10:30 مساءً / 23 يناير، 2025
آخر الاخبار

هل انتهت الحرب حقاً…. أم أنها استراحة في جبهة وانتقال إلى جبهة أخرى؟ بقلم : سالي أبو عياش

هل انتهت الحرب حقاً…. أم أنها استراحة في جبهة وانتقال إلى جبهة أخرى؟ بقلم : سالي أبو عياش

هل انتهت الحرب حقاً…. أم أنها استراحة في جبهة وانتقال إلى جبهة أخرى؟ بقلم : سالي أبو عياش

في مطلع هذا الأسبوع، تم التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار بين حركات المقاومة والكيان الإسرائيلي، بعد حوالي (15) شهرا من الصراع، وتزامن هذا الاتفاق مع صفقة “وفاء الأحرار” التي تضمنت تبادل الرهائن الإسرائيليين بالأسرى الفلسطينيين، وبدأ تنفيذ هذا القرار في 19 يناير 2025، قبيل تولي الرئيس الأمريكي دونالد ترامب ولايته الثانية. في رئاسته للولايات المتحدة الامريكية.

على الرغم من ذلك؛ سرعان ما تصاعدت وتدحرجت الأوضاع داخل إسرائيل حيث شهدت المؤسسة العسكرية سلسلة من الاستقالات الكبرى، كان من أبرزها استقالة رئيس أركان الجيش الإسرائيلي هيرتسي هليفي وقائد المنطقة الجنوبية يارون فنيكل مان، وألقى الأخير باللوم على نفسه في فشل عملية السابع من أكتوبر، مؤكدا أن آثار الفشل ستلازمه طوال حياته هذا من جهة، ومن الجهة الثانية شهدت الأوضاع في الضفة الغربية تصعيداً عسكرياً غير مسبوق حيث بدأت إسرائيل حملة واسعة النطاق على جنين ومخيمها، وصعدت من الإجراءات الأمنية من خلال زيادة الحواجز العسكرية إلى (898) حاجزا وبوابة مغلقة عملت على تقطيع أوصال الضفة الغربية وتحويلها إلى كانتونات معزولة عن بعضها ومن ثم إحكام السيطرة عليها.

جاءت هذه العمليات كتعويض عن الفشل الإسرائيلي في تحقيق أهداف الحرب في قطاع غزة ولبنان، وسعيا لتحويل أنظار الداخل الإسرائيلي عن إخفاقات الجيش هناك، ورفع الروح المعنوية للمستوطنين، وفي هذا السياق يأتي هذا التصعيد العسكري على الضفة الغربية، للحد من مظاهر احتفال الفلسطينيين بإطلاق سراح بعض أسراهم، التضييق على الفلسطينيين في الحركة والتنقل خوفاً من العمليات الفدائية، وربما قد يكون الهدف خفي وغير ظاهر يتمثل في العودة للحرب مجددا وهذه الصفقة والاتفاق ليسا إلا هدنة من أجل استعادة الرهائن الإسرائيليين ومن ثم العودة لاستكمال اهداف الحرب خاصة بعد تصريحات دونالد ترامب عن شكوكه في صمود اتفاق غزة حيث قال أنه:” ليس واثقاً” وأضاف أيضاً “هذه الحرب حربهم وليست حربنا”…، هكذا تصريح بعد يوم تولي دونالد ترامب لولايته الرئاسية وما تطرق له أثناء حديثه في حفلة تعينه رئيساً وحلفه للقسم الرئاسي يتيح لنا التساؤل عن مدى احتماليه خرق هذا الاتفاق والعودة إلى الحرب مجدداً.

من جهة أخرى؛ أبدى وزير المالية الإسرائيلي بتسلئيل سموتريتش ترحيبه باستقالة هليفي، داعيا إلى تعيين رئيس أركان قوي وهجومي استعدادا لاستئناف الحرب، ويرى مراقبون أن إسرائيل قد تفضل العودة إلى الحرب إذا تأكدت من عدم تحقيق أهدافها الاستراتيجية في الجبهتين الشمالية والجنوبية، تُظهر التطورات الأخيرة خاصة مع قرار الكابينت الإسرائيلي إضافة الضفة الغربية كهدف رئيسي للعمليات العسكرية، أن التصعيد الحالي قد يمتد إلى كافة أنحاء الضفة الغربية، خاصة بعد العملية المعروفة باسم “السور أو الجدار الحديدي”، والتي تستهدف جنين ومخيمها، تعتبر الأضخم من نوعها، ومن المحتمل أن تدفع المقاومة في قطاع غزة للرد عليها، وفي ظل هذا المشهد، يبدو أن نتنياهو وترامب يسعيان للتحلل من اتفاق وقف إطلاق النار، خصوصا في ظل انتهاء فترة هدنة الستين يوما، ما قد يدفع حزب الله إلى الرد ايضاً وبذلك قد نشهد عودة إسرائيل إلى التصعيد العسكري على أكثر من جبهة.


