قلَّما أجد السعادة زائرةً، أَحلُمُ بها كلما طلَّ طيف الشتاء، أحنُّ إليها لعلَّها تَطرق الأبواب؛ لتُزيِّن الربيع الآتي، الذي يَنتابه خوفٌ بألاَّ يَجد قلبي المعهود، يخافُ أن يكون حبر القلم قد ذهَب مع النسمات الحزينة؛ ليَرسم لوحات معاناتي على سفوح الجبال، في قلب أوراق الأشجار، يَرسم دموعي على جدران الزمان المُتألِّمة من أنين الطيور الراقدة عليها، تشكو لها حزني وشجوني.
حبات بحر الرمال تموج حزنًا، تبتغي ملاذًا، وعيوني تُناظر شوقها لمجرى دموعي؛ لعلَّه يَنطفئ لَهيبها المُشتعل من تلك الشمس الثائرة، من حرِّ الآه، مِن صدى أنين الجراح!
همَّت هامَتي، انتفضَت أركاني، أخذَت أصابعي تَمحو آثار وجودي من ذاك المكان، الذي تَلوح في أركانه قصةٌ أبكَت أطياف المساء في قلب غروب البحر.
العيون تُناظر السراب من أمامي، وببابها الدموع، من خلف الخُطى كأني أنزعُ جذور وجودي من هناك؛ حتى لا أبقى في أسْر الأحزان، من الغرب موج البحر يَضِجُّ عالَمي بضَرباته المُتلاطمة، كأنه سدٌّ منيع يُحاصرني، من الشرق الطَّير والفراش الغدير، والنسمات هاربة، تمتدُّ خلفها صحراء من بحور الرمال.
وَيْلي، وقَفَت الخُطى، ما عاد الحَراك لي، وكلُّ ما في الوجود ثائرٌ، ماذا أنا فاعل؟
إذ بنَبْع الماء يتدفَّق من تحت الأقدام؛ لتتطهَّر الأركان؛ لتقفَ بين يد الملك الجبَّار في مناجاةٍ.
يا ألله، يا رحمن، يا بصير، وحْدك تَعلم الحال، وبيدك الخلاص، أذْهِب الأحزان، أوْقِف شلاَّل الدموع، اجعَل لنا نورًا نَهتدي به في ظلمات الحياة، يا حنَّان يا منَّان.
إلهنا، ارحَمنا واغْفِر لنا، واسْتُرنا، ولا تُعذِّبنا، حبُّك في القلب، وحبُّ المصطفى لا يُفارقنا، والصلاة والسلام على نبي الهدى محمدٍ – صلى الله عليه وسلم.