هل تسقط الهدن المؤقتة على جبهتي جنوب لبنان وقطاع غزة..؟؟ بقلم : راسم عبيدات
من شبه المؤكد بأن اسرائيل وامريكا لن تنفذا اتفاقيات وقف اطلاق النار على جبهتي لبنان وقطاع غزة..فموعد نهاية ما عرف بهدنة الستين يوماً المخالفة للقرار (1701) ،والتي تنتهي ليلة الأحد صباح الإثنين القادم،والتي فعلت اسرائيل فيها من القتل والتدمير والنسف والتخريب والخروقات التي لم تتوقف يومياً،وحققت فيها ما لم تصتطع تحقيقه لا في الميدان ولا في العمل العسكري،وهي تريد ان تبني وتثبت معادلات ردعية جديدة، بإقامة حزام امني في الجنوب اللبناني،وأن تنقل ما جرى في سوريا،ابان حكم الرئيس السوري السابق بشار الأسد،بأن يقوم جيشها وسلاحها الجوي،بقصف مواقع عسكرية وحيوية ومدنية في سوريا دون رد من الجيش السوري، ما يعرف بالمعركة بين حربين،وهي تفعل ذلك أيضاً في ظل النظام السوري الجديد،دمرت معظم القدرات العسكرية والتسليحية والبحثية والعلمية السورية،ولا تتوقف عن التوغل واحتلال المزيد من الأراضي السورية،دون أي تحرك من قبل النظام الجديد.
اسرائيل تريد أن يكون لجيشها واجهزتها الأمنية في لبنان ،حرية الحركة والتدخل بذرائع شبهة التهديد العسكري والأمني،وان من حقها ان “تسيد” و”تميد” في الأرض اللبنانية وعدم احترام سيادتها،وأظن بان الدولة اللبنانية،ستقول اذا لم ينفذ الإنسحاب، بأنه ليس في ايدينا ما نفعله سوى الشكوى والمطالبة والضغط على الأطراف ذات العلاقة والمجتمع الدولي،ولكن هذا لن يجبر او يدفع اسرائيل وشريكتها امريكا على تنفيذ الإتفاق،والمقاومة والحزب اللذان وافقا على هدنة الستين يوميا على مضض. احتاجت تلك الفترة من أجل التعافي واستعادة قوتهما،ولذلك سيكون الإختبار بعد انتهاء فترة الستين يوماً،كيف ستتصرف المقاومة ازاء ذلك،وهي التي أكدت على لسان امينها العام الشيخ نعيم القاسم وقادتها،بأن اليوم الحادي والستين ليس كما قبله،وبأنها جاهزة للرد،وهي من تقرر متى وكيف سترد،وما هو اسلوب الرد والسلاح المستخدم في الرد،وسواء ردت المقاومة أو لم ترد فهي ستتعرض للهجوم والإنتقادات من قبل القوى المتامركة والمتصهينة في الداخل اللبناني،والتي عداء البعض منها للمقاومة اشد وأكثر من اسرائيل وأمريكا، عدم الرد سيقولون ،اذاً ما جدوى وجود سلاح غير سلاح الدولة اللبنانية، والرد أنهم يقامرون بامن لبنان واستقراره لحساب اجندات خارجية،وحكاية الحزب مع هؤلاء تقول،كما يقول المأثور الشعبي، ” لا مع ستي بخير ولا مع سيدي بخير”،و”تحيرنا يا قرعه من وين نبوسك”.
أما على جبهة قطاع غزة،فحجم التعارضات والخلافات والإنقسامات الإسرائيلية على خلفية وقف إطلاق النار والمشاهد التي نقلت اثناء النبضة الأولى من صفقة التبادل،والتي تنذر بسقوط حكومة الحرب التي يقودها نتنياهو،والتي اجمعت على أن اسرائيل اخفقت في تحقيق اهداف الحرب،استعادة الأسرى بدون مفاوضات،والقضاء على قوى المقاومة واخراجها من المشهد في القطاع،سلطة ومقاومة.
هناك اجماع في داخل اسرائيل نفسها، بأنها تلقت هزيمة قاسية،على خلفيتها وخلفية اتفاق وقف إطلاق النار واتفاق صفقة التبادل،استقال بن غفير وحزبه من الحكومة والإئتلاف،وسموتريتش كان يتحضر للإستقالة،رغم كل الرشاوي التي قدمها نتنياهو لهم،بإطلاق يدهم نحو ضم وتهويد الضفة وزرعها بالمستوطنات والمستوطنين،وشن حرب وعملية واسعة،هي الأضخم نوعية وحجماً ومداً على جنين ومخيمها،وتقطيع أوصال الضفة الغربية،وتكثيف نشر الحواجز العسكرية فيها،وزيادة اعداد البوابات على مداخل القرى والبلدات والمدن في الضفة الغربية.
تداعيات وقف الحرب وتنفيذ النبضة الأولى من صفقة التبادل،وصلت الى التدحرج نحو استقالات واسعة في المؤسسة العسكرية،لتطال رئيس اركان الجيش الإسرائيلي هيرتسي هليفي،وقائد المنطقة الجنوبية يارون فنيكل مان، وتحملهما لمسؤولية الفشل عن عملية السابع من اكتوبر،والتي قال فنكلمان،بأن مناظر الفشل سترافقه طوال حياته.
وللتعويض عن الفشل في تحقيق اهداف الحرب في لبنان وقطاع غزة،ولتقديم الرشاوي لبن غفير وسموتريتش وقوى اليمين المتطرف والصهيونية الدينية،حرك نتنياهو جيشه نحو الضفة الغربية،من أجل صرف أنظار الداخل الإسرائيلي عن ما جرى في قطاع غزة،ومن اجل رفع الروح المعنوية والنفسية للمستوطنين هناك واشعارهم بالأمن والأمان،وكذلك من أجل مصادرة كل مظاهر فرح الفلسطينيين بالإفراج عن جزء من اسراهم.وربما ما يجري التخطيط له ابعد من الضفة الغربية،وعندما يقول ترمب بأنه غير متيقن من ان اتفاق غزة سيصمد،ويقول سموتريتش معلقاً على استقالة هليفي، بأنه يرحب بالإستقالة،وان يحل محله رئيس اركان قوي وهجومي، وعلينا ان نستعد لإستئناف الحرب من أجل تحقيق اهدافها، فإسرائيل على ما يبدو وبعد تيقنها، بان اهداف حربها على الجبهتين الشمالية والجنوبية ،لم تغير الواقع والمعادلات،وهي ستعود للتساكن من جديد مع المقاومتين اللبنانية والفلسطينية، فهي ترى بأن خيار استمرار الحرب هو الذي يجب ان يكون له الأرجحية والأولوية.
الأيام القريبة القادمة ستجيب عن هذه التساؤلات،وأعتقد بأن المنطقة متجهة نحو التصعيد،وربما يتعدى ذلك الضفة الغربية، التي “الكابينت” الإسرائيلي الأمني والسياسي، أضافها الى اهداف الحرب في إجتماعه يوم الجمعة الماضي ،وما نشهده من تصعيد واسع على جنين ومخيمها،في عملية ما عرف ب” السور او الجدار الحديدي” هي من حيث حجمها ونوعيتها غير مسبوقة،وهي حتماً ستمتد الى بقية انحاء الضفة الغربية، التي يجري فرض حصار شامل عليها وتقطيع اوصالها واغلاقها وإضافة المزيد من الحواجز والبوابات على مداخل قراها وبلداتها ومدنها،وهذا قد يدفع بالمقاومة في قطاع غزة للرد على هذا العدوان،وبما يمكن نتنياهو وترمب من التحلل من اتفاق وقف إطلاق النار ،وكذلك عدم تنفيذ الإنسحاب الإسرائيلي الشامل حتى الخط الأزرق في جنوب لبنان،مع انتهاء فترة هدنة الستين يوماً،سيدفع حزب الله للرد،وبالتالي يتحلل نتنياهو من اتفاق وقف إطلاق نار يترنح.
فلسطين – القدس المحتلة