بالنظر إلى الصراع الفلسطيني-الإسرائيلي؛ يجب الإشارة إلى أن حالة الحرب لم تهدأ يوما، وما نعنيه بعودة الحرب هو عودتها إلى مستويات تصعيد مشابهة لما كانت عليه قبل قرار وقف إطلاق النار، فالاحتلال الإسرائيلي لا يزال يمارس سياسات ممنهجة تستهدف الفلسطينيين وأراضيهم، لا سيما في الضفة الغربية التي تعاني من توسع المستوطنات واعتداءات المستوطنين المتزايدة حيث تعتمد إسرائيل على أساليب تهدف إلى ضم الضفة الغربية لها مما يتيح للمستوطنين تحقيق مخططاتهم بإنشاء دولة استيطانية في المنطقة، مستندين إلى ذرائع دينية كقانون التوراة الذي يدعي أن الضفة جزء من دولتهم المزعومة، إن هذه الممارسات تنفذ بشكل يومي منذ أكثر من سبعة عقود إذ يواصل الاحتلال استهداف المقاومة والشعب الفلسطيني، فالرغم من توقيع اتفاقيات تهدف لتحقيق السلام، فإن إسرائيل غالبا ما تتنصل من التزاماتها وتبحث عن حلول تعتمد على العنف لتجنب الاعتراف بالحقوق المشروعة للفلسطينيين.

إن وزراء الحكومة اليمينية المتطرفة في إسرائيل يشكلون جزءا لا يتجزأ من التحالف مع المستوطنين في استهداف الشعب الفلسطيني بشكل منهجي فمثلاً يعمل سموتريتش وحكومته على إعادة تشكيل الضفة الغربية جغرافيا عبر الاستيلاء على أكبر مساحة ممكنة، وديموغرافيا من خلال الطرد والتهجير القسري فقد دعا سموتريتش إلى تحويل مدن مثل قلقيلية ونابلس وجنين كما جباليا، كما طالب سابقا بحرق بلدة حوارة، وهو ما جرى بالفعل. بالإضافة إلى ذلك يواصل احتجاز إيرادات المقاصة الفلسطينية، حيث بلغت نسبة ما استولى عليه في الأشهر الأخيرة حوالي 70% من الإيرادات، كما يكرس جهوده لدعم الاستيطان وتوسيع البؤر الاستيطانية وتشريعها، وفي المقابل عمل إيتمار بن غفير وزير الأمن القومي قبل استقالته على تزويد أكثر من 200 ألف مستوطن بأسلحة متطورة، ومنحهم الحرية لارتكاب أعمال العنف والاستيلاء على ممتلكات الفلسطينيين سعياً للقضاء على الوجود الفلسطيني في الضفة الغربية.

تتجلى السياسات الإسرائيلية في محاولة السيطرة الكاملة على منطقة (ج) كخطوة أولى، ثم تحويل مناطق (ب) إلى منطقة (ج)، ما يعكس خطة إسرائيلية ممنهجة لضم الضفة الغربية، هذا إلى جانب قرارات حكومية تشمل إنشاء الحواجز والبوابات على مداخل المدن والقرى، تنفيذ الاقتحامات، تدمير البنية التحتية، الإعدامات الميدانية، تقييد حركة الفلسطينيين، كما تشمل الانتهاكات استهداف المؤسسات التعليمية والإعلامية، والأماكن الدينية وحرية العبادة، وسوء معاملة الأسرى الفلسطينيين، إضافة إلى مصادرة الأراضي وتوسيع البناء الاستيطاني والهدم الممنهج، الذي طال حتى المناطق المصنفة (أ) مثل الجبل الشمالي ونابلس الجديدة والضاحية، والتي تقع في قلب مدينة نابلس، إن كل هذه الإجراءات تعكس رؤية توراتية متطرفة تسعى إلى ضم الضفة الغربية ضمن ما يسمى “دولة إسرائيل الكبرى”، مما يجعل المعاناة اليومية للفلسطينيين نتيجة مباشرة لسياسات الاحتلال التي تسعى لتفريغ الأرض من سكانها الأصليين.

اليوم، وفي ظل المتغيرات الجيوسياسية والواقع الفلسطيني الداخلي وكذلك المتغيرات الإسرائيلية، يجب على قوى المقاومة في كل مكان أن تظل يقظة وحذرة من مكر نتنياهو وألاعيبه وشركائه أيضاً، مع ضرورة الانتباه للواقع الحالي واستخلاص العبر والدروس، خصوصا فيما يتعلق باتفاقيات وقف إطلاق النار، فلا يمكن الوثوق بالإسرائيليين أو الأمريكيين ومن ورائهم القوى الغربية الاستعمارية، ولا أيضا بالعرب الرسميين، قد يكون نتنياهو قد وافق على هذا الاتفاق تحت الضغوط الداخلية والخارجية، خصوصا من الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، خاصة أنه يتماشى مع مصالحه الشخصية كما سبق له أن نقل جبهة القتال من قطاع غزة إلى لبنان ومن ثم أعادها إلى قطاع غزة ولكن بصورة أشد فتكاً ثم فرض وقف إطلاق النار في لبنان والان وقف اطلاق النار في قطاع غزة وفتح جبهة قتال جديدة في الضفة الغربية خاصة في مدينة جنين ومخيماتها، وهكذا ينفذ نتنياهو المرحلة الأولى من الاتفاق في محاولة لإرضاء ترامب وتهدئة الضغوط الداخلية من أهالي الأسرى والجمهور الإسرائيلي، وكذلك من المؤسستين العسكرية والأمنية، ولكن إذا اقتضت الظروف قد يتراجع عن هذا الاتفاق ويقلب عليه.

شاهد أيضاً

فارسين اغابيكيان شاهين تلتقي عدد من الوزراء والمسؤولين الدوليين على هامش المنتدى الاقتصادي العالمي في دافوس

فارسين اغابيكيان شاهين تلتقي عدد من الوزراء والمسؤولين الدوليين على هامش المنتدى الاقتصادي العالمي في دافوس

شفا – التقت وزيرة الدولة لشؤون وزارة الخارجية والمغتربين د. فارسين اغابيكيان شاهين،على هامش مشاركتها …