حيث ناقشت الجلسة الأولى، التي جاءت بعنوان “تحديات الدراسات الثنائية والتعليم العالي في ظل الأزمات”، التحديات التي يواجهها التعليم العالي بشكل عام، والتعليم الثنائي بشكل خاص، في ظل الظروف الاقتصادية والتغيرات السريعة في سوق العمل.
كما تم استعراض آليات تطوير هذا النظام لضمان استمرارية العملية التعليمية وتعزيز كفاءتها.
وفي إطار إبراز أثر التعليم الثنائي على الطلبة، استمع الحضور إلى قصة نجاح الطالبة رؤى شاهين من تخصص التكنولوجيا المالية في الدراسات الثنائية، حيث استعرضت الطالبة تجربتها في الدمج بين الدراسة الأكاديمية والتدريب العملي في إحدى الشركات الرائدة، وكيف ساعده ذلك في تطوير مهاراته وزيادة فرصه في سوق العمل قبل التخرج.
بينما تناولت الجلسة الثانية موضوع “ضمان الجودة والاستدامة” في نظام التعليم الثنائي، حيث ركزت على المعايير التي تضمن استدامة هذا النظام التعليمي، والتحديات التي تواجه تحقيق جودة عالية في البرامج الأكاديمية والتدريبية. كما تمت مناقشة دور المؤسسات الأكاديمية في تطوير استراتيجيات لضمان استمرارية التعليم الثنائي وفق أعلى المعايير الدولية.
وناقشت الجلسة الثالثة، التي حملت عنوان “الدراسات الثنائية: جسر نحو احتياجات القطاع الخاص”، العلاقة الوثيقة بين التعليم وسوق العمل، وكيف يمكن لمؤسسات التعليم العالي تطوير خططها الأكاديمية لتلبية المتطلبات المتجددة للقطاع الخاص. كما تم استعراض تجارب ناجحة لمؤسسات تبنّت هذا النموذج، وحققت من خلاله نجاحات واضحة في توظيف الخريجين.
في ختام المؤتمر، كرّمت جامعة بوليتكنك فلسطين الجهات الراعية والداعمة تقديرًا لدورها الفاعل في دعم التعليم الثنائي والمساهمة في إنجاحه، مؤكدةً أهمية تعزيز الشراكات المستقبلية بين المؤسسات الأكاديمية والقطاع الخاص لضمان توفير فرص تدريب وتوظيف مستدامة للطلبة.
وعلى هامش المؤتمر، نُظّم معرض خاص للشركاء والممولين، حيث تم تخصيص أجنحة لكل جهة مشاركة، قدّم خلالها الطلبة نماذج من أعمالهم ومشاريعهم العملية التي تم تنفيذها بالتعاون مع الشركات والمؤسسات المختلفة.
ويهدف هذا المعرض إلى إبراز أثر الشراكة بين الجامعة والقطاع الخاص، وتعزيز دور التدريب العملي في صقل مهارات الطلبة وإعدادهم لسوق العمل.
يُذكر أن جامعة بوليتكنك فلسطين تُعد من المؤسسات الرائدة في تبنّي نظام التعليم الثنائي، حيث تسعى إلى تعزيز جودته من خلال تطوير برامج أكاديمية متخصصة، وعقد شراكات استراتيجية مع مؤسسات القطاع الخاص، بما يسهم في تمكين الطلبة من اكتساب مهارات عملية أثناء دراستهم الأكاديمية، ورفع مستوى جاهزيتهم لدخول سوق العمل مباشرة بعد التخرج.
في ختام مؤتمر “واقع وتحديات وآفاق الدراسات الثنائية”، تم التأكيد على أهمية تعزيز التعاون بين الجامعات وقطاع الصناعة لتطوير التعليم العالي في فلسطين.
وقد أُبرزت التوصيات التي من شأنها تحسين جودة البرامج الأكاديمية واستدامتها، مثل تعزيز الشراكات الاستراتيجية وتطوير المناهج لتلبية احتياجات سوق العمل المتغيرة.
كما تم التأكيد على ضرورة توفير برامج تدريب عملي مكثفة للطلبة، مما يسهم في تجهيزهم بالمهارات المطلوبة قبل دخولهم سوق العمل.
وقد أبدى المشاركون في المؤتمر التزامهم بالعمل المشترك لتطوير سياسات تعليمية تدعم الابتكار وتعزز من كفاءة التعليم الثنائي، مما يساهم في تحقيق التنمية المستدامة وتعزيز فرص التوظيف للخريجين